في مثل هذه الأيام من العام الماضي نجح فيلم «الفيل الأزرق» في الفوز بنصيب الأسد في سباق إيرادات موسم عيد الفطر المبارك، متفوقاً على أفلام: «صنع في مصر»، «الحرب العالمية الثالثة»، «قط وفأر»، «جوازة ميري» و»عنتر وبيسة»، وكتبت يومها (في هذه الزاوية) أن «ثمة تغيراً أصاب المزاج العام، وأن زلزالاً ضرب النظريات التي كنا نتصورها مسلمات، وأن الجمهور الذي أظهر وعياً ملحوظاً تمثل في تجاوبه مع بعض المسلسلات الدرامية التلفزيونية، وانحيازه إلى رؤى ناضجة، على صعيدي الفكر والفن، سيكون جديراً بأن يفعل الشيء نفسه، على صعيد السينما، عندما يُقدم الدليل القاطع على أن ذوقه تغير، ووعيه اختلفا، وأنه لم يعد الطفل الساذج الذي يتم التغرير به بواسطة أفلام هابطة ومبتذلة تنتظره في موسم العيد»!
هذا ما كتبته وأضفت إليه: «فعلها الجمهور، وفاجأ الجميع، عندما أقبل على مشاهدة أفلام العيد ذات السوية الفنية والفكرية الرائعة، وقفز بها إلى قمة شباك التذاكر في حين وجه لطمة قاسية، وصفعة مدوية، للأفلام الماسخة التي تخلو من التجديد والابتكار، وقادها إلى احتلال المؤخرة التي تليق بها»!تجاوب الجمهور مع فيلم {الفيل الأزرق}، الذي نجح في تحقيق المعادلة الصعبة، وجمع بين النجاح الجماهيري والاستحسان النقدي، رغم اختلافه عن كل ما يُقدم في سياق السينما المصرية والعربية، وإصراره على ألا يُساير أو يُجاري السينما التقليدية التي اعتدناها، حطم نظرية {فيلم العيد}، الذي ينبغي أن يكون تافهاً أو ساذجاً كي ينجح أصحابه في الاحتيال على الجمهور، والاستيلاء على {العيدية}، مثلما شجع المنتجين والموزعين على طرح نوعية من الأفلام التي لم يكن لها مكان من قبل في موسم العيدين الفطر والأضحى، وهو ما يبدو جلياً في قائمة الأفلام التي تستقبلها صالات العرض السينمائي هذا العام؛ فإذا كان فيلم {شد أجزاء} تأليف محمد سليمان عبد المالك، إنتاج أحمد السبكي وإخراج حسين المنباوي ينطبق عليه مفهوم {فيلم العيد} شكلاً ومضموناً؛ كون البطولة فيه للممثل الشاب محمد رمضان، الذي عُرف بتقديم هذه النوعية، مذ قدم: {الألماني}، {عبده موتة} و}قلب الأسد}، وهو الأمر الذي ينطبق على أفلام: {حياتي مبهدلة} بطولة محمد سعد، {نوم التلات} بطولة هاني رمزي، {حارة مزنوقة} بطولة علا غانم، {4 كوتشينة} بطولة أوكا وأورتيجا وشحتة كاريكا فإن المعادلة تختلف مع دخول فيلمي {سكر مر} و}ولاد رزق} حلبة السباق للفوز بكعكة إيرادات موسم عيد الفطر؛ فالفيلم الأول من إخراج هاني خليفة، الذي يسعى من خلاله إلى استعادة نجاح فيلمه الأيقونة {سهر الليالي} (إنتاج 2003)؛ بدليل أنه يختار للبطولة خمسة رجال وخمس سيدات (أحمد الفيشاوي، هيثم زكي، كريم فهمي، نبيل عيسى وعمر السعيد مع أيتن عامر، شيرين عادل، أمينة خليل، ناهد السباعي وسارة شاهين)، كما فعل في {سهر الليالي}، الذي انطلق من قصص أربعة رجال وأربع سيدات (فتحي عبد الوهاب،أحمد حلمي،شريف منير وخالد أبو النجا في مقابل منى زكي، حنان ترك، علا غانم وجيهان فاضل) بينما تقوم الأحداث، في فيلمه الجديد أيضاً،على العلاقات المجهضة، والأخرى الناجحة، والممكن والمستحيل في العشق والزواج، والفيلم من تأليف محمد عبد المعطي، الذي كتب للسينما من قبل فيلم {المهرجان} (2014) بطولة السادات وفيفتي مع أمينة خليل . أما مفاجأة عيد الفطر فتتمثل في فيلم {ولاد رزق}، الذي تقول عناوينه إنه من إنتاج المطربة أصالة نصري، لكن الدهشة حيال هذه المعلومة سرعان ما تختفي عندما نعلم أن الفيلم من إخراج زوجها طارق العريان، الذي اختار للبطولة أحمد عز، عمرو يوسف، أحمد داود، أحمد الفيشاوي، كريم قاسم، أحمد مالك وسيد رجب مع نسرين أمين. وينتمي الفيلم، الذي كتبه صلاح الجهيني صاحب سيناريو فيلم {30 فبراير}، إلى لون {الأكشن}، الحركة، الذي يمتلك {العريان} أدواته، واشتهر به مذ فيلمه الأول {الإمبراطور} (1990)، وتطوره من فيلم إلى آخر، وهو ما يبدو متحققاً بدرجة كبيرة في {ولاد رزق}، الذي يوحي إعلانه التشويقي TEASER أنه سيكون فرس الرهان أو الحصان الأسود في سباق أفلام عيد الفطر المبارك. في تفسير له مدلوله لكلمة الأسطورة قيل إنها {تلك التي تمنح الإنسان وهماً زائفاً بأنه قادرٌ على فهم الكون، وامتلاك الحقيقة}، وفي قول آخر إنها {الوهم الذي يُصبح جزءاً من تراث الشعب الشفهي، وفي الكثير من الأحيان تُستخدم كلمة أسطورة مكان الشائعة، والعكس صحيح}، وفي ما يبدو أن اصطلاح {فيلم العيد} وهم هائل نسجه بعض الدخلاء من المنتجين،وجاراهم في الترويج له، ودفع الناس إلى تصديقه، كبار الموزعين، وأصحاب المصلحة في التربح من صناعة السينما، وآن للأسطورة التي تحولت إلى خرافة أن تسقط!
توابل - سيما
فجر يوم جديد : {فيلم العيد}!
20-07-2015