غنيم: وضع المنطقة مُزرٍ... وندعم السعودية في أزمتها مع إيران

نشر في 05-01-2016 | 00:00
آخر تحديث 05-01-2016 | 00:00
No Image Caption
● «المطلوب من الكويت الحذر إذا أرادت لعب دور الوساطة بين الرياض وطهران»

● «اتهام الولايات المتحدة بخلق تنظيم داعش محض افتراء وجزء من الدعاية الإيرانية السوداء»
قال السفير الأميركي الأسبق إدوارد غنيم إن الولايات المتحدة لن تتخلى عن حلفائها، مضيفاً أنه على الكويت الحذر إذا أرادت لعب دور الوساطة في هذه الأزمة، لأن وجودها مرتبط بعلاقاتها الخارجية.

أكد السفير الأميركي الأسبق لدى البلاد إدوارد غنيم أنه رغم  تغير المواقف، التي صاحبت احتلال وتحرير الكويت، وتغير اهتمام الولايات المتحدة والكويت حول ملفات وقضايا معاصرة تركزان عليها، «فإننا حافظنا على الحد الأدنى وأسس العلاقات الدبلوماسية المشتركة التي لم تحد عنها قيادات الدولتين، وهذا ما بدا جلياً في التعاون الاقتصادي والأمني بين البلدين».

وأضاف غنيم, الذي يشغل أيضاً منصب أستاذ كرسي الكويت لشؤون الخليج والجزيرة العربية في جامعة جورج واشنطن, خلال مؤتمر صحافي عقد صباح أمس في مقر السفارة الأميركية، إن «العلاقات كانت ومازالت متينة وقوية جداً»، مستذكراً استخدام الحكومة الكويتية جميع مقدراتها للمساهمة في بناء التحالف الدولي.

السعودية وإيران

وقال غنيم حيال ما تشهده المنطقة، خصوصاً ما يتعلق بقطع العلاقات ما بين طهران والرياض، إن «المنطقة حالياً تمر بوضع مزر، والحل ليس سهلا»، مشدداً على أنه «ليس متفائلا بخصوص ما تحمله الأوضاع القادمة».

وأكد أن الإدارة الأميركية ستدعم السعودية في أزمتها مع إيران والتي انفجرت ووصلت إلى ذروتها مؤخراً، حيث تجمعنا علاقات قديمة واهتمامات مشتركة، مضيفا «انني أعلّم طلابي ضرورة بناء علاقات جيدة مع إيران، لأنها دولة مهمة في المنطقة، وعليها أن تمتلك زمام المبادرة حيال ذلك».

ولفت إلى أن التوترات موجودة بين الحين والآخر بشكل طبيعي، إلا أن ما نعول عليه هو الحكمة في التعامل معها.

وتعليقاً على إعدام ٤٧ شخصاً، على خلفية تورطهم في أعمال إرهابية، أوضح غنيم أن «الأمر قد تم بالفعل والكلام لن يغير شيئا، فلا أستطيع أن أقيم ما اذا كان قرار المملكة إيجابيا أم سلبيا، فالأمر يعود إلى حسابات المملكة، ومدى تورط هؤلاء الأشخاص في الأعمال الإرهابية»، مشدداً على ضرورة أن تبدي كل دول المنطقة حرصها على تخفيف حدة التوتر على قدم المساواة، مع حرصها على محاربة الإرهاب.

وحول التدخل الايراني في دول مجلس التعاون قال «نحن امام دولة كبيرة مثل إيران تحاول بناء نفوذها والسيطرة على دول المنطقة»، موضحا أن «الجانب الإيراني ليس لديه القدرة على خلق العديد من المشاكل في المنطقة، ولكن لديه قدرة بارعة في الاستفادة من الفرص التي تخلقها الظروف للسيطرة عليها، فعلى سبيل المثال الحوثيون في اليمن هم يمنيون, والإيرانيون استغلوا هذه الأحداث لصالحهم من خلال تقديم يد العون لهم،  كما انهم يعتمدون بشكل كبير على الدعاية السوداء حول  تراجع الدور الأميركي في المنطقة، و»الحقيقة لدينا العديد من القوات والسفن الحربية الموجودة بالفعل، وأميركا لن تتخلى عن المنطقة كما يروج الجانب الإيراني».

