دهمت «جبهة النصرة»، صباح أمس، أهم إذاعة محلية في محافظة إدلب وصادرت محتوياتها واعتقلت لساعات مديرها الإعلامي البارز هادي العبدالله والصحافي والرسام الشهير رائد فارس، في وقت شكك «جيش الإسلام» في محادثات «جنيف 3» المرتقبة آخر يناير وطلب تزويده بصواريخ مضادة للطائرات لإجبار دمشق على التسوية السياسية.

Ad

باغتت «جبهة النصرة» صباح أمس إذاعة «فرش إف إم» الشهيرة في مدينة كفرنبل بمحافظة إدلب واعتقلت الناشطين الإعلاميين البارزين هادي العبدالله مديرها ورائد فارس التي يعمل فيها الثاني منذ 5 سنوات وصادرت جميع أجهزة البث الموجودة فيها كما قامت بتكسير المحتويات.

ووفق منسق العلاقات العامة والإعلام في ائتلاف المعارضة السورية سونير طالب، فإنها «ليست المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال فارس احتجاجاً على أداء الاذاعة التي تبث برامج منوعة وسياسية وبعد اتهامه بالعلمانية وموالاة الكفار».

وأضاف طالب بأن العبدالله، الذي شارك مع صحافيين أخيراً في إجراء مقابلة إعلامية مع زعيم «النصرة» أبومحمد الجولاني بثت في 12 ديسمبر، «كان في كل مرة يتولى الدفاع عن رائد لكن هذه المرة تم اعتقال الاثنين معاً».

وفي تركيا، اعتقلت السلطات 3 على علاقة بمقتل المعارض والإعلامي السوري ناجي الجرف رئيس تحرير مجلة «حنطة» المعارضة في وضح النهار في غازي عنتاب أواخر ديسمبر، بحسب وكالة أنباء «الأناضول الرسمية»، التي ذكرت أن المشتبهين قيد التوقيف بانتظار المحاكمة.

«جيش الإسلام»

سياسياً، اعتبر «جيش الإسلام»، ليل السبت- الأحد، أن من غير المقبول الحديث عن حل سياسي في جنيف بينما يموت الناس من الجوع والقصف، مشيراً إلى أن أفضل سبيل لإجبار حكومة بشار الأسد على التوصل لتسوية هو «السماح للدول الشقيقة بتزويد الثوار بصواريخ مضادة للطائرات».

وفي بيان أبرز مخاوف المعارضة من الجهود الدبلوماسية المكوكية لمبعوث الأمم المتحدة ستيفان ديميستورا لعقد «جنيف 3 « يوم 25 يناير الجاري، قال «جيش الإسلام»: «نحن مستعدون لتقديم كل الضمانات اللازمة والتعاون مع فريق دولي صديق للثورة لإنهاء المخاوف من إمكانية تسرب الصواريخ إلى قوى تستخدمها بشكل غير قانوني»، مشدداً على أن نجاح الحل السياسي «يعتمد على جدية المجتمع الدولي في الضغط على النظام المجرم لإيقاف القتل».

قائمة إيرانية

في السياق، كشف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حسين جابر أنصاري عن إعداد قائمة للمجموعات الإرهابية وفريق المعارضة السورية المفاوض، مشيراً إلى أن «إيران احتجت رسمياً على قائمة المجموعات المعارضة والإرهابية التي قدمها الأردن لاجتماع فيينا 3».

ونقلت وكالة أنباء الطلبة (إسنا) عن أنصاري أنه من المقرر أن تنشأ آلية محددة ليشارك اللاعبون الرئيسيون في إعداد القائمة، موضحاً أنه «حتى الآن لم يتم التوصل إلى نتيجة».

وفي وقت سابق، تم تسريب قائمة ببعض الأسماء المختارة من أعضاء وفد التفاوض ضمت 29 اسماً، في خطوة أربكت المعارضة، التي لم تطلع ديميستوراً عليها.

ولوحظ وجود تناقض في الأسماء المسربة ومنها عبدالمجيد حمو، خلف داهور، إدوار حشوة، نورة جيزازي، نصر الحريري، فؤاد عليكو، هشام مروه، جمال سليمان، فرح الأتاسي، عصام الريس، وغيرهم.

وأفاد مصدر في المعارضة أن ما تم تسريبه غير دقيق، وأما الأسماء بشكل عام فهي مطروحة لدورة تدريب في فن التفاوض، ولا يوجد قرار بإدراجها في الوفد المفاوض أو الاستشاري.

«سورية الديمقراطية»

وبينما نبّه نائب رئيس «الائتلاف» هشام مروة من أن «مطالبة وزير الخارجية وليد المعلم بالحصول على أسماء الوفد ولائحة التنظيمات التي يصمها بالإرهابية، تزيد الشكوك في أن الأسد وحلفاءه غير جادين في التعاطي مع عملية الانتقال»، انطلق، أمس، مؤتمر ممثلية «مجلس سورية الديمقراطية» في سويسرا، لتحديد العلاقة مع القوى السياسية والعسكرية التي انضمت إلى المجلس، والموقف من «جنيف-3» ومن قوى المعارضة السورية الأخرى.

