تميزت المذيعة أمل عبدالله في عملها الإعلامي على مدار مشوار ممتد ستة عقود، وعملت في معظم مجالاته في التلفزيون والإذاعة فضلاً عن الإدارة، وتعتبر عبدالله أول صوت نسائي في الإذاعة الشعبية التي انطلقت عام 1964، وهي شقيقة الفنانة سعاد عبدالله، مثلت لفترة في المسرح إلا أنها توقفت عن التمثيل، واستمرت في تقديم البرامج.
«الجريدة» التقتها للحديث عن بداياتها وظروف انخراطها في المجال الإعلامي.بدايتك في الإذاعة كيف كانت؟بدأت مع الإذاعة الشعبية في 15 يونيو 1964 تحديداً، في أول يوم لبث الإذاعة الشعبية التي أصبحت الآن إذاعة البرنامج الثاني. كان الأمر مصادفة، فقد قرأت إعلاناً عن طلب مذيعات في مجلة {الكويت} التي كانت تصدر من الإذاعة، قدمت طلباً مكتوباً وسافرت إلى القاهرة، وبعد العودة وجدت استدعاء من مدير الإذاعة، فقابلته وخضعت لاختبار في اليوم نفسه، وطُلب مني قراءة بعض الأخبار ووجهت إلي أسئلة معلومات عامة.وفي فترة الظهيرة تلقيت اتصالاً سئلت فيه حول رغبتي في العمل في الإذاعة فوافقت على الفور. عند الرابعة عصراً عدت إلى الإذاعة، ومنذ ذلك التاريخ دخلت ولم أخرج. كانت الإدارة مكونة من المدير جاسم شهاب، النائب سالم فهد، المذيع محمد الراشد، المخرج عبدالعزيز الفهد والكاتب نجم عبد الكريم، وكنت أنا المذيعة.أول فقرة قدمتها أغنية عبد الله فضالة {مر بي واحترش}، ما زلت أذكرها إلى الآن.ماذا عن بدايتك في المسرح؟في أثناء بدايتي في الإذاعة وعملي في وزارة الصحة، كوّن محمد النشمي {فرقة المسرح الكويتي}، عقب انشقاقه عن {المسرح الشعبي}، وبدأ التجهيز لمسرحية {حظها يكسر الصخر}. فأبلغتني الفنانة عودة المهنا، كانت جارتنا في منطقة الميدان شرق، أن النشمي يحتاج عناصر نسائية ليشاركن في العمل. وكانت شقيقتي سعاد تمثل في المسرح المدرسي في مدرسة الميدان، فأصطحبتها ومجموعة من صديقاتها من بينهن نجيبة عبد المجيد، ورشح الدكتور صالح العجيري عائشة إبراهيم. وبعد أيام بدأنا بروفات المسرحية وأديت دور الأم، لكن أثناء إجراء إحدى البروفات أصبت ولم أتمكن من المتابعة.أقترح أحد أعضاء مجلس الإدارة عبد الصمد التركي ومحمد النشمي أن أبقى في المسرح على أن أكون عضوا في اللجنة الثقافية، ويكون عملي قراءة النصوص، وأتولى شؤون السكرتارية. أحسست حينها ألا استعداد للتمثيل لدي ولست موهوبة. واستمريت هكذا، إلى حين الحاجة إلي في الإذاعة عندما كنت مسؤولة عن البرامج الدرامية فيها، ممكن أن أمثل لأسدّ خانة، وإلى الآن لا أعرف الضحك أو البكاء خلف الميكروفون.حدثينا عن أمور لم تتوقعيها لدى مقابلتك المشاهير أمثال نجيب محفوظ وأم كلثوم.تختلف كل شخصية عن الأخرى. وكنت أقرأ سيرة الضيوف الكبار أو كل ما يتصل بحياتهم قبل مقابلتهم، لأعرف تفاصيل حول من أحاور وأناقش، وكانت هذه المقابلات بمثابة رصيد جيد ورائع في ميزان عملي، ولكن للأسف ثمة مقابلات موجودة في الأرشيف واخرى مفقودة، سواء سجلت تسجيلاً خاصاً، أو سجلت لمحطة تلفزيون الكويت.