أكدت روسيا السبت شنها غارات ضد تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا متعهدة بتكثيف حملتها الجوية، فيما كررت واشنطن وحلفاؤها انتقاد استراتيجية موسكو التي اعتبروا ان هدفها الدفاع عن نظام الرئيس بشار الاسد اكثر من التصدي للجهاديين.

Ad

وقال مسؤول رفيع في رئاسة الاركان الروسية الجنرال اندريه كارتابولوف في بيان السبت انه منذ الاربعاء "نفذ سلاح الطيران الروسي اكثر من ستين ضربة في سوريا مستهدفا اكثر من خمسين موقعا لبنى تحتية لتنظيم الدولة الاسلامية الارهابي"، بينها مخازن ذخيرة ومتفجرات ومعسكرات تدريب.

واضاف "لقد نجحنا في خفض القدرات العسكرية للارهابيين الى حد كبير لقد بدأ الذعر ينتابهم وسجلت حالات فرار في صفوفهم" مضيفا ان "حوالى 600" مسلح من تنظيم الدولة الاسلامية "غادروا مواقعهم ويحاولون الفرار الى اوروبا".

واوضح انه انطلاقا من هذه النتائج "لن نكتفي بمواصلة الضربات الجوية بل سنكثفها".

وتشن روسيا منذ الاربعاء سلسلة ضربات جوية في سوريا في اطار عملية قالت انها ستستمر "ثلاثة الى اربعة اشهر".

وياتي بيان هيئة الاركان بعد ساعات على اعلان وزارة الدفاع الروسية صباح السبت ان ضربات شنتها في الساعات الاربع والعشرين الاخيرة ادت الى تدمير مركز للقيادة وتحصينات تحت الارض تابعة لتنظيم الدولة الاسلامية بالقرب من مدينة الرقة، التي تعد ابرز معاقله في شمال سوريا.

واستهدفت المقاتلات الروسية وفق المصدر ذاته، مركز تدريب تابع للتنظيم بالقرب من معرة النعمان في محافظة ادلب (شمال غرب) ما ادى الى تدمير معدات وذخائر.

لكن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن، الذي افاد بشن الطائرات الروسية ضربات "استهدفت مواقع للتنظيم غرب الرقة وشمالها"، اكد انه "لا تواجد لتنظيم الدولة الاسلامية في محافظة ادلب" التي سيطرت عليها جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) وحلفائها بعد طرد قوات النظام منها.

وافاد المرصد السبت عن شن "طائرات حربية يعتقد انها روسية اربع ضربات على الاقل استهدفت مدينة القريتين" المسيحية التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية في محافظة حمص (وسط).

وادت الضربات الروسية منذ الاربعاء حتى ليل الجمعة الى مقتل 39 مدنيا بينهم ثمانية اطفال، و14 مقاتلان وفق المرصد الذي اوضح ان اثنين من المقاتلين هما من جبهة النصرة (ادلب) و12 اخرين من تنظيم داعش(الرقة).

وفي وقت لاحق، اكد عبد الرحمن لوكالة فرانس برس مقتل ستة مدنيين "هم سيدة واربعة من بناتها وعنصر من الدفاع المدني وإصابة نحو 10 آخرين بجروح، جراء تنفيذ طائرات حربية يعتقد انها روسية ضربات عدة بعد ظهر اليوم على مناطق في بلدة احسم في جبل الزاوية" في ادلب.

كما طالت الضربات الروسية السبت وفق المرصد، مستشفى ميدانيا في قرية البرناص في ريف اللاذقية (غرب)، قال ناشطون انه تابع لمنظمة "اطباء بلا حدود".

لكن المتحدث الاعلامي الاقليمي لدى المنظمة يزن السعدي قال لوكالة فرانس برس ان المنظمة "كانت تدير المستشفى في وقت سابق وسلمته قبل نحو عام الى طواقم طبية محلية"، مؤكدا "تعرض المستشفى لغارات ادت الى تضرر بعض ابنيته واجلاء الطاقم الطبي العامل فيه".

ودخل النزاع المتشعب الاطراف في سوريا والذي بدأ بحركة احتجاج سلمية في منتصف اذار/مارس 2011، منعطفا جديدا مع تدخل روسيا العسكري وشنها ضربات جوية مساندة للنظام السوري الذي فقد سيطرته على ثلثي مساحة البلاد.

وتؤكد موسكو ان ضرباتها تستهدف تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة "ومجموعات ارهابية اخرى". وبخلاف دول الغرب، يصنف الكرملين كل فصيل يقاتل نظام الاسد بـ"الارهابي".

وقال المسؤول في رئاسة الاركان السبت ان الضربات الروسية لا تستهدف سوى "الارهابيين" في سوريا موضحا ان بلاده ابلغت "مسبقا" واشنطن بانها ستشن غارات على مواقع تنظيم الدولة الاسلامية.

وطالت الضربات الروسية بالاضافة الى مواقع التنظيم المتطرف واخرى تابعة لجبهة النصرة وفصائل اسلامية متحالفة معها وفق مصادر سورية والمرصد، مقار تابعة للفصائل المعارضة التي تتلقى دعما اميركيا، انما على نطاق اضيق.

وتنتقد دول الغرب وفي مقدمها الولايات المتحدة الاميركية بالاضافة الى دول عربية الاستراتيجية الروسية في سوريا، مصرة على وجوب الا تستهدف الضربات الفصائل التي تتلقى دعما منها.

وقال الرئيس الاميركي باراك اوباما الجمعة ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "لا يفرق بين الدولة الاسلامية والمعارضة (السورية) السنية المعتدلة التي تريد رحيل الاسد". واضاف "من وجهة نظرهم كل هؤلاء ارهابيون. وهذا يؤدي الى كارثة مؤكدة".

وابدى استعداده للتعاون مع موسكو حول الملف السوري شرط اعترافها بوجوب "تغيير الحكومة" السورية، فيما ترفض موسكو ذلك وتعتبر النظام شريكا في مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية.

واعتبر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون السبت ان روسيا وانطلاقا من عدم تمييزها بين تنظيم الدولة الاسلامية ومجموعات المعارضة السورية "تساعد الاسد السفاح وتزيد من تعقيد الوضع".

وبحسب الاستخبارات البريطانية، فإن خمسة في المئة فقط من الضربات الروسية استهدفت تنظيم الدولة الاسلامية، كما ان معظم الغارات "قتلت مدنيين" واستهدفت فصائل معتدلة.

واكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الجمعة بعد لقائه بوتين في باريس على وجوب ان تنحصر الضربات الجوية الروسية في سوريا بتنظيم الدولة الاسلامية.

وطالب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من جهته بوتين "باعادة النظر" في الضربات التي يشنها في سوريا.

وتقود الولايات المتحدة منذ صيف 2014 تحالفا دوليا يضم خمسين دولة، ولا تشارك روسيا فيه، شن آلاف الضربات الجوية ضد تنظيم الدولة الاسلامية من دون ان يتمكن من القضاء عليه.

وتسبب النزاع السوري منذ عام 2011 بمقتل اكثر من 240 الف شخص وتدمير هائل في البنى التحتية بالاضافة الى نزوح الملايين داخل وخارج البلاد.