شيرين هنائي: أنا شخصية متشائمة وأكره تركيبة المرأة الشرقية

نشر في 06-11-2015 | 00:01
آخر تحديث 06-11-2015 | 00:01
انتهجت الأديبة شيرين هنائي طريقاً غير مألوف لكثيرين في مصر بكتابتها ما يسمى {أدب الرعب}، إذ تعد الأولى التي اختارت هذا اللون من الأدب، لتنافس أدباء شباناً لمعت أسماؤهم في الفترة الأخيرة كأحمد خالد توفيق، وحسن الجندي، ومحمد عصمت، وغيرهم.
شيرين هنائي تركيبة فريدة، لا تستطيع التخلي عن تشاؤمها في نظرتها إلى الحياة وتعاملاتها مع الآخرين، لذلك تدور أحداث رواياتها في جو مقبض موحش، يدفعك للانتهاء سريعاً من القراءة للخلاص من وطأة ثقل أجوائها الأسطورية، وهي تعترف بأن تجاربها في الحياة أحدثت خدوشاً لن تزول من شخصيتها، لذلك تداوم على زيارة طبيبتها النفسية، لأنها لا تستطيع التمييز بين الواقع والخيال في أحيان كثيرة... {الجريدة} التقتها وكان هذا الحوار.
رغم دراستك الفنون الجميلة، اتجهت إلى كتابة أدب الرعب، ما هي الينابيع التي شكلت وجدانك، وما نوع قراءاتك؟

أثرت دراستي في كلية الفنون الجميلة على رؤيتي بشكل عام للعالم، ومع قراءاتي كتب

د. مصطفى محمود، وأنيس منصور، بشكل أساسي مبكراً، ومع إتقاني اللغات الأجنبية، أحببت كتابات ستيفن كينغ بشدة. ومع قراءاتي المستمرة لكتابات د. أحمد خالد توفيق، وإبراهيم الكوني، وصنع الله إبراهيم، ويوسف زيدان، تشكل وجداني، بالإضافة إلى كتابات إيتالو كالفينو، خوسيه ساراماغو، تشاك بولانيك، باتريك سوزكيند، ميشائيل إنده، وأخيرا أحببت كتابات ج ك رولينغ، وسوزان كولنز، وجيليان فلين، ربما ذلك كله ساهم في اتجاهاتي من دون أن أعلم.

ما الذي جذبك إلى هذا اللون من الكتابة؟

أعشق الأجواء الخيالية الممزوجة بأحداث حقيقية، وكتاباتي فانتازيا فلسفية قد يشوبها بعض مشاهد مرعبة، ولست مع من يقول إن كتابة أدب الرعب موجة وتزول مع الوقت، لأن من يستمر هو من يملك الموهبة الحقيقية. يمر الأدب في مصر عادة بموجات من اتباع نوعية الأدب نفسه الذي سبق ونجح، ولكن الجدير بالكتابة لا يتوقف.

هل ثمة فرق بين أدب الرعب بقلم نسائي وآخر رجالي؟

لا يوجد فارق جوهري، إلا في اختلاف رؤية المرأة والرجل للعالم وكيفية تعبيرهما عن أفكارهما، أعتقد أن لكل منهما مذاقاً خاصاً لا تصح المقارنة بينهما. الموهبة ليست حكراً على الرجال، لكن نسبة الكتاب الرجال أكبر من النساء.

قدرتك على وصف شخصيات وأماكن لم تزوريها موهبة لافتة. من أين تستوحين شخصيات رواياتك؟

شخصياتي هي مزيج من نفسي، ومن أعرفهم ومن قرأت عنهم، ذلك المزيج يطالب بمكان وزمان خاصين به كي يتفاعل مع أحداث الرواية الخيالية، لذا لا أتقيد أبداً بالأماكن اللامألوفة لديَّ، فأبحث في الأزمان والأماكن التي تلائم شخصياتي.القراءة والخيال يكفيان لجعلي أزور مع القارئ أي مكان أو زمان أريده.

لماذا يسيطر الانقباض والوحشة على معظم أجواء رواياتك؟

أنا شخصية متشائمة إلى حد كبير، فلن أستطيع التظاهر بغير ذلك في كتاباتي. أظن أن ما أردت الحديث عنه في رواياتي يليق بتلك الأجواء، لكنني أعتقد أن {ذئاب يلوستون} أقل رواياتي سوداوية.

كيف تصفين أسلوبك في الكتابة، ولماذا تميلين إلى الأسلوب الأميركي؟

لا أعرف كيف أصف أسلوبي لكنه أقرب إلى السينما، وأفضل الأسلوب الأميركي، لأنه الأكثر سرعة في الإيقاع، والأكثر تحرراً من القوالب، كما أنه لا يمنع أبداً تقديم عمل هادف رمزي فلسفي في قالب شائق وسريع.