كان أنيس منصور دقيقاً في عمله ومواعيده وطرح الأسئلة، ولا يتكلم في أي موضوع. طلب الاطلاع على الأسئلة قبل المقابلة، خلافاً للضيوف الذين لا يطلبون في غالبيتهم الأسئلة، وأجرى تعديلات ومن ثم أرجعها في اليوم التالي ووضع ملاحظة على السؤال الأول بالتزام بالأسئلة. أما لدى مقابلتي مع الشاعر العماني عبدالله الخليلي الذي عرف عنه أنه شيخ ودراسته دينية، فكنت متخوفة ووجلة إلى أن وجدت أن التعامل معه من أبسط ما يمكن.ما الذي ينقص الإعلام الكويتي راهناً؟الإعلام الكويتي ليس متأخرا بل متقدم في مجاله، إنما ينقصه الانطلاق خارج الحدود. لا نشارك في مناسبات ثقافية كثيرة، طبعا هو تقصير في قضية وصول الدعوات، وعدم استجابة الجهات المعنية للضيوف.ما الحل برأيك؟يتوجب أن تواكب جهة ما تتولى الإشراف على المشاركات الثقافية خارج الوطن. فعلى سبيل المثال نتلقى دعوات في رابطة الأدباء ولكن يصعب علينا السفر لأن الكلفة المادية، وموازنة رابطة الأدباء لا تتحمل المشاركات في الملتقيات كافة التي تنظم في الوطن العربي. لا بد من أن تكون جهة ما مسؤولة، ومن الممكن أن يأتي الترشيح للمنتديات الأخرى من خلال المجلس الوطني، ولكن ثمة منتديات يتولاها الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب، وتأتي الدعوات مباشرة إلى الاتحادات في كل بلد. تسمح لنا وزارة الشؤون بحضور اجتماع واحد وصرف النظر عن الاجتماعات الأخرى.لماذا قللت شركة {الأمل} التي تمتلكينها أعمالها؟ هل ثمة عوائق مادية أو إدارية؟يرجع السبب الرئيس إلى التمويل، لا أملك موازنة، وبالتالي غالبية الشركات التي تعمل على الساحة تمول من بعض المحطات، وأنا لا أتعامل إلا مع تلفزيون الكويت، وهو بالكاد يأخذ النص وغالباً تحدث ظروف فيقدم أمراً على آخر.ما الذي يحتاج إليه مسرح الطفل؟لا يكفي أن يكون لدينا مهرجان سنوي للطفل تتبناه الدولة، بل أن يكون لدينا مسرح طفل فاعل حتى نعمل مهرجاناً، يفترض أن نشغل آلية مسرح الطفل ومن ثم نعمل مهرجاناً.مشكور المجلس الوطني الذي نظم المهرجان، لكن أين مسرح الطفل؟ يعمل المسرح للمهرجان فحسب، وتعتمد بعض المؤسسات على أسماء معينة تعمل فترة الأعياد فيما لا نجد، على مدار العام، أعمالاً تخص الطفل. لذلك يجب أن نتكاتف لإنشاء مسرح للطفل دائم تشارك فيه حتى المدارس، ويعمل على مدار الشهر. على سبيل المثال في مصر، ثمة مسرح للطفل تقصده المدارس دورياً لمشاهدة العروض. هنا أتساءل: هل شجعنا المسرح المدرسي؟ نحن قضينا عليه.كرمت أخيراً في {المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون} في دورته السادسة عشرة، حدثينا عن هذا التكريم.