في أجواء محمومة، عكفت إيران والقوى الست الكبرى، التي أمهلت أنفسها حتى يوم غد الجمعة للتوصل إلى اتفاق على البرنامج النووي، على ردم الهوة ومعالجة قضايا بالغة الصعوبة في حل ملف معقد يلقي بثقله على العلاقات الدولية منذ أكثر من 12 عاماً.

Ad

وسط ترقب لخروج أهم تطور منذ عشرات السنين نحو تخفيف حدة العداء بين الولايات المتحدة وإيران إلى النور، تدور نقاشات محمومة على مدار الساعة بين إيران والقوى الست الكبرى حول الاتفاق الشامل الهادف إلى الحد من أنشطة إيران النووية الأكثر حساسية لعشر سنوات أو أكثر مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية، التي قلصت صادرات النفط الإيراني وكبلت اقتصاد البلاد.

وخيّمت أمس أجواء متوترة على المفاوضات النووية المستمرة في فيينا مع حديث عن قضايا «بالغة الصعوبة» تعترض إحراز تقدم، ما ينبئ بإمكان تمديد المفاوضات «بضعة أيام» إضافية.

وفي إطار تكتيك الشوط التفاوضي الأخير، تحدث مسؤول غربي كبير مساء أمس الأول عن قضايا «صعبة جداً جداً» لاتزال تتطلب حلاً، علما بأن كلا من الطرفين يوجه رسائل تراوح بين الإيجابية والسلبية.

وقال مصدر قريب من المفاوضات: «نلامس النهاية. إما تنجح الأمور في الساعات الـ48 المقبلة وإما لا تنجح»، بينما أكد مسؤول غربي كبير أن المفاوضات لا يمكن أن تستمر «إلى ما لا نهاية».

ورد المفاوض الإيراني عباس عراقجي، عبر التلفزيونات الإيرانية، «إذا كان لدى الآخرين مهلة نهائية، فهذه ليست مشكلتنا. نحن مستعدون للبقاء في فيينا مادام ذلك ضرورياً. مستعدون لتمديد المباحثات يوما بعد آخر».

ولاحقاً، أعلن عراقجي إنجاز دبلوماسيي إيران ومجموعة «5 +1» في شكل شبه تام نص الاتفاق حول البرنامج النووي والملاحق الخمسة المرفقة به. وقال: «النص الرئيسي شبه منجز. لم تبق سوى بضعة هوامش ينبغي أن يتخذ الوزراء قرارات سياسية» في شأنها، مؤكداً أيضاً أن الملاحق الخمسة للاتفاق شبه منجزة.

وأوضح أن «الخلافات الرئيسية تتصل ربما بنقطتين أو ثلاث. هناك أيضا نقاط أخرى أقل أهمية، ربما 7، 8 أو 10».

تجاوز الموعد

وهذه هي المرة الخامسة منذ 2013 والثانية في هذه الجولة من المحادثات، التي تتجاوز فيها الأطراف المتفاوضة الموعد المحدد للتوصل إلى اتفاق تاريخي بسبب عدم الاتفاق على المسائل الشائكة.

ومنذ بداية الأسبوع، يواصل وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا، الذين حضروا إلى فيينا اجتماعاتهم، سواء في ما بينهم أو مع نظيرهم الإيراني محمد جواد ظريف، لكن أي اختراق لم يسجل إلى الآن، حتى ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لفت إلى أن «سبعاً أو ثماني نقاط» لا تزال عالقة. وصرح نظيره البريطاني فيليب هاموند «هناك عدد معين من المسائل. هناك حاجة إلى مساومات وقرارات صعبة من هذا الطرف وذاك».

توتر وخلاف

من جهته، تحدث الفرنسي لوران فابيوس عن «حصول توتر». ووافقته وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني بقولها: «كان الأمر صعباً أحياناً».

وبحسب فابيوس، فإن نقاط الخلاف لاتزال هي نفسها، وتتصل خصوصاً بفترة الاتفاق الزمنية والعقوبات المفروضة على إيران و»البعد العسكري المحتمل» للبرنامج النووي.

وعلى صعيد العقوبات، أعلن لافروف أن قضية حظر الأسلحة المفروض على إيران تبقى «مشكلة رئيسية»، بينما أكد عراقجي أن «على دول مجموعة 5+1 أن تغير نهجها حول العقوبات إذا أرادت اتفاقاً».

رفع العقوبات

لكن مسؤولاً رسمياً أميركياً صرح مساء أمس الأول بأن «القيود على الأسلحة والصواريخ»، مثل الدبابات القتالية والمروحيات الهجومية والبوارج والصواريخ وقاذفات الصواريخ والأنشطة البالستية التي حظر مجلس الأمن في 2010 بيعها لإيران، لن يتم رفعها في إطار الاتفاق المحتمل، الذي قال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ايرنست إنه قريب ومباحثاته جديرة بالاستمرار.

وفي حين يبقى رفع القيود عن الأسلحة مستحيلاً تمريره، نظراً إلى الظروف الإقليمية الراهنة والضلوع الإيراني في نزاعات عدة أبرزها في سورية والعراق، يطغى بند خلافي آخر يتعلق بالبعد العسكري المحتمل للبرنامج النووي أقله حتى عام 2003، والذي تسعى الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى كشف حقيقته في شكل تام.

إصرار وتهديد

ومع تصاعد التحذيرات من «مأساة» في حال فشلت مفاوضات فيينا والقضاء على عامين من الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى حل الملف منذ أكثر من 12 عاماً، نقلت وكالة الطلبة الإيرانية عن دبلوماسي إيراني كبير قوله أمس، إن إيران قدمت «حلولاً بناءة للتغلب على الخلافات المتبقية، ولن تبدي مرونة تجاه خطوطها الحمراء».

إلى ذلك، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحذيره من المخاطر الكامنة في الاتفاق. وفي كلمة ألقاها مساء أمس الأول في مراسم إحياء ذكرى وفاة مؤسس الحركة الصهيونية بنيامين زئيف هرتصل في القدس، قال إنه سيمهد طريق إيران للحصول على السلاح النووي ونشره عبر برنامجها لإنتاج الصواريخ، بالإضافة إلى تمكينها من مواصلة ممارساتها الإرهابية عبر شبكة تشمل حالياً أكثر من ثلاثين دولة.

ووصف نتنياهو إيران بأكبر تهديد للسلام العالمي، وبأهمّ راعٍ للإرهاب، مشيراً إلى أنها تتمكن من انتزاع المزيد والمزيد من التنازلات من الدول الكبرى.

(فيينا، واشنطن، طهران - أ ف ب، رويترز، د ب أ)