اليونان اليوم تعد بإصلاح إداري شامل ومكافحة الفساد المتفشي من العقود الحكومية والدولية الكبرى، والتهرب من سداد الضرائب وتجديد العقود السياحية وإصلاح التعليم وغيرها من الخطط الإصلاحية الشبيهة إلى حد كبير بوصايا بلير للحكومة الكويتية.

Ad

يقول بول كروغمان الاقتصادي المعروف الذي حاز جائزة نوبل إننا بحاجة إلى إعادة النظر بالسياسات التي يحتاجها الاقتصاد العالمي حين يصاب بالكساد، وبحاجة أيضا إلى تفعيل الخطط الاقتصادية الفاعلة للدول صغيرة الحجم لإنقاذها حينما تتعرض لأزمات اقتصادية، وخصوصا إن كانت لتلك الدول عضوية بمنظومة إقليمية كالاتحاد الأوروبي ومشروطة بشروط الملاءة المالية.

في حديث كروغمان الذي نشرته النيويورك تايمز ومواقع أخرى قبل عدة أيام دروس عديدة حول مواجهة مخاطر عجز الموازنات للدول صغيرة الحجم، فهو يتحدث أحيانا بعاطفة تجاه ماضي أوروبا، وموقفه الرافض لفرض العقوبات على الدول التي يراها ضعيفة ويراها البعض الآخر غازية، مشيراً في حديثه إلى ألمانيا في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى وعدوانيتها التي اكتسبتها بسبب فرض العقوبات القاسية تجاهها، ويتحدث بعقلانية وواقعية كحديثه عن ألمانيا الحديثة أيضا في فترة ما بعد الحرب الباردة فيرى الزاوية الانتقالية الألمانية من الشرق إلى الغرب وقد غمرها الاحتواء الأوروبي وساعدها على الانتقال التدريجي.

واليوم ومع مرور اليونان بأزمتها القاسية وخضوعها للضغط الأوروبي وأمنياتها ووعودها بالإصلاح الإداري الداخلي، على زعماء أوروبا أن يتعظوا من التاريخ، فالمشروع الأوروبي القائم على الديمقراطية والسلام والازدهار الاقتصادي تجب المحافظة عليه لكي لا يذهب مع الريح على حد تعبير كروغمان، والأمر أيضا ينطبق على منظومات إقليمية أخرى، ومن يدري فقد تسعى منظومة مجلس التعاون الخليجي إلى التوسعة، وذلك بدعوة بعض الدول للانضمام، ولن يتردد البنك الدولي في اقتراح إنشاء البنك المركزي الخليجي بشروط عالمية، وبضوابط ودروس مستفادة من الاتحاد الأوروبي وتعثر اليونان في سداد ديونها. وهنا لا بد أن نطرح السؤال التالي: هل ستشترط دول التعاون الملاءة المالية على الدول التي ستنضم إليها؟ أم سيقوم البنك المركزي الخليجي بسداد ديون تلك الدول؟ لذا علينا قراءة الوضع اليوناني بل الأيرلندي أيضا بشكل صحيح.

لماذا أيرلندا؟ لأنها كادت أن تحل محل اليونان عام 2010 حينما هدد البنك المركزي الأوروبي بانهيار النظام المصرفي الأيرلندي لو رفضت أيرلندا برنامج صندوق النقد، اليوم البنك المركزي يخضع لإدارة أخرى مختلفة واليونان تخضع لحكومة يسارية قد لا تتناغم مع الشروط الاقتصادية القاسية.

اليونان اليوم تعد بإصلاح إداري شامل ومكافحة الفساد المتفشي من العقود الحكومية والدولية الكبرى، والتهرب من سداد الضرائب وتجديد العقود السياحية وإصلاح التعليم وغيرها من الخطط الإصلاحية الشبيهة إلى حد كبير بوصايا بلير للحكومة الكويتية، فهل ينقذ اليونان الحاصل على جائزة نوبل أم سيرسل الاتحاد الأوروبي لهم بليرا آخر؟

وللحديث بقية.