شيع في العاصمة المصرية أمس الممثل ممدوح عبدالعليم عقب وفاته بنوبة قلبية عن عمر ستين عاماً وهو يمارس الرياضة، وجرت مراسم التشييع في مسجد مصطفى محمود في القاهرة، بحضور مجموعة كبيرة من محبي الراحل، الذي تميز بالموهبة الحقيقية، والالتزام والحرص على تقديم أدوار مغايرة.

Ad

رحل عن عالمنا أمس الأول الفنان الكبير ممدوح عبدالعليم عن عمر ناهز الـ60 عاماً، وهو من مواليد 10 يونيو عام 1956، وارتبط اسمه بالدراما التلفزيونية، رغم مشاركاته العديدة والملحوظة في السينما المصرية.

الجمهور عرف ممدوح عبدالعليم من خلال التلفزيون، حيث بدأ ارتباطه بالفن من خلال برامج الأطفال بالإذاعة والتلفزيون، وتتلمذ على يد المخرجة إنعام محمد علي- مخرجة البرامج بالتلفزيون آنذاك- ثم على يد المخرج الكبير نور الدمرداش، الذي قدمه وهو طفل صغير في مسلسل "الجنة العذراء" مع الفنانة الكبيرة كريمة مختار، وفي عام 1980 بدأ مشوار التمثيل وهو شاب في مسلسل "أصيلة" مع كريمة مختار أيضاً، ثم توالت أعماله التلفزيونية بغزارة.

ولد الراحل بقرية سنتريس -مركز أشمون- بمحافظة المنوفية، وقد درس "الاقتصاد والعلوم السياسية" بجامعة القاهرة، وله ابنة واحدة تدعى أميرة أنجبها من زوجته المذيعة شافكي المنيري التي تزوجها منتصف التسعينيات.

الفن والسياسة

حمل عبدالعليم في كل أعماله هموم وقضايا مجتمعه ووطنه سواء في السينما أو في التلفزيون، ولم يعتمد على ملامحه التي جعلته يلعب أدوار الجان بكل تمكن، بل كان حريصاً أن يكون واحداً من المثقفين الذي كانت له وجهات نظر في شتى الموضوعات المختلفة في الفن والسياسة والمجتمع، وتميز الراحل بخلقه الرفيع وتواضعه الجم.

كان الراحل يستعد لتقديم الجزء السادس من مسلسل "ليالي الحلمية"، وكان قد جلس مع فريق عمل الجزء الجديد المكون من المؤلفين عمرو محمود ياسين، وأيمن بهجت قمر، والمخرج مجدي أبوعميرة، وأخبروه بتفاصيل دوره في الجزء الجديد الذي أثار ضجة فور إعلانه، لكن القدر لم يمهله حتى يجسد  دوره.

كان ممدوح عبدالعليم عاشقاً للدراما، حيث قدم أدواراً مهمة للتلفزيون جعلت اسمه يرتبط بالدراما أكثر من السينما، إذ اشترك في عدد من كلاسيكيات الدراما العربية والمصرية، فقد طل على الجمهور في مسلسلات "القاهرة والناس"، و"صيام صيام"، و"أخو البنات"، و"ليلة القبض على فاطمة"، وجسد أهم أدواره الدرامية من خلال شخصية "علي البدري" بمسلسل "ليالي الحلمية"، وجسد دور "رفيع بيه" من خلال مسلسل "الضوء الشارد"، الذي كان أهم أدواره المحفورة في ذاكرة المشاهدين، وجسّد البطولة أيضاً في مسلسل "الحب موتاً"، و"المصراوية 2"، و"خالتي صفية والدير"، و"جمهورية زفتى"، ومسلسل "السيدة الأولى" مع النجمة غادة عبدالرازق.

أما السينما فقد بدأ العمل فيها من خلال فيلم "العذراء والشعر الأبيض"، وتألق في فيلم "شارع المواردي"، ثم توالت أعماله السينمائية مثل أفلام "مشوار عمر"، و"البريء" مع النجم أحمد زكي، و"الحرافيش"، و"بطل من ورق"، و"كتيبة الإعدام"، و"البدرون"، و"سوبر ماركت"، و"رومانتيكا"، و"سمع هس"، و"الملائكة لا تسكن الأرض".

نال الفنان الراحل عدداً من الجوائز والتكريمات خلال مشواره الفني، حيث حصل على جائزة أفضل وجه جديد عن فيلم "قهوة المواردي"، وجائزة مهرجان الإسكندرية عن أول بطولة مطلقة في فيلم "الخادمة"، وكذلك على جائزة عن دوره في فيلم "العذراء والشعر الأبيض".

الناقد الفني طارق الشناوي أبدى حزنه الشديد بسبب خبر رحيل صديقه ممدوح عبدالعليم، مؤكداً أنه كان إنساناً رائعاً لم يدخل في أي صراع مع أحد طوال مسيرته الفنية قائلاً: "ممدوح كانت له وجهة نظر في ما يقدمه للجمهور، لذلك كان يقدم أعمالاً قليلة ينتقيها بعناية فائقة، وهو ما جعله غير موجود بكثرة على الشاشة".

أما الناقدة ماجدة خيرالله فقد أكدت أن ممدوح عبدالعليم لم يكن فناناً عادياً، بل امتلك شخصية متفردة في الأداء الدرامي للشخصيات التي يقدمها، وهو واحد من أكثر الأجيال موهبة في تاريخ الفن المصري.

من جانبه، قال الناقد الفني محمود عبدالشكور، إن "ممدوح عبدالعليم كان ممثلاً مدهشاً، لم يقدم كل ما عنده ولم تخدم الظروف جيله الذي نضج مع ظهور سينما المقاولات العمومية".

النجوم يرثونه بالدموع: صاحب موهبة متفردة

رثى الفنانون المصريون والعرب زميلهم الراحل ممدوح عبدالعليم، مؤكدين أنه كان صاحب موهبة متفردة، مشيرين إلى أخلاقه الكريمة التي لمسوها في كثير من المواقف الرائعة.

وبكى النجم هشام سليم بعدما علم بخبر وفاة عبدالعليم، مؤكداً لـ"الجريدة" أنهما كانا سيلتقيان قريباً لبدء تصوير الجزء الجديد من "الحلمية"، مشيراً إلى أنه كان على اتصال دائم بالنجم الراحل الذي يعتبره إنساناً من طراز خاص.

وقال المخرج الكبير مجدي أبوعميرة الذي عمل مع الراحل من خلال مسلسل "الضوء الشارد": "وداعاً ممدوح عبدالعليم، وداعاً رفيع بيه الذي أعاد بهذه الشخصية الاعتبار للأعمال الصعيدية ورد لها هيبتها بما تحمله من معان راقية ونبل،.

أما الفنانة رانيا فريد شوقي التي شاركت معه في بطولة مسلسل "الضوء الشارد" فتقول: "عندما علمت بهذا الخبر الأليم مر في عقلي شريط ذكرياتي مع هذا الفنان الجميل".

أما المخرج الكبير أحمد النحاس فأوضح أن الراحل الكبير ملأ الدنيا أخلاقاً وفناً بعدما ابتعد عن مهاترات الوسط الفني واكتفى بالعمل فقط حيث كان يكره الضوضاء والأضواء مكتفياً بالتركيز في أدواره التمثيلية المنتقاة بعناية.

أما الفنان القدير صلاح عبدالله، فأوضح أنه لا يستطيع تمالك نفسه من البكاء بسبب علاقة الصداقة التي ربطتهما منذ أيام مسرح الجامعة ثم العمل معاً من خلال مسلسل "الشراقي" وبعض الأعمال الأخرى.

ومن جانبه، أكد رئيس اتحاد النقابات الفنية عمر عبدالعزيز أنه كان على صداقة كبيرة مع الراحل ممدوح عبدالعليم، معتبراً إياه مثالاً ونموذجاً حياً للفنان المحترف، مؤكداً أنه كان مثقفاً حقيقياً وعلى علاقة جيدة بكل الوسط الفني.

وبكى عمرو محمود ياسين بشدة فور علمه بنبأ رحيل عبدالعليم حيث إنه يكتب دوره في الجزء السادس من "ليالي الحلمية" قائلاً: "لحظة صعبة أن يأتيني خبر وفاة ممدوح عبدالعليم في الوقت اللي أنا بأكتب فيه دوره في الحلمية"، مضيفاً: "إحساس صعب جداً. ربنا يرحمه".

أما النجمة إلهام شاهين فقالت: "لا أصدق ما حدث ولا أستوعبه"، مشيرة إلى أنهما تحدثا تليفونياً منذ ثلاثة أيام واتفقا على بعض الخطوط العريضة الخاصة بالجزء الجديد من "ليالي الحلمية".

ونعى الفنانون أحمد السقا ومجدي كامل وشريف منير الراحل عبر مواقع التواصل.