تستعد الحكومة لطرح العديد من المشاريع الإنشائية والتنموية العملاقة خلال الفترات المقبلة، وذلك من شأنه النهوض بالبلد، على جميع المستويات، كما أن هناك مشاريع شراكة بين القطاعين العام والخاص بقيمة 30 مليار دولار، إضافة إلى المشاريع الإسكانية التي تنوي الحكومة تنفيذها في مناطق عديدة بالبلاد، وهناك أيضا مشاريع القطاع الخاص التوسعية والعمرانية.

Ad

ولا شك أن جميع تلك المشاريع بحاجة إلى كميات هائلة من مواد البناء (الأسمنت والحديد والصلبوخ والطابوق والخرسانة الجاهرة)... وعليه، طرحت «الجريدة» تساؤلات عدة على بعض المختصين، لمعرفة آرائهم حول قدرة الشركات العاملة في قطاع مواد البناء على توفير احتياجات تلك المشاريع من هذه المواد، وأسعارها وجودتها، والفرق بينها وبين المنتجات العالمية، فجاءت ردود المختصين كالتالي:

قال رئيس مجلس إدارة شركة سدير للتجارة والمقاولات (سدير) طارق المطوع إن القطاع الخاص يمتلك القدرة على توفير جميع احتياجات السوق المحلي من مواد البناء، لتنفيذ المشاريع التنموية، التي ترغب الحكومة في طرحها خلال الفترات المقبلة.

وأشار إلى أن الشركات لديها القدرة على زيادة إنتاجها، بناءً على الطلب، حيث إنها تمتلك المخازن الكفيلة لتخزين المواد المستوردة والمنتجة، مطالبا بمزيد من دعم الحكومة، والاعتماد على المنتج المحلي، وضرورة تشجيع الصناعة الوطنية.

وأوضح أنه من المعتاد طلب المواد قبل البدء بتنفيذ المشروع بأشهر، وهي فترة كافية لتوفيرها، مشيرا إلى أن المصانع على استعداد للعمل بكامل طاقاتها الإنتاجية.

وأكد المطوع أن المنتجات المحلية من مواد البناء والتشييد أثبتت نجاحها على كافة الأصعدة، في ما يتعلق بالجودة أو الأسعار، كما يجب أن تتضمن الخطة التنموية دعم هذه المواد، التي أثبتت نجاحها في الفحوص المخبرية، وفي العديد من المشاريع التي تم طرحها وخاصة الإسكانية.

الأسعار مناسبة

وفي ما يخص أسعار مواد البناء، أكد المطوع أنها مناسبة حاليا، وإذا شهدت ارتفاعات، فذلك يكون عالميا وليس مصطنعا، حيث نجد الارتفاع في العديد من المواد الأولية المستخدمة، بالإضافة إلى النقل والتخزين والأيدي العاملة، وغيرها من هذه العوامل.

وحول المشاكل التي تعانيها الشركات العاملة في قطاع مواد البناء، أوضح أنها تعاني تأخر البواخر في تسليم المواد والمنتجات، فالشركات ملتزمة بفترة محددة لتسليم هذه المنتجات، ما قد يكلفها أموالا إضافية.

تغطية الاحتياجات

من ناحيته، أكد رئيس مجلس إدارة شركة أملاك كابيتال، محمود الجمعة، قدرة سوق مواد البناء المحلي على تغطية كافة احتياجات المشاريع التنموية والإنشائية التي تقوم بها الحكومة، إضافة إلى القطاع الخاص، الذي لديه هو الآخر العديد من المشاريع التوسعية والعمرانية.

وأضاف أن سوق مواد البناء شهد نمواً ملحوظاً خلال الفترات السابقة، إذ كان هناك طلب كبير عليها، لوجود مشاريع عملاقة، مثل: جسر الصبية وتوسعات الطرق وجامعة الشدادية، فضلاً عن المشاريع الإسكانية، حيث هناك أكثر من منطقة تم توزيع قسائم سكنية فيها، وهو ما أدى إلى ارتفاع الطلب على الأسمنت والصلبوخ والحديد والخرسانة الجاهزة.

معوقات القطاع

وأضاف أن هناك عددا كبيرا من الشركات المحلية العاملة في هذا القطاع بحاجة إلى دعم ومساندة الحكومة، وإعطائها الأولوية في اختيار منتجاتها، وتذليل المعوقات أمامها وتسهيل الإجراءات. وأشار إلى أن هناك شروطا مبالغا بها وضعتها لجنة المناقصات المركزية، ما يعيق عمل الشركات، وخاصة الصغيرة منها، بالإضافة إلى الروتين الحكومي، والوقت الذي يستغرق لاستخراج التراخيص اللازمة بالمصنع، إذ إنه لا وجود لأي تنسيق بين الجهات المعنية بالأمر.

وعن أسعار المواد، بيَّن أنها طبيعية، وانخفضت بصورة ملحوظة، مقارنة بالفترات السابقة، مشيرا إلى أن الارتفاعات التي شهدتها أسعار مواد البناء، كانت بفعل ارتفاع سعر النفط والأيدي العاملة، بالإضافة إلى تكاليف وسائل النقل والشحن وغيرها.

وأوضح أن هناك شركات صناعية اضطرت إلى الخروج للاستثمار في الخارج، لعدم وجود بيئة استثمارية وصناعية مناسبة بالكويت، حيث هناك شح في الأراضي المخصصة لقطاع الصناعة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأراضي، فضلا عن وجود العديد من المعوقات وانعدام المغريات.

شهادات اعتماد

بدوره، قال المدير العام لشركة الاتحاد لمواد البناء أحمد النوري، إن القطاع الخاص يمتلك القدرة على توفير احتياجات السوق المحلي من مواد البناء، على الرغم من عدم وجود دعم حكومي للقطاع الخاص، لكنه يمتلك المصانع القادرة على إنتاج الكميات المطلوبة.

وتابع: "المنتج الوطني من مواد البناء يتطابق مع مواصفات مقاييس الجودة العالمية، وحاصل على شهادات اعتماد"، مطالبا بدعمه، من خلال اعتماده في المشاريع المطروحة، حيث إن هناك العديد من المنتجات المستوردة أقل جودة من المنتجات المحلية.

وفي ما يخص أسعار مواد البناء، أوضح أن الأسعار يتحكم فيها أكثر من عامل، أبرزهها الجودة، فهناك منتجات بالسوق المحلي أرخص من المنتج الوطني، لكن ليس لها شهادات اعتماد، وتعد رديئة، كما أن هناك مَن يستخدم مواد أولية لا تتناسب أو تتطابق مع المعايير الدولية.

أراضٍ صناعية

وأشار إلى أن الشركات الصناعية بحاجة إلى أراضٍ صناعية، فهناك شح واضح فيها، بالإضافة إلى عدم وجود اهتمام حكومي، حيث يُعد القطاع أقل إغراء للمستثمرين من القطاعات الأخرى، ما أدى ضعف القطاع الصناعي، فضلا عن وجود بعض المعيقات، وصعوبة التنافس، في ظل تحرير التجارة، وقد يزداد وضعه سوءاً، إذا فتحت البلاد على مصراعيها أمام المنتجات الأجنبية، من دون أي ضوابط، وحرمت المنتجات الوطنية من أي حماية، في ظل منافسة حادة غير متكافئة، كما كان قبل الأزمة الاقتصادية.

وطالب النوري بالاهتمام بالقطاع الصناعي، حيث إنه يساعد على تأمين الاكتفاء الذاتي، وتحسين الموازين الاقتصادية، ودفع عملية التنمية، وخاصة في الدول النامية، ويساهم بإيجاد فرص عمل، وكلما زاد حجم الإنتاج الصناعي أفقياً وعمودياً نقص عدد العاطلين عن العمل، كما أنه يساهم برفع معدل النمو في الاقتصاد الوطني، ويساعد على رفع النمو في القطاعات الأخرى أيضاً، مثل قطاعي الزراعة والخدمات، لترابط العلاقات مع القطاعات الأخرى.