انقسامات «المنظمة» وراء استمرار تدني أسعار النفط

نشر في 12-12-2015
آخر تحديث 12-12-2015 | 00:01
على أمل إخفاء الانقسام الداخلي لاحظ بيان رسمي صدر عن "أوبك" الأسبوع الماضي أن استعراض الوضع الراهن لسوق النفط أفضى إلى احترام أفكار كل الدول الأعضاء الهادفة إلى التوصل لطرق للتعامل مع التحديات التي تواجه اليوم تلك الدول في الأسواق العالمية.
 بلومبرغ • أكد فشل الدول المصدرة للبترول (أوبك) في التوصل الى أي اتفاقية ذات معنى في اجتماعها الأخير الذي عقدته في فيينا في الأسبوع الماضي، أن العاصفة التاريخية التي لحقت بأسواق النفط قد خفضت بصورة لافتة فعالية ونفوذ هذه المنظمة التي كانت تتمتع بالقوة في الماضي.

وبعيداً عن اضافة عنصر الاستقرار فإن الانقسامات الداخلية في منظمة "أوبك" سوف تسهم في تحقيق المزيد من التقلبات في أسواق النفط مع استمرار الهبوط في الأسعار فترة أطول من توقعات العديد من الخبراء والمحللين.

وقد تعرض سوق النفط لهزة تمثلت في عاصفة كاملة، مع التقاء ثلاثة عوامل معاً، وكان جانب العرض قد تزعزع من خلال تدخل العنصر المتمثل في تقنية الزيت الصخري، كما قوض جانب الطلب التراجع في النمو العالمي بشكل عام والهبوط النسبي الحاد في الاقتصادات الناشئة بصورة خاصة، أما العامل الثالث المتمثل في دور المنتج المحدد الذي كانت تلعبه في الماضي المملكة العربية السعودية وبعض شركائها في "أوبك"، من خلال خفض انتاج النفط عندما تنخفض أسعاره، فقد انتقل بشكل فعلي الى الولايات المتحدة، ونقل هذا التطور آلية السوق من القرارات المتميزة في تشديد العرض والإمداد الى انتظار قوى العرض والطلب الطبيعية للسوق كي تحدد الوتيرة المطلوبة.

انهيار الأسعار

الانهيار الذي لحق بأسعار النفط خفض بصورة حادة أرباح التصدير بالنسبة الى كل الدول المصدرة، ولكن مرونة تلك الدول، بما في ذلك قدرتها على ادارة اقتصادها مع دخل منخفض، قد اختلفت بصورة بارزة ولافتة.

والبعض من تلك الدول، مثل المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة، تملك احتياطيات مالية كافية، بينما راكمت دول اخرى الثروة وقدرة ديون ومرونة في السياسة من أجل ادارة وتدبير الانتقال الطويل الأجل نحو نظام نفطي يفضي الى طرد العديد من المزودين غير التقليديين عن طريق الأسعار المتدنية، في وقت تعرضت دول أخرى مثل فنزويلا لزعزعة وضعها بطرق تمتد الى ما هو أبعد من العوامل الاقتصادية والمالية، وأفرزت امكانية متزايدة من الاضطرابات السياسية والاجتماعية، وإذا وضعنا هاتين المجموعتين من العوامل معاً في قاعة تفاوض تصبح الاختلافات كبيرة إن لم نقل مضمونة ومؤكدة.

إخفاء الانقسامات الداخلية

وعلى أمل اخفاء درجة الانقسام الداخلي لاحظ البيان الرسمي الذي صدر عن منظمة "أوبك" في الأسبوع الماضي أن "استعراض الوضع الراهن لسوق النفط أفضى الى احترام أفكار كل الدول الأعضاء الهادفة الى التوصل الى طرق ووسائل من أجل التعامل مع التحديات التي تواجه تلك الدول في أسواق النفط العالمية اليوم".

وعن دور العمل، طرح البيان المشار اليه مؤشراً ضعيفاً الى حد ما، حيث قال: "يتعين على الدول الأعضاء الاستمرار بمراقبة التطورات في الأشهر المقبلة بصورة وثيقة".

وفي غياب أي اتفاق جديد أبقت "أوبك" حصص الانتاج الحالية الى أن يجتمع وزراء النفط من جديد في شهر يونيو المقبل، وبشكل عملي لن تشعر الدول الأعضاء أنها مقيدة بأي اتفاقيات من "أوبك" حول مستويات الانتاج، ونتيجة لذلك من المحتمل أن تنتج تلك الدول الكميات التي تستطيع تحقيقها، ولكن كل واحدة ستقوم بذلك وفقاً لأسبابها الخاصة.

وبالنسبة إلى الدول الأحسن حالاً في منظمة أوبك، فإن انتاج المزيد من النفط في الوقت الراهن يهدف الى ضمان مركز تنافسي أفضل في المستقبل، مع مبادلة التضحية اليوم من أجل ضمان رفاهية أجيال المستقبل، وبالنسبة إلى الدول المكافحة يتمثل الهدف في تحقيق أكبر قدر ممكن من الدخل، وفي أسرع وقت ممكن، وذلك بغية اجتناب التشويش الداخلي الرئيسي خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وباستثناء حدوث هزة رئيسية مدفوعة بعوامل جيوسياسية، فإن هذه المجموعة من الديناميكية ستعني أن أسعار النفط سوف تظل متدنية ومتقلبة لفترة من الزمن، ومع مرور الوقت فإن هذا السعر سيخرج منتجي الطاقة من ذوي التكلفة الأعلى كما سوف يشجع زيادة في الطلب، وهو ما سوف يعيد نفوذ منظمة "أوبك". وفي الأجل القصير – على أي حال – سوف يكون لدى المنظمة القليل من التأثير على استقرار هذا السوق النفطي القلق والمشوش.

* محمد العريان | Mohamed El–Erian

back to top