بالعربي المشرمح: قاتل الله المال!
من السذاجة أن نعتقد أن كل ملتحٍ رجل دين تقي وطاهر ويستحق منا الثقة، ومن الغباء أن نظن أن كل منادٍ بشعارات الحرية والديمقراطية رجل مثقف ذو فكر حر، كما أنه من الجهل أن نعتبر كل كاتب يحارب الجهل والفقر والظلم رجلاً قومياً حاملاً لهموم أمته.الحقيقة التي اكتشفناها بعد ثورات الربيع العربي أثبتت أن معظم الأنظمة العربية صنعت لنفسها شخصيات دينية وليبرالية وكتاباً تستثمرهم وقت الحاجة وتسخرهم لأهدافها ومشروعاتها، فها نحن اليوم نرى رجال الدين كيف يفتون بتحريم الخروج للمطالبة بالحقوق الطبيعية للشعوب، وكيف يحللون للأنظمة قتل شعوبها بحجة الإرهاب، وكيف يمارسون دَجَل التبرير للاعتقال والظلم والقهر الذي تتعرض له الشعوب العربية، كما نرى دعاة الليبرالية ممن صنعتهم الأنظمة العربية كيف سقطت أقنعتهم عندما وصل التيار الإسلامي السياسي إلى سدة الحكم عبر صناديق الاقتراع، بل وسقطت شعاراتهم حين شجعوا، وصمت بعضهم عن الانقلاب على الديمقراطية التي يتبجحون بها، أضف إلى ذلك حين هاجموا الحراك والمظاهرات السلمية للشعوب ووصفوها بالفوضى والهمجية كما وصفوا القائمين عليها بالرعاع فانقلبوا على شعاراتهم ومبادئهم، فقط لأنهم «صناعة حكومية» لم يؤمنوا بتلك المبادئ شأنهم شأن وعاظ السلاطين الذي يعلنون خلافهم معهم، وهم يعملون لجهة واحدة.
أيضاً كان هناك كتاب ومثقفون يكتبون عن الفقر والقهر والظلم ويحاربونه على صفحاتهم الصفراء، وما إن ثارت الشعوب لتتحرر من الفقر والقهر والظلم وتطالب بحريتها وكرامتها وحقوقها فإذا بأقلامهم تتحول إلى سهام قاتلة ومحرضة ضد الشعوب. كل هؤلاء تتلمذوا ودرسوا الدين والإنسانية والليبرالية دون أن يؤمنوا بشيء منها، بل امتهنوها كوظائف تدر عليهم المال وتسهل لهم مصالحهم الشخصية، الأمر الذي جعلنا نكتشفهم في أول اختبار لهم، وها هم اليوم يتساقطون وتنكشف أقنعتهم للشعوب العربية التي كانت في يوم من الأيام تظن بهم الخير وتعتقد صدقهم ومصداقيتهم، فإذا بهم يتساقطون الواحد تلو الآخر وتتضح أهدافهم.يعني بالعربي المشرمح:أغلبية الأنظمة العربية لها أذرع دينية وليبرالية ومثقفون يدّعون المثالية والنبل والمبادئ الإنسانية، بينما هم بخلاف ما يدعون، بل جميعهم موظفون يتقاضون نظير ما يفعلون المال والجاه والحظوة، وها نحن اليوم نراهم يتساقطون أمامنا.