يختص المهرجان بالإعلام والعاملين فيه، وكُرم معي مخرجون، كتاّب، فنانون عاملون في الإذاعة والتلفزيون. كان المهرجان عبارة عن تظاهرة ثقافية واكبها فوز إذاعة وتلفزيون الكويت بجوائز. أشكر اتحاد الإذاعة والتلفزيون في تونس، وأشكر وزارة الإعلام التي رشحتني وأشكر وزير الإعلام الشيخ سلمان الحمود ووكيل الوزارة المساعد لقطاع التلفزيون يوسف مصطفى لأنه طرح اسمي منذ البداية، وأشكر وكيل وزارة الإعلام المساعد لشؤون الإذاعة الشيخ فهد المبارك على مؤازرته، لأنه كان رئيس الوفد الكويتي في المهرجان.هل تتوقعين الفوز بمنصب أمين عام الرابطة في الدورة المقبلة في رابطة الأدباء الكويتيين؟لم يمض وقت طويل على الانتخابات الجديدة، بقيت أمين سر الرابطة، واحتمال أن أصبح أميناً عاماً، لكن اعتقد أن هذا المنصب ذكوري لأن في الانتخابات، عموماً، يتجه الجميع إلى انتخاب رجل، أما أن تنتخب امرأة أميناً عاماً فهي مسألة زمن، لا ندري متى يأتي وقد لا يكون قريباً. في مقبل الأيام من الممكن أن ترشح إحدى الأخوات كأمين عام للرابطة، وهذا أمر يثلج الصدر، في وضعنا الحالي لسنا مستاءين لأن المرأة أخذت حقها في رابطة الأدباء كمفكرة وكاتبة، وبالتالي هذه مسألة إدارية شكلية لا تعني شيئاً.من خلال مشاركتك في مهرجانات وفعاليات خارجية كيف تقيّمين مكانة الكويت فيها؟ أريد التأكيد على نقطة مهمة وهي الحرص على حسن الاختيار في إرسال من يمثلوننا، لأنهم المرآة العاكسة لنوعية المجتمع الذي يعيش على أرض الكويت. لذلك على من يمثلنا خارج الكويت أن تكون لديه كفاءة للاضطلاع بهذه المهمة.ما ذكرياتك في {صوت الكويت} بالقاهرة؟حقيقة ذكريات جميلة إنما مؤلمة، لأنها تمثل مرحلة مهمة في تاريخنا، خلال الغزو، وكنت أقدم وأوجه رسالتي وأنا {مذبوحة}. فعندما أقرأ نشرة الأخبار، كنت أردد {أحييكم أيها الأخوة في داخل الكويت} وأنا أتقطع ألما. طبعا كنت على الهواء عندما أُعلن تحرير أول جزء من الكويت في النشرة التي أذيعت. هذه المرحلة مهمة لا أستطيع تجاوزها، لكن يجب أن يُردّ الفضل لأهله فلا أنكر جهود الزميل وجدي الحكيم رحمه الله.أتذكر عندما كنت جالسة في مكتبه في {صوت العرب}، قصد الحكيم مكتب صفوت الشريف، وكان حينها وزيراً للإعلام، وقال له: نريد أن نفرد إحدى موجات {صوت العرب} لإذاعة {صوت الكويت} لتقديم رسالة يومية وأخبار للأخوة الكويتيين، فوقف معنا وقفة رجل، ونحن نكنّ له كل تقدير واحترام، وكان وراء انطلاق {صوت الكويت} من القاهرة في فترة الغزو.كيف تقيّمين تجربتك في الدراما؟ناجحة، كتبت للإذاعة الفصحى على مدى سنوات، ومن ثم كتبت للتلفزيون، ومنذ سنتين قدموا لي النظائر {إمرأه أخرى}، ولدي بعض النصوص أهمها {أيام المطبة}، وهي لم تكتمل بعد، أصور أحداث الثلاثينيات والأربعينيات في هذه المنطقة من الكويت التي امتازت الحياة فيها بالحيوية والصور التي عشناها على أرض الكويت الحبيبة.