رغم من وجود صندوق دعم مالي للمشروعات الصغيرة يمنحها مميزات عديدة تصل في بعض الأحيان إلى منح أراض بأسعار إيجارات رمزية، فإن مشكلة ارتفاع أسعار الأراضي والإيجارات تعد من أهم التحديات التي تواجهها، لأن هناك عديداً من المشاريع لا تُمنح أراضي، وهناك من يُستبعد مشروعه.

Ad

لاتزال مشكلة ارتفاع أسعار الأراضي والإيجارات تلقي بظلالها على جميع الأنشطة الاستثمارية والتجارية، ولعل التأثير الأكبر لها يقع على قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث شهدت فترة السنوات الثلاث الماضية ارتفاعا وزيادة ملحوظة في أسعار العقارات والإيجارات، مما أعاق إقامة عدد من المشاريع الصغيرة.

ويحتل قطاع المشاريع الصغيرة في البلدان المتقدمة مكانة متميزة وعالية، حيث تساهم تلك المشروعات في معظم الدول بنسبة كبيرة من الناتج المحلي للدولة، كما أنها تعد من أفضل الحلول التي تم التوصل إليها لمكافحة البطالة، حيث إنها توفر آلاف الفرص الوظيفية للقوى العاملة، سواء من العمالة الوطنية أو الأجنبية، إذ تساهم بتوظيف بنسب تتجاوز الـ 40 في المئة، وتصل إلى أكثر من ذلك في بعض البلدان.

وعملت الدول المتقدمة على رعاية المشروعات الصغيرة، وهيأت لها البيئة القانونية والاستثمارية المناسبة، ومن هذا المنطلق، ونظرا لأهمية هذا القطاع أنشأت حكومة الكويت الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، برأسمال قدره مليارا دينار، ويكون الهدف منه هو تنمية المشروعات وتعزيز إمكانات أصحابها من إنجاز المشاريع والتخطيط والتنسيق والترويج لانتشارها.

وبالرغم من وجود صندوق دعم مالي للمشروعات الصغيرة يمنحها مميزات عديدة تصل في بعض الأحيان إلى منح أراض بأسعار إيجارات رمزية، فإن مشكلة ارتفاع أسعار الأراضي والإيجارات تعد من أهم التحديات التي تواجهها، إذ تلتهم جزءا كبيرا من رأس المال والأرباح، حيث إن هناك عددا من المشاريع لا يتم منحها أراض، وهناك من يتم استبعاد مشروعه.

المكاتب الإدارية

وكغيرها من المؤسسات والشركات العاملة في السوق، تحتاج المشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى المكاتب الإدارية لإدارة المشروع أو المؤسسة، إذ شهدت أسعار إيجارات المكاتب في الأبراج التجارية خلال السنوات الثلاث الماضية ارتفاعات كبيرة، إذ إنه قبل الفترة التي سبقت الأزمة المالية العالمية، وصلت أسعار المكاتب الإدارية في المباني الجديدة إلى مستويات قياسية، وبلغت مستوى 14 ديناراً للمتر المربع، ومع اندلاع الأزمة انخفضت الأسعار لتصل إلى ما دون 7 دنانير للمتر، ثم تعافت تدريجيا مع زيادة الطلب من قبل المستثمرين.

ويتراوح سعر المتر التأجيري للمكاتب الواقعة في العاصمة بين 7 و9 دنانير، وفي ما يخص محافظة حولي فهي مقاربة لأسعار العاصمة، بينما يتراوح في محافظة الأحمدي بين 7.5 و9.5 دنانير، حيث ترتفع الأسعار هناك، نظرا لقلة المعروض.

ويتراوح متوسط معدل إيجار المتر التجاري للدور الأرضي في محافظة حولي بين 25 و35 دينارا للمتر المربع، بينما يصل إلى 35 دينارا في المواقع المتميزة من مدينة الكويت، في حين يزيد على ذلك ليصل إلى 40 دينارا في منطقة السالمية.

التشطيبات والتقسيمات

ويلجأ البعض من أصحاب المشاريع الصغيرة إلى تأجير الشقق الاستثمارية وتحويلها إلى نظام المكاتب، ويتحمل صاحب المشروع التشطيبات والتقسيمات الجديدة، فتتراوح أسعار الشقق في العاصمة بين 350 و400 دينار، بينما تتراوح في محافظة حولي بين 300 و350 دينارا.

وتحتاج بعض المشاريع الصغيرة إلى المخازن، إذ يتراوح متوسط سعر المتر التأجيري في منطقة العارضية بين 6 و7.5 دنانير، بينما تراوح المتوسط في منطقة الفحيحيل الصناعية بين 12 و15 دينارا، وفي طبيعة الحال ترتفع هذه الأرقام في الأماكن المميزة أو المجهزة بمواصفات خاصة وأنظمة حديثة.

