بوتين مجبر على الانضمام إلى «الائتلاف» ضد «داعش»
إلغاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤتمره الصحافي مع وسائل الأعلام الاجنبية بعد انفضاض اجتماعه بالرئيس الاميركي باراك أوباما وحصره بوسائل الاعلام الروسية، اعتبره مراقبون مؤشرا على أن اتفاقا ما قد حصل ضمنيا بين الرجلين، إلا أن طريقة إعلانه تحتاج الى ترتيبات ليست بمتناول اليد في هذه المرحلة. وتشير بعض التسريبات غير المؤكدة بعد الى ان أوباما أبلغ بوتين عدم معارضته المبدئية لزيادة حجم القوات الروسية في سورية مادام الأمر محصورا بالدفاع عما تبقى من حد ادنى لاستمرارية النظام، في ظل عدم توفر بدائل مقبولة حتى الساعة. وبما أن التخلص من الاسد لم يعد هو العقبة، فالجهد الروسي في تأمين هذا «الاستقرار» لا يتعارض مع الجهود الاميركية لتطوير تلك البدائل، لكن الحديث عن مبادرة اميركية جديدة يحتاج إلى جولة جديدة من الاتصالات سيتولاها وزير الخارجية جون كيري في الايام القليلة المقبلة.وتضيف تلك التسريبات أن اعلان الرئيس الروسي استعداده للبحث جديا في الانضمام الى التحالف الدولي القائم لمحاربة تنظيم داعش هو تراجع روسي عن فكرة قيام تحالف جديد ضد الإرهاب، تحدث عنه في كلمته امام الجمعية العامة قبل ظهر يوم الاثنين، وأن تشديده على ان القوات الروسية لن تدخل في عمليات مباشرة ضد «داعش» واستعداد بلاده للتنسيق عسكريا مع الاميركيين، هو مقايضة وجد بوتين نفسه مجبرا على قبولها لإدراكه العميق ان «نزهته» الاوكرانية لا يمكن تكرارها في سورية لعوامل عدة جيوسياسية.
فـ«