ياسر جاد: {الاستعراض} آفة النقد التشكيلي
• أصدر كتابه «قراءة في التشكيل المصري المعاصر»
عن {الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية}، أصدر الناقد المصري ياسر جاد كتابه الجديد {قراءة في التشكيل المصري المعاصر}، وأجرى مراسم توقيعه على هامش المؤتمر الثاني للتشكيليين العرب الذي عقد أخيراً في الكويت. يضم الكتاب قراءة في تجربة 25 فناناً تشكيلياً، أثبتوا وجودهم في الحركة الفنية المصرية بمختلف مجالاتها. حول كتابه ورؤيته ومسيرته، التقت {الجريدة} المؤلف في الحوار التالي.
ما الذي دفعك لتقديم كتابك الجديد {قراءة في التشكيل المصري المعاصر}؟لم أفكر في الاقتراب من قراءة اﻷعمال التشكيلية بصورة علنية، فقد داومت على تلك العادة في صمت ولسنوات طويلة، وكنت أجد في قراءتي نوعاً من أنواع محاولات الفهم لطبيعة المحتوى ودلالته، ومحاولة استيعاب تلك الرسالة التي يقدمها الفنان التشكيلي من خلال اللوحة أو الكتلة أو الصياغة الفنية أياً كان وسيطها. ومن خلال عملي في قاعات العرض لسنوات طويلة كمنفذ للعروض، تمكنت من الاقتراب من أطراف العملية اﻹبداعية كافة، وكنت واظبت على كتابة خواطري اليومية عن تلك المهنة الغريبة، والتي تعد من المهن الجيدة والمهمة في أنحاء العالم كافة، وتحظى بتقدير كبير، بينما في مصر للأسف لا تقدر بالشكل اللائق. طوال تلك الفترة، كنت أجد ما يقدم من مطبوعات يحمل طابعاً من التوجيه لفئة بعينها، متخصصة في الفنون من ممارسين ودارسين، وتحمل الإصدارات كلها رتابة للمتلقي العادي، ويعزف عنها الجميع. ثمة جدار جليدي سميك بين طبقات الشعب وفئاته المختلفة من جهة، وبين الفنان التشكيلي ومنتجه الفني من جهة أخرى، كما أن المنجز النقدي الموجود حالياً يخاطب تلك النخبة الوهمية والتي لا يتعدى عددها المئات في بلد قوامه مئة مليون، إذ يعتمد لغة تحمل من المصطلحات الاستعراضية والتي يعزف عنها المتلقي، بل ويجعل منها مادة للسخرية، ذلك طبعاً رغم وجود بعض الكتابات الجادة والتجارب المثقفة، ولكنها تخاطب - كما سبق وذكرت - فئة بعينها محدودة العدد.أردت أن أقدم شكلاً مغايراً لقراءة العمل التشكيلي بصورة أبسط تجذب عدداً أكبر من عموم الناس، ومن خلال وجهة نظر مصرية بحتة لا تأخذ صكوك اﻹجازة من واقع أوروبي صرف، فنحن نملك من المرجعيات التاريخية واﻷثرية ما يكفي، وما تزخر به من فنون يمكننا من وضع المدرسة الخاصة بنا بقراءة معاصرة تواكب زماننا، وبلغة تسهل مطالعتها من أفراد مجتمعنا.لماذا اخترت 25 فناناً في الجزء اﻷول، هل هذا من قبيل المصادفة، أم أن ثمة رابطاً يجمع بينهم؟لم أكن أنوي تحديد عدد بعينه من الفنانين، ووجدت أنني مع المواظبة على القراءة في أعمال كثير من الفنانين قد جمعت مادة كبيرة، كذلك لاحظت أن المتن وحده لن يكفي ليصبح عنصراً جاذباً في الكتاب، فلا بد للمتلقي والقارئ من أن يقارنا بين المتن وبين العمل الفني حتى يوقع ذلك في نفسه تلك المصداقية للنص، بالإضافة إلى أن وجود صورة جيدة توضح طبيعة العمل هي حالة من حالات التثقيف البصري للقارئ، وهو أحد أهداف الكتاب. أما في ما يتعلّق باختيار فناني الجزء اﻷول فلا يتوافر معيار لوجودهم سوى منجزهم الفني الجيد والمؤثر من وجهة نظري والمتحقق على المستوى الفني، ولن تخضع أجزاء الكتاب كافة سوى لتراتبية الرصد وإتاحة الفرصة لشخصي المتواضع لقراءة أعمال الفنانين.لماذا عهدت إلى تقديم الكتاب على أجزاء متتالية، من دون جمعها في كتاب واحد ما دامت الفكرة واحدة؟ مع زيادة عدد الفنانين وتخصيص عدد من الصفحات لكل فنان يتراوح بين 10 إلى 12 صفحة من القطع الكبير، وجدت أنني أمام كتاب ضخم، ففكرت في تقسيمه إلى أجزاء عدة، يضم كل منها 25 فناناً. أعكف حالياً على الجزأين الثالث والرابع، ووجدت أن التجزئة ستمنحني مقدمات مختلفة من قامات ثقافية كبيرة، أعتقد أن تقديمهم للأجزاء ستمنح كل جزء تنقيحاً ومراجعة وتأهيلاً للخروج إلى المتلقي والقارئ. قدّم الجزء اﻷول المفكر الدكتور شاكر عبد الحميد، وزير الثقافة اﻷسبق وأستاذ علم نفس اﻹبداع في أكاديمية الفنون، وهو من وجهة نظري بمثابة إجازة أكاديمية لمنجزي في الجزء اﻷول.لماذا الطباعة من خلال الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية؟هاتفتني الفنانة والصديقة الكويتية منى الدويسان، وطلبت أن أحضر لمقابلة الفنان عبدالرسول سلمان، رئيس الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية، والذي أبدى رغبته في أن تطبع الجمعية الكتاب. وبعد مقابلتي الفنان عبدالرسول سلمان في القاهرة، تمت دعوتي على جدول أعمال المؤتمر الثاني للتشكيليين العرب لتوقيع الكتاب في العاصمة الكويتية، والذي أنتجته الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية برعاية {صندوق التنمية الكويتي}، ضمن سلسلة الموسوعة العربية للفنون التشكيلية.ماذا عن الجزء الثاني من الكتاب؟ تم الانتهاء منه منذ أيام، وأعكف راهناً على أعمال الغرافيك وجمع المادة المصورة الخاصة باﻷعمال، وفي انتظار المقدمة. يضم الجزء الثاني 25 فناناً من الفنانين المعاصرين ما بين مصورين وحفارين ونحاتين وخزافين وفناني العمل المركب والمفاهيمية، والذين أفخر بتجاربهم جميعاً.ما رؤيتك للمشهد النقدي الحالي؟أرى أن المشهد النقدي الحالي في مصر يضم مجموعة رائعة من المشتغلين فيه، ولديهم تجاربهم ووجهة نظرهم كل حسب منهجه وأسلوبه، وأجدهم مجموعة مجتهدة ومتنوعة الأساليب، ولكل منهم إسهاماته التي تحترم، فمنهم اﻷكاديمي أو الناقد الحر ومنهم المؤرخ، وصاحب وجهات النظر.