الكويت الكيان الجميل الذي يحسدنا عليه القاصي والداني لا تستحق منا إلا المحافظة عليها، فالكويت جميلة والإصلاح طريقه سهل متى ما صدقت النوايا، وتحققت دعائم العدل والمساواة دون تمييز لعرق أو دين، فلقد حبانا الله بكل مقومات النجاح الاجتماعية والمادية وأسرة الحكم التي ارتضاها كل الشعب، فلنلتفت إلى بنائها، فالطريق مازال ممهداً والأمل مازال قائماً.

Ad

مقومات الأمن كثيرة ومتعددة ويجب ألا نحصرها بالجانب الأمني بالرغم من أهميته في مكافحة الجريمة، ومهما بلغت القدرات الأمنية وإمكاناتها فلا تستطع لوحدها الوقوف بوجه الإرهاب دون تعاضد مؤسسات المجتمع مادام هناك من يضمر السوء ويحرك ضمائر هذا السوء.

الفارق الذي تصنعه المجتمعات لا ينحصر في القضاء على الإرهاب كمهمة مستحيلة، ولكن بقدرتها على عزل مرتكبيه عن بقية مكونات المجتمع، وهو أمر تعرض له ديننا العظيم في الكثير من النصوص القرآنية "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى"، ناهيك عن تقنين أدوات العقوبة "لا إفراط ولا تفريط".

لنا في النبي الأكرم القدوة الحسنة، فقد كان ذا خلق عظيم، ولم يكن عامل تفريق، بل عامل جمع، وعلى الرغم من كم القمع والدسائس الذي تعرض له من كفار قريش هو وأتباعه فإنه لم يأخذ أهلهم بجريرتهم، فتجلت كل صور الأخلاق والإنسانية العظيمة فيه، إلا أننا وفي مجتمعاتنا العربية والإسلامية لا نأخذ بسيرته، ولم نعد ندفع الإساءة بالحسنة كما أوصانا الله "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ".   

حاجتنا اليوم أكبر بالعودة للمفهوم الأصيل لمعنى العدالة التي جاء بها ديننا الحنيف، ونص عليها الدستور الكويتي، وأقرت مضمونها المجتمعات المتحضرة، التي رغم تعرضها للإرهاب فإن شعوبها استطاعت تجاوز الارتدادات التي تحدثها عادةً مثل تلك الجرائم عبر ترك السلطات المعنية، ومنها احترام القضاء في اتخاذ التدابير اللازمة التي تحمي المجتمع.

أسئلة كثيرة نحتاج إلى الإجابة عنها بكل شفافية، وفي مقدمتها: هل استطعنا كمجتمع تجاوز مرحلة الاصطفاف الطائفي والمذهبي أم ما زلنا نعيش هذه المرحلة، ونتصرف بها وفق منظور المصلحة الخاصة؟ وهل المجتمع قادر على تجاوز هذا الاصطفاف في المنظور القريب؟

الإجابة (نعم) إذا ما استطاع المجتمع المدني وقف حالة التشفي والتخوين التي يتدافع إليها بعض النخب والشباب في "تويتر" ووسائل التواصل الاجتماعي، والمحزن في تبعات الإرهاب كم الفرح والنشوة الذي يظهره البعض عند ضلوع بعض الكويتيين ممن لهم علاقة مع الجماعات الإرهابية سواء داخل الكويت أو خارجها، عوضاً عن أن يدعو الله ألا يكونوا أصلاً من المواطنين.  

الكويت الكيان الجميل الذي يحسدنا عليه القاصي والداني لا تستحق منا إلا المحافظة عليها، فالكويت جميلة والإصلاح طريقه سهل متى ما صدقت النوايا، وتحققت دعائم العدل والمساواة دون تمييز لعرق أو دين، فلقد حبانا الله بكل مقومات النجاح الاجتماعية والمادية وأسرة الحكم التي ارتضاها كل الشعب، فلنلتفت إلى بنائها، فالطريق مازال ممهداً والأمل مازال قائماً.

ودمتم سالمين.