«فيينا 2» وذنب الضّب!
المفترض أن يلتئم (غداً السبت) الاجتماع، أو المؤتمر، المتعلق بحل الأزمة السورية، ولعل ما يشير إلى أن هذا المؤتمر، الذي دُعيت إليه دول كثيرة معظمها ليست إلا حمولة زائدة، سيكون مجرد قفزة في الهواء، ذلك أنَّ وزير الخارجية الألماني قد استبقه بتصريحات قال فيها إنه من غير المتوقع أن يكون هناك "بتٌّ" بمصير الرئيس السوري بشار الأسد، وأنَّ أهمية هذا الاجتماع تكمن في جلوس لاعبين (دولٍ) مُهِمِّين للمرة الأولى على طاولة واحدة.وأعرب فرانك فالتر شتاينماير عن اعتقاده أن اختلاف وجهات النظر الأميركية- الروسية إزاء هذه الأزمة؛ سيؤدي إلى عدم التوصل إلى أي تسوية سياسية، وأن عدم جلوس كل من تركيا وإيران والمملكة العربية السعودية على طاولة مفاوضات واحدة؛ لن يؤدي إلى أي حل أيضاً... والحقيقة أن ذلك مسألة معروفة ومفروغٌ منها، وأن هناك مثلاً يقول: "إذا كَثُر الطباخون تشيط الطبخة"، وأن أكبر جريمة ارتكبها بشار الأسد -بالإضافة إلى جرائمه الكثيرة- أنه فتح أبواب سورية على مصراعيها لكل من أراد التدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد، الذي ابتلي بأنظمة الانقلابات العسكرية منذ عام 1949 حتى انقلاب حافظ الأسد على "رفاقه"!! في 1970.
وبغض النظر عمّا قاله شتاينماير، فمن الواضح أنّ هذا "المهرجان"، المتوقع أن تشارك فيه نحو عشرين دولة وربما أكثر، سينشغل بقضية واحدة تعتبر أكثر تعقيداً من ذنب الضَّب، وهي الاتفاق على تحديد أسماء التنظيمات التي تعتبر إرهابية كي يتم إبعادها عن مفاوضات الحل المقترح، الذي يبدو أنه سيستند إلى الاقتراح الروسي الأخير الذي تم تسريبه للإعلام بصورة غير رسمية أكثر من استناده إلى صيغة "جنيف1" المعروفة. وهنا، من غير المعروف على أي أساس سيتم تصنيف عشرات التنظيمات السورية المعارضة طالما أنها كلها تحمل السلاح، وطالما أنّ "عناوين" معظمها إسلامية، بل طالما أن نظام بشار الأسد قتل أكثر من 300 ألف من أبناء الشعب السوري، هذا عدا الذين تمت تصفيتهم في السجون والمعتقلات، وعدا المفقودين، وطالما أن هناك أكثر من أربعين تشكيلاً طائفياً تم استيرادها من الكثير من الدول القريبة والبعيدة... وكلها بلا استثناء، ارتكبت جرائم بشعة، وأزهقت أرواحاً بريئة، وأحرقت ودمَّرت ونهبت!! ألم ترتكب ميليشيات "حزب الله" اللبناني في سورية جرائم بشعة بدوافع مذهبية وطائفية يندى لها الجبين، آخرها حرق شابٍ سوري جريمته أنه لا ينتمي إلى الطائفة التي ينتمي إليها هذا الحزب؟ ثم ألم يرتكب جنود وجنرالات حراس الثورة الإيرانية، وعلى رأسهم قاسم سليماني، جرائم ضد أبناء الشعب السوري من فئة معينة معروفة تقترب ببشاعتها من الجرائم التي ارتكبها تنظيم "داعش"، الذي لا نقاش ولا جدال إطلاقاً في أنه تنظيم إرهابي لابد من التخلص منه والقضاء عليه؟!عندما يصرّ الروس ومعهم إيران، وبالطبع نظام بشار الأسد، على أن كل فصائل وتنظيمات المعارضة السورية، بما في ذلك التنظيمات (المعتدلة)، مجموعات إرهابية، وأن المعارضة الوحيدة التي يجب التعاطي والتعامل معها هي المعارضة "المدجّنة"، التي هي في أغلبيتها صنيعة المخابرات السورية... فكيف بالإمكان يا ترى أن يحقق مهرجان "فيينا 2"، الذي سيلتئم اليوم، الحد الأدنى من النجاح؟ ثم كيف من الممكن التماشي مع ديميستورا والموافقة على أن "فيينا 1" حقق زخماً لابد من الحفاظ عليه، ومادام الوضع مزرياً، وما دام لم يتم الاتفاق بين الأميركيين والروس على مصير بشار الأسد ومصير نظامه، والأمر الوحيد الذي تم الاتفاق عليه هو أنه لا اتفاق حتى الآن على أي شيء.