«التمييز» في حكم بارز: جريمة العمل العدائي ضد الدول هي الأفعال التي تعاديها وتعرض مصالحها للخطر

نشر في 27-10-2015 | 00:01
آخر تحديث 27-10-2015 | 00:01
«من أمثلتها المساس بسلامة رئيس أي دولة صديقة أو قذفه أو إسناد أمور شائنة إليه»
الإساءة والتحريض والتشكيك في سياسات الدول الصديقة وقضائها وحكمها من صور العمل العدائي

حددت محكمة التمييز  برئاسة المستشار فيصل الخريبط مجموعة من القواعد التي تحكم نص المادة الرابعة من قانون الدولة والتي تعاقب بالحبس الذي تصل مدته إلى 3 سنوات لمن يقوم بأعمال عدائية ضد الدول التي تربطها علاقات بالكويت، ويترتب على تلك الأعمال توتر العلاقات السياسية مع الكويت نتيجة تلك الأعمال العدائية، التي اعتبرت وزارتا الداخلية والخارجية في عدد كبير من البلاغات التي قدمتها الى النيابة العامة ضد عدد كبير من المغردين والكتاب والمفكرين، أن كتاباتهم ضد عدد من الدول الخليجية والعربية، تمثل عملا عدائيا يعرض الكويت لخطر قطع العلاقات السياسية، ومن ثم يوجب محاكمتهم على نص المادة الرابعة من قانون أمن الدولة الخارجي.

وتطلبت «التمييز» توافر ثلاثة شروط أو عناصر لوقوع جريمة العمل العدائي حتى يحاكم عليها الأشخاص، وهي أولا أن يكون الفعل الصادر منهم يكشف عن المنابزة والانتهاك، وثانيا أن ينم هذا الفعل بطبيعته عن المعاداة او الامتهان لمصالح الدول الأجنبية التي يقع فيها، سواء من حيث الزمان أو المكان، أو من حيث مدى حساسية ونوع العلاقات بين الكويت والدولة التي يرتكب الفعل ضدها، وإذا لم يتوافر أي من تلك الشروط والعناصر في الأفعال فلا يمكن اعتباره عملا عدائيا، وفي ما يلي نص حكم «التمييز»:

قالت محكمة التمييز في حكمها البارز «إن النص في المادة الرابعة بفقرتها الأولى من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء على أن يعاقب بالحبس المؤقت الذي تقل مدته عن ثلاث سنوات كل من قام بغير إذن من الحكومة بجمع الجند أو قام بعمل عدائي آخر ضد دولة أجنبية من شأنه تعريض الكويت لخطر الحرب أو قطع العلاقات السياسية يفيد بأن الركن المادي لهذه الجريمة هو القيام من دون إذن من الحكومة بجمع الجند لتحقيق غرض يتنافى مع مصلحة دولة اجنبية او ارتكاب أي عمل عدائي آخر ضد مصلحتها يكون من شأنها تعرض الكويت لخطر الحرب أو قطع العلاقات السياسية، وجمع الجند الذي تحدث عنه النص هو مثال قانوني للعمل العدائي محل التجريم الذي لا يشترط فيه حتما أن يكون من جنس جمع الجند الذي نصت عليه المادة على استقلال بحسبانه عملا عدائيا ظاهر الخطورة.

العمل العدائي

وإذ أردفت تلك المادة فوصفت العمل العدائي بأن يكون من شأنه تعرض الكويت لخطر الحرب أو قطع العلاقات السياسية وجب الاهتداء في تحديده بأن يكون من شأنه الأساس الى هذه النتيجة التي حددها النص، وعلى هدى ذلك فإن العمل العدائي في حكم نص هذه المادة هو كل فعل يكشف عن المنابزة والانتهاك، وينم بطبيعته عن المعاداة أو الامتهان لمصالح الدول الأجنبية ويكون له خطره في الظروف المختلفة التي يقع فيها، سواء من حيث الزمان او المكان أو من حيث مدى حساسية ونوع العلاقات بين دولة الكويت والدولة التي يرتكب فيها الفعل.

وأضافت «التمييز» في حكمها قائلة «ومن ثم حق اعتبار كل فعل متى توافرت له العناصر المتقدمة عملا عدائيا، ومن امثلته المساس بسلامة رئيس دولة اجنبية او قذفه او اسناد امور شائنة اليه او الى دولته للتقليل من هيبتها او احترامها او الدعوة الى قلب نظام الحكم فيها، ويتعين في هذا العمل أن يكون فعلا ماديا وخارجيا ملموسا ومحسوسا، لأن الأعمال غير المادية التي يبطنها الشخص ولا يلمسها الغير لا ينالها التجريم والعقاب.

وكان تقدير ما اذا كانت الافعال محل الاتهام تدخل في عداد الأعمال العدائية التي يجرمها القانون هو من شؤون قاضي الموضوع طالما يقيمه على ما ينتجه ويتوافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بثبوت على الجاني بقيام النشاط والغرض منه واتجاه إرادته الى تحقيق هذا الغرض ولو لم يتم فعلا، وتقدير توافر القصد الجنائي في هذه الجريمة او عدم توافره هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بالفعل فيها بغير معقب ما دامت تقيم قضاءها على أسباب سائغة».

إساءة وتحريض

وقالت المحكمة: «وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما حوته العبارات التي أوردها الطاعن عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بغير اذن من الحكومة ورأى انها تمثل عملا عدائيا ضد دولة اجنبية، ومن شأنها تعرض دولة الكويت لخطر قطع علاقاتها السياسية معها ذلك ان المتهم مواطن كويتي، وقد تضمنت عباراته المبنية إساءة وتحريضا وسخرية وطعنا وتشكيكا في سياسة الدولة الخليجية وحكمها وقضائها، مما جعل سفارة هذه الأخيرة بدولة الكويت تقدم احتجاجا لوزارة الخارجية بدولة الكويت وصفته بالعاجل، أرفقت به صور التغريدات موضوع الاتهام، وطلبت من الحكومة الكويتية اتخاذ موقف حاسم حيال كل ما يمس العلاقات الثنائية بين البلدين، والإفادة بما يتم حيال تلك الواقعة لإحاطة الجهات المختصة في تلك الدولة به، فإن ما أورده الحكم على النحو السالف بسطه تتحقق به جريمة القيام بعمل عدائي ضد دولة أجنبية كما عناها القانون، ويتضمن ردا على دفاع الطاعن بانتفاء الركنين المادي والمعنوي لتلك الجريمة، الأمر الذي يضحى معه كافة ما يثيره في هذا الشأن غير سديد».

وقالت «التمييز»: لما كان ذلك، وكان لا محل لما يتذرع به الطاعن المتهم من أن فعله مباح وفقا لحكم المادة 214 من قانون الجزاء ذلك أن البين من استقراء ما نصت عليه تلك المادة ان ما ورد بها من أسباب الإباحة انما ينصرف الى جرائم القذف والسب المنصوص عليها في المواد 209، 210، 211، 212 من القانون ذاته، وهي تختلف عن الجريمة موضوع الدعوى، ومن ثم فإن كافة ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.

back to top