مجاعة مضايا

ووسط أنباء عن إجبار ميليشيا «حزب الله» اللبناني ونظام الأسد سكان مضايا على التنازل عن ممتلكاتهم ومنازلهم مقابل الحصول على الغذاء، تفاقمت معاناة في البلدة المحاصرة منذ 7 أشهر في ريف دمشق، مع تأجيل وصول المساعدات الإنسانية والطبية حتى يوم غد الاثنين بعدما كان مقرراً وصولها، أمس، دون سبب واضح.

ورغم معاناة أهل مضايا، الذين يقدر عددهم بأكثر من 40 ألفاً، أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن إدخال المساعدات إلى مضايا في ريف دمشق وبلدتي كفريا والفوعة في ريف إدلب لن يحصل قبل الاثنين، وعزت ذلك لأسباب لوجستية.

ووفق هيئة الإذاعة البريطانية، فإن «التفاوض حول تأمين طريق آمن لوصول مساعدات إلى مناطق محاصرة، لطالما كان أمراً صعباً لأنه يتطلب موافقة من أعلى المستويات السياسية من جانبي الصراع، بالإضافة إلى المقاتلين على الأرض». ومن المتوقع القيام بعملية مماثلة لقريتين تسيطر عليهما الحكومة يوم الاثنين.

جبهة حلب

ميدانياً، أعلنت فصائل حلب، أمس، استعادة السيطرة على قريتي قرة كوبر والخربة في الريف الشمالي، بعد اشتباكات عنيفة مع «داعش»، استخدم فيها الأسلحة الثقيلة، بالتزامن مع غارات روسية تسببت بمقتل 19 مدنياً في المنطقة.

وأكدت وكالة «أعماق» المقربة من «داعش» أن مسلحي المعارضة هاجموا قرة كوبري تحت غطاء جوي من طائرة دون طيار تابعة للائتلاف الدولي بقيادة واشنطن، مشيراً أيضاً إلى أن القوات التركية استهدفت أيضاً قرية قرة كوبري خلال هجوم الثوار على مواقع التنظيم في القرية.

صناعات دمشق التقليدية والحرفية إلى الاندثار

مع اندلاع النزاع في سورية منذ منتصف مارس 2011، تضررت كل القطاعات الإنتاجية ومن بينها المهن التقليدية، التي بات يحيط بها «خطر محدق».

وبعدما دفعته الحرب إلى هجر ورشته الفسيحة على أطراف العاصمة، شكا محمد عبدالله صاحب مصنع الصدف الصغير في دمشق القديمة، «المصير الذي آلت إليه الحرفة الدمشقية»، التي يمارسها منذ أكثر من 25 عاماً «لقلة اليد العاملة بسبب الالتحاق بجبهات القتال أو الهجرة، وصعوبة تأمين المواد الأولية ونقل البضاعة».

وتعتمد صناعة الصدف على تزيين الخشب والعاج والعظم، والصدف بزخارف عربية وإسلامية، لصنع قطع اثاث وصناديق ذات نقوش وقطع للديكور، ويتطلب ذلك «عدداً كبيراً من العمال» للقيام بكل مراحل الحرفة.

وتنسحب المخاوف على مصير «صناعة الصدف» على صناعة النسيج العريقة في دمشق مثل «البروكار»، والأغباني المطرز والصاية.

ويقول بهاء التكريتي، الذي يدير منذ عقود ورشا لصنع الاغباني، ويملك متجراً في حي الحريقة التجاري، «انخفض إنتاجي الأسبوعي من ستين غطاء الى 6 وأحياناً 6 فقط».

وتمر صناعة الأغباني، وهو قماش من الكتان أو الأورغانزا مطرز بأشكال زخرفية متنوعة بألوان مختلفة، وغالباً ما يستخدم كأغطية للطاولات، «بمراحل عدة قبل أن تصل الى المتجر، وفي حال تعطلت مرحلة واحدة فإن العمل يتوقف بأكمله»، بحسب التكريتي.

وفي سوق المهن اليدوية في دمشق، والذي لطالما شكل مقصداً للسياح من أنحاء العالم، تتصدر «ورشة أحمد شكاكي للبروكار» واجهة السوق، والى جانبها عدد من المحال الصغيرة. ويقول شكاكي: «أدت الحرب الى عزوف جيل عن تعلم المهنة. اخشى على هذا النول أن يتوقف عن الحياكة».

وفي سوق الخياطين الواقع في سوق الحميدية الشهير، يقف سامر النقطة وسط متجره، الذي يعود الى عام 1929 ليستعرض بفخر أوشحة ملونة من الحرير الطبيعي مصنعة يدويا، بينما يجهل مصير معمله الواقع في بلدة عين ترما في ريف دمشق بسبب المعارك.

(دمشق، طهران، أنقرة، جنيف - أ ف ب، رويترز، د ب أ، كونا)