«البلدي» والصبيح... أنقذوا أجيالنا!

نشر في 16-07-2015
آخر تحديث 16-07-2015 | 00:01
 عبدالمحسن جمعة يحكي لي صديق منذ فترة، أنه في الربيع الماضي قضى شريك عمل له، وهو أميركي مقيم في أوروبا، أسبوعين في الكويت، لبحث إمكانية إقامة مشروع تجاري، ما تطلّب من ذلك الشريك أن يقوم بجولات واسعة في الضواحي السكنية والتجارية في البلاد.

وبعد عدة أيام، أبدى ذلك الشخص الزائر لمضيفه الكويتي صدمته ودهشته من عدد مطاعم الوجبات السريعة (فاست فود) الموجودة في الضواحي السكنية والملحقة بالجمعيات التعاونية، والقريبة من وجود الأطفال والشباب وخاصة بيوتهم.

الضيف الغربي زادت صدمته عندما علم من صديقي أن مطاعم الـ«فاست فود" لديها الحق في توصيل الطلبات إلى المنازل، الـ(هوم دليفري)، ورد قائلاً: "إنكم تدمرون صحة أجيالكم المقبلة"، موضحاً أنه لا يسمح في أغلبية أوروبا والولايات المتحدة بأن تكون مطاعم الوجبات السريعة داخل الأحياء السكنية، أو قرب المدارس والتجمعات الشبابية والنوادي، ولا يمكنها أيضاً توصيل الطلبات إلى المنازل، بخلاف المعجنات فقط مثل "البيتزا"، وذلك كله بسبب الدراسات الطبية المتعددة التي أثبتت المضار الكبيرة لتلك الوجبات على صحة الإنسان، ونمو الأطفال الطبيعي.

"سالفة" صديقي تلك جعلتني وبعض الزملاء ننتبه لما حولنا من مطاعم وجبات سريعة، وفعلاً، اكتشفت أنه في معظم نواحي السكن الخاص مساحات واسعة لتلك المطاعم، وبقربها ألعاب ومغريات لجلب الأطفال وتأسيس ذوقهم الغذائي منذ الصغر على هذه الوجبات المضرة، لذلك قررت أن أتحرى آلية تخصيص هذه المساحات لبناء تلك المطاعم، فوجدت أن التعاقد يبدأ مع الجمعية التعاونية التي تقدم لها شركات الوجبات السريعة "خلواً" مغرياً على شكل دعم للجمعية، وإيجاراً شهرياً عالياً، وبعد ذلك تتم مخاطبة المجلس البلدي لتخصيص الأرض ومساحتها ومواصفات البناء، وبعد موافقته تقوم إدارة أملاك الدولة في وزارة المالية بالتعاقد مع شركة الوجبات السريعة لتشارك الجمعية التعاونية بنسبة 30 في المئة من الإيجارات المحصلة لمصلحة خزينة الدولة.

هذه هي الآلية المتبعة، التي أساسها الجمعية التعاونية، ومن يعطيها القانونية هو المجلس البلدي بقرار التخصيص، وفي هذه العملية لا يتم الالتفات إلى أي معايير صحية أو بيئية، وهو أمر خطير، خاصة أن قرارات المجلس البلدي تعطي لأصحاب تلك المطاعم مساحات لإقامة ألعاب وأنشطة لجذب الأطفال، وتسمح لهم وزارة التجارة بتوصيل الوجبات السريعة إلى منازل العملاء من أطفال وشباب، وهي عملية ستؤدي إلى كوارث صحية لأجيالنا المقبلة.

لذا نطالب الحكومة - التي تشكو من تضخم مصاريف الرعاية الصحية والعلاج بالخارج المستحق لأغلبية المرضى الكويتيين، بسبب تراجع مستوى الخدمات الصحية في البلاد - بأن يصدر مجلس الوزراء قرارات تمنع زحف مطاعم الوجبات السريعة إلى الضواحي السكنية وقرب المدارس وأماكن تجمعات الشباب، ونطلب من المجلس البلدي وقف تخصيص الأراضي لشركات الوجبات السريعة في الضواحي السكنية، وندعو وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل السيدة هند الصبيح إلى إصدار ضوابط مشددة للجمعيات التعاونية في ما يخص تعاقداتها لتأجير مرافقها لتلك المطاعم، وإعطاء الأولوية للمطاعم الصحية التي تستخدم المكونات الطازجة والصحية.

 كما نطلب من وزارة التجارة، والإدارة العامة للمرور مراجعة قراراتهما بالسماح لمطاعم الوجبات السريعة بإيصال الطلبات إلى المنازل، وكذلك تحرك مؤسسات المجتمع المدني المعنية للتصدي لتلك الظاهرة الخطيرة... إنه نداء لإنقاذ أجيالنا المقبلة من أخطار صحية عظيمة تهددها.

back to top