أسال الله أن يقيض لي جهة ما تقتنع بإنتاجه لأنه يؤرخ لمرحلة مهمة من تاريخ الكويت.ماذا عن علاقتك بالشاعر منصور الخرقاوي؟التقيته للمرة الأولى في مكتب المرحوم علي بن يوسف الرومي في وزارة الصحة، في أواخر عام 1963، خلال بحثي عن عمل في الوزارة، وجدته يرتدي بشتاً أنيقاً، فقال الرومي هل تعرفين من هو؟ أجبت: لا، فرد إنه الشاعر منصور الخرقاوي.فوراً بدأ نقاش حول أغنية كان كتبها وغنتها المطربة العراقية نرجس شوقي، فقلت له إن كلمات الأغنية لشاعر عراقي، إلا أنه أكد أنها من تأليفه وقد سرقت منه أو نقلت من دون أذنه، وبعد نقاش طويل توصلنا إلى قناعة وأصبحنا أصدقاء، حتى وفاته رحمه الله. علاقة وطيدة تجمعها بشقيقتها سعاد• كيف هي علاقتك بشقيقتك الفنانة سعاد عبدالله؟وطيدة ولا أعتبرها شقيقتي بل هي بمثابة ابنتي، لأن سعاد بدأت صغيرة وأنا أكبر منها، فرعيت مسيرتها في العمل. على المستوى الإنساني هي إنسانة بالمقاييس كافة ومحبة لأسرتها وأقاربها، ومن الناس الذين يصلون الرحم دائماً، وتعتبر أولادي كأنهم أولادها، والأمر نفسه بالنسبة إلى علاقتها بأخواتي.على مستوى العمل سعاد فنانة يصعب تقييمها لأن شهادتي فيها مجروحة، فهي ملتزمة وكرست نجاحها رغم الظروف والصعاب، وأثبتت وجودها كفنانة، وستبقى ملتزمة مقدّرة من الجميع ومكتسبة احترامهم، وهذا بحد ذاته الأمر الأهم الذي يحرص عليه الفنان في نظرة الآخرين له.المرحلة الذهبية للإعلام الكويتي• عاصرت مذيعات المرحلة الذهبية في تلفزيون الكويت والإذاعة، كيف تصفين الأجواء في تلك الفترة؟كانت تتسم بروح الأخوّة والصداقة، وكنا نتكاتف ونتعاون لتقديم الأفضل، وربما كنا نتنافس ولكن بشرف. وفي إحدى الفترات كان الزي الرسمي الأسود والأبيض معلقاً في غرفة المذيعات، وكنا نتبادل القميص في ما بيننا ونكمل بعضنا البعض في تبادل الأفكار والبرامج، فعلى سبيل المثال قد أقدّم برنامجاً في دورة معينة يمكن أن تقدمه مذيعه أخرى في دورة أخرى، من دون أن يشكل ذلك حساسية، وهذه الفترة لا تعود لأن الجيل اليوم يعمل بمعزل عن الآخر، ربما لكثرة العمل أو العاملين أو لتنوع الأفكار، لكن المسالة الآن اختلفت.• من المذيعات الأقرب إلى قلبك؟أحرص على أن تبقى علاقتي طيبة بزميلاتي اللواتي عملنا سوياً في فترة معينة، على سبيل المثال، منى طالب زميلة مشوار وأخت وصديقة ولها مواقف جميلة ونبيلة معي وتربطني بها علاقة أسرية وأخوية، الصديقة رحاب ميقاتي، خارج دولة الكويت ما زلت مرتبطة بالإعلامية رسمية شركس. ثمة زميلات اتواصل معهن وإن انقطعن عن الكويت من بينهن: عفاف أبو علي وتهاني أبو السعود، ونتصل ببعضنا البعض في المناسبات.
توابل
أمل عبدالله: أول فقرة قدّمتها أغنية للراحل عبد الله فضالة
03-07-2015