وأضاف «من خلال حديثي مع أصدقائي العراقيين، وجدت أن هذه الدعاية تساهم في خلق فتور في العلاقات بين أميركا وحلفائها».

وعما إذا كان قطع العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران ستتبعه خطوات مماثلة من دول مجلس التعاون، وهل هذا الإجراء سيسهم في إيقاف التدخل الإيراني في شؤون دول مجلس التعاون قال «لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال، ولكن عندما حاول بعض المحتجين الإيرانيين حرق السفارة السعودية في مشهد، كانت القوات الإيرانية تتدخل لمنعهم، وهذا يشكل تعبيراً على التزامها بحماية الدبلوماسيين»، معرباً عن إيمانه الشديد بأهمية الحوار لحل أي أزمة دبلوماسية بين بلدين».

الدعم الأميركي

وحول تأثير الدعم الأميركي لموقف السعودية في أزمتها مع إيران على العلاقات الأميركية- الإيرانية، والتي تشهد تحسناً ملحوظاً ظاهرياً قال «هذا أمر دقيق فعلا، ومن المحتمل ان يؤثر ذلك على العلاقات، وسيخلق بعض المشاكل، ولكن الرئيس الأميركي أوباما مصمم على وقف النشاط النووي الإيراني، ولن يتخذ أي قرار بشأن رفع العقوبات على إيران في حال وجود أي موقف سلبي، وعلى الجانب الأميركي مسؤولية كبيرة في الحفاظ على الاتفاق النووي في الطريق السليم، وهذا الأمر يعني الكثير للجانب الإيراني، الذي يرغب في رفع العقوبات لأغراض اقتصادية ودبلوماسية، ولذلك فالجانب الإيراني حريص على أن تسير العلاقات الدبلوماسية في الطريق المرسوم له».

وعن الدور المتوقع للكويت أن تلعبه كوسيط في الأزمة بين السعودية وإيران، إذ إن سمو الأمير تجمعه علاقات طيبة مع القيادات في كلا البلدين، قال «أعتقد انه من الأهمية بمكان ان تتمتع اي دولة بعلاقات مميزة مع جيرانها في المنطقة، ولكن ذلك ايضا يمثل جانبا من الخطورة، ويخلق العديد من المشاكل، لذلك يجب على الكويت الحذر، إلا أن ذلك في حد ذاته يعتبر مبادرة إيجابية، مشدداً على أن وجود الكويت مرتبط بعلاقاتها الخارجية الدولية، التي ساهمت بشكل مباشر في تحريرها من براثن العدوان الغاشم، لذلك عليها أن تكون حذرة في هذا الشأن».

«داعش»

ونفى غنيم ما نسب إلى مرشحة الرئاسة الأميركية هيلاري كيلنتون بشأن اتهامها للإدارة الأميركية بصناعة «داعش» بشدة، مؤكدا أن ذلك الأمر لم يرد في كتابها، وان اتهام الولايات المتحدة بخلق «داعش» هو محض افتراء ينفيه الواقع، وقاطعه السفير سيليمان قائلا إن «هذه المقاطع المختلقة وردت في الترجمة العربية، ولا أساس لها في النسخة الأصلية، وهي في مجملها جزء من الدعاية الإيرانية السوداء».

وشدد على أن «اهتمام بلاده بالمنطقة لايزال موجودا ولم يتغير، ولا علاقة لذلك بالنفط، ورغم جهود دول العالم للبحث عن مصادر بديلة للطاقة فإن الاعتماد على النفط مازال يمثل جانبا كبيرا من احتياجات مختلف دول العالم، فلم نحتج النفط يوما لكي نبني مواقفنا في المنطقة، ولم ولن نتوانى يوما عن الدفاع عن الأصدقاء في المنطقة».

وعن الاتهامات الموجهة لبعض أجهزة المخابرات الغربية بأنها تقف خلف تنظيم داعش: قال: «لقد قرأت الكثير من هذه الاتهامات، لكني لا اؤيدها او ادعمها، لاني ارى ان لديهم القدرة على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وبث أفكارهم لعدد كبير من الناس بجهد قليل، ولقد أثبتوا قدرتهم على ذلك، حيث إنهم لا يحتاجون إلى الملايين ليدعموهم، وجل ما يفعلونه هو وضع الدعوة عبر الإنترنت ليستقبلها الجميع، فهم لا يحتاجون إقناع الكثير من الناس بأفكارهم».

وأشار إلى أنه «لو نظرنا إلى أعداد من انضموا إلى داعش، وقاموا بعمليات انتحارية في مختلف دول العالم، فسنرى انهم قليلون، لكن كان لهم تأثير وضحايا كثيرون».

تأثير كبير

من جهته، أعرب السفير الأميركي لدى الكويت دوغلاس سيليمان عن سعادته بوجود السفير السابق إدوارد غنيم، الذي كان سفيرا لبلاده في الكويت قرابة ٢٥ عاما، موضحا ان للسفير غنيم تأثيرا كبيرا على حياته المهنية، كما انه استفاد كثيرا من نصائحه لما له من خبرة عريقة في هذه المنطقة، حيث عمل في ظروف صعبة، وعاصر فترة الغزو العراقي وتحرير الكويت.

أزمة الغزو... وقرار التحرير

حول زيارته للكويت، التي يحمل لها ذكريات كبيرة، وتجمعه علاقات شخصية وطيدة مع مختلف أبنائها قال غنيم إن رحلته الحالية اثارت في مخيلته ذكريات عديدة، حيث استذكر العديد من المشاهد التي صاحبت تحرير الكويت، لاسيما زيارة الرئيس الأميركي جورج بوش (الاب)، وحرارة استقباله، واصطفاف أبناء الشعب الكوبتي على جانبي الطريق ترحيبا به، حيث تعالت الهتافات بـ»هلا بوعبدالله».

وتابع انه يتذكر الأحداث التي صاحبت قرار تعيينه سفيرا لبلاده لدى الكويت قبل ٢٥ عاما، كما لو انها حدثت بالأمس القريب، موضحا ان الرئيس الاميركي جورج بوش (الأب) اختاره سفيرا لبلاده بالكويت في ربيع عام ١٩٩٠، قبل الغزو العراقي، إلا أن اعتماده تأخر الى ما بعد الغزو.

وأشار إلى رفض الرئيس الاميركي جورج بوش الخضوع لضغوطات صدام حسين، من خلال اللعب على ورقة السفارة، خشية ان يتم اعتقال أعضاء البعثة الدبلوماسية، لذلك انتقل إلى الطائف مع الحكومة الكويتية الشرعية، مضيفا أن هذه الفترة شهدت توترا وقلقا كبيرا بين صفوف الكويتيين على مستقبل بلادهم.

واردف انه قضى الكثير من وقته في هذه الفترة متحدثا مع المجموعات المختلفة والمعنية، شارحا موقف الولايات المتحدة الصلب تجاه الأزمة، والذي لخصه الرئيس بوش (الأب) في عبارة واحدة «لن نسمح بحدوث ذلك ابدا»، مشددا على الجهود الكبيرة التي بذلتها بلاده لحل الأزمة بالطرق السلمية قبل اللجوء الى الحل العسكري، غير أن المحاولات باءت بالفشل.

وأشار غنيم إلى اللقاء السري الذي جمع وزير خارجية بلاده آنذاك جيمس بيكر وسمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، لإبلاغه بأن الولايات المتحدة حسمت الامر، واتخذت القرار لتحرير الكويت عسكريا، بعد فشل المحاولات السلمية دون تحديد الموعد النهائي للعملية لدواع أمنية.

back to top