في رواية {ذئاب يلوستون} كانت الأحداث تدور في أجواء وتفاصيل أميركية غربية، عرضت الكثير من الرسائل على مدار أكثر من زمن، وأكثر من شخصية بين الذئاب والبشر بما يعبر عنه كل منهما، هذا بخلاف تيمتها الأساسية عن الهوية، ألم تخشي من عدم تقبل قراءك لهذه الفكرة؟

لا أختار أفكاري، بل أجلس وأستمع وأكتب. تطالبني شخصياتي بمكان وزمان يليقان بها، والأرض متسع لكل ساكنيها، فلن أتقيد بمكان أو زمان أعيش فيهما. في النهاية وصلت رسالتي عن الهوية لكل سكان الأرض، وقد شعر كل من قرأ الرواية بحياد أن الأحداث تنطبق عليه كمصري وعربي وإفريقي، وهو غاية ما أريده من رواية كهذه، كنت أعرف أن القراء لن يتقبلوها بسهولة، لكن {ذئاب يلوستون} طالبت بحقها في الوجود فأعطيتها إياه من دون مناقشة.

تتناول روايتك الأولى {نيكروفيليا} واحدة من أبشع الأمراض النفسية غير المألوفة في عالمنا العربي، ولكنك تناولتيها في قصة يحيطها السواد والانحرافات النفسية والشخصيات الرمادية، ما الذي استفزك لكتابة هذه الرواية؟

تناقش الرواية بشكل حاد مفهوم الموت والحياة والنيكروفيليا الاجتماعية. ربما يعتقد كثيرون أن المجتمع يحتاج إلى صفعة ليعود إلى رشده، فكانت صفعة نيكروفيليا في محلها، وهي إحدى أكثر الروايات إثارة للجدل، واستفزتني فيها التراكيب النفسية الغريبة، واستفزني مجتمع يعيش ميتا،  وكانت ردود الفعل خليطاً عجيباً من الرفض والاستهجان والإعجاب.

هل لجأت في روايتك إلى طبيب نفسي؟

لجأت بالطبع إل مراجعة طبيب نفسي للأحداث، وأواظب على الحديث مع طبيبة نفسية بشكل دوري، فالحاجز بين عالم الخيال والواقع عندي لا يلبث أن يصير أكثر هشاشة مع الوقت.

كفت السينما عن تقليد الواقع، وصار الواقع هو من يحاكي السينما، جملة  مهمة ألقت بظلالها في رواية {صندوق الدمى}، من وجهة نظرك هل سيستمر هذا الأمر كثيرا؟ وهل هو ظاهرة سلبية أم إيجابية؟

هي ظاهرة سلبية جداً، تجعل من المجتمع نسخاً عن أصل باهت غير حقيقي. أعتقد أنك رأيت ما يحدث عقب عرض أفلام البلطجة من إعادة برمجة لعقل الشباب في غضون أيام.

تمزجين في روايتك {طغراء}الخيال والفانتازيا بحوادث اجتماعية من وجهة نظرك، كيف اختلفت الشخصية المصرية عبر العصور التي تناولتيها؟

لم تختلف شخصية المصري عبر العصور وإن اختلفت ثقافته بشكل ما، ما زلنا نعيد التصرفات والأخطاء نفسها، وما زلنا نملك ذات العيوب. الرواية إسقاط على الأوضاع السياسية كافة التي مرت وستمر على مصر. نحن نكرر التاريخ بحرفية شديدة.

المرأة... وصندوق الدمى

• يراك البعض متحيزة كثيراً إلى المرأة في كتاباتك على حساب الرجل... ما رأيك؟

أكره تركيبة المرأة الشرقية كثيراً، وفي أعمالي ستجدين الشخصيات النسائية قليل، منسية ومذنبة وضحية، {رنا} شخصية هستيرية، جنت على نفسها، بينما أخطاء زوجها {زين} كانت مبررة إلى حد كبير، {طغراء} و{ذئاب يلوستون}  تكاد أن تكونا خاليتين من الشخصيات النسوية، بينما تعج بشخصيات رجولية بين الخير والشر. لا أظنني أتحيز أبداً إلى أحد الطرفين بلا موضوعية.

• يرى البعض أن لأعمال دكتور أحمد خالد توفيق صدى في رواياتك... ما رأيك؟

لكتابات د. أحمد خالد تأثيرها المباشر وغير المباشر، وأعترف بذلك، فهو أول من شجعني، وتربيت على كتاباته، وتولاني بالرعاية الأدبية حين قررت احتراف الكتابة. وبالنسبة إلى كثير من الشباب الذين يعتبرونه مثلا لهم وأنا منهم طبعاً، سأظل مدينة له بالكثير جداً.

• روايتك {صندوق الدمي} يتم تحويلها إلى عمل سينمائي، هل تعتقدين أن مادة الرواية مناسبة لإمكانات السينما المصرية؟ وهل تتوقعين النجاح لهذه التجربة؟

أتمنى لها النجاح بالطبع، ولا بد من خوض التجربة، وبعد نجاح {الفيل الأزرق}، أشعر أن ثمة فرصة جيدة لروايات تحمل لمحة من الفانتازيا، خصوصاً أن المخرج رامي إمام مثقف جدا وواع.

back to top