خلو المحال

ومن ناحية أخرى، يقول الخبراء العقاريون إن المشاريع الصغيرة تواجه معضلة ارتفاع أسعار إيجارات المحال التجارية ووصولها إلى أرقام خيالية في بعض الأحيان، حيث تصل القيمة الإيجارية لمحل تجاري صغير في أحد المجمعات المشهورة إلى 1800 دينار، وترتفع هذه القيمة وفق المكان والمساحة، بينما لا تقل القيمة الإيجارية للمحال في كل المحافظات عن 500 دينار.

وأضاف العقاريون إن ارتفاع القيمة الإيجارية للمحال التجارية جاء لأسباب عديدة، منها أن الطلب أكبر من العرض، ونشاط  قطاع التجزئة، وارتفاع دخول ورواتب المواطنين، ومع إشغال نسبة كبيرة جدا من المحال التجارية، يضطر أصحاب المشاريع الصغيرة إلى دفع الخلوات لأصحاب المحال تصل قيمتها إلى أرقام خيالية.

أرقام خيالية

ويوضح العقاريون أن خلوات المحال في المجمعات التجارية شهدت طفرة كبيرة خلال السنوات الماضية، إذ وصل خلو محل في أحد المحال التجارية المشهورة إلى مبلغ 600 ألف دينار، وعلى شارع الخليج إلى ما يقارب المليون دينار، وهذا من المؤكد يرهق ميزانية المشاريع والأنشطة الاستثمارية والتجارية بشكل كبير، ويعيق إقامة المشاريع الصغيرة.

وأفاد العقاريون بأن انتعاش السوق المحلي وتعافيه جزئيا من آثار الأزمة العالمية، ودخول أصحاب المشاريع الصغيرة بقوة إلى السوق المحلي، ساهمت وعززت بروز مثل ظاهرة الخلوات، رغم مخالفتها للقوانين، حيث إن بعض قيم الخلوات تفوق أو تعادل في بعض الأحيان قيمة العقار نفسه، مؤكدين طلب صاحب المكتب أو المحل التجاري مبلغا من المال نظير خروجه من الموقع يعد أمرا مخالفا للقانون، ولا يوجد ما يسنده في القوانين والتشريعات، أو ما يشير إلى شرعيته.

تحرير الأراضي

ومن ناحية أخرى، يقول عدد من المراقبين إن حل جزء كبير من مشكلات الاقتصاد المحلي يكمن في تحرير أراضي الدولة من سيطرة الحكومة والوزارات والهيئات التابعة لها، حيث تحتكر ما نسبته 90 في المئة من إجمالي مساحة الكويت، فيصبح من السهل على المبادرين إقامة مشاريعهم.

وتابعوا أن البعض يدعو إلى تحديد القيمة الإيجارية للمحال أو الشقق، موضحين أنه لا يمكن تحديد القيمة الإيجارية، فالدولة تعد رأسمالية لا اشتراكية، الاقتصاد فيها حر والعرض والطلب هو الذي يحدد القيمة، حيث إنه في الأسواق المتقدمة الحرة تكون العقود الإيجارية بالاتفاق بين الطرفين المؤجر والمستأجر، سواء على القيمة أو على مدة العقد، مشيرا إلى أن ارتفاع أسعار إيجارات الشقق السكنية جاء بسبب عوامل عديدة منها ارتفاع أسعار الأراضي، إضافة الى مواد البناء والأيدي العاملة.

قوانين تواكب التطور

وأشار المراقبون إلى أن الكويت لا تحتاج إلى قوانين أو تشريعات جديدة، فلديها مجموعة من القوانين واللوائح الخالية من الشوائب وتواكب التطور والواقع الحاصل، وعلى رأس تلك القوانين قانون الشركات التجارية وقانون المشروعات الصغيرة، حيث أجمع عليه عدد كبير من الاقتصاديين على أنهما فعالان.

وأردفوا أنه يجب أن يصاحب تلك التشريعات والقوانين التي أقرت أخيرا، خطوة تحرير الأراضي، وطرحها للمستثمرين والمطورين والصناعيين، فهي تعد عائقا أمام جميع الاستثمارات، سواء المحلية أو الأجنبية الكبيرة منها أو الصغيرة.

وقالوا إنه مع تراجع أسعار النفط وضعف النمو الاقتصادي المحلي، سوف تتزايد نسبة البطالة، إذ إنه ووفقا لتقارير حكومية أن معدل البطالة بلغت نسبته 5 في المئة تقريبا خلال عام 2013، موضحين أن الرقم بالارتفاع في ظل اكتفاء وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة من الموظفين، مؤكدين أن قطاع المشروعات الصغيرة قادر على حل هذه الأزمة، ولكن في ظل ارتفاع الأسعار والإيجارات يعد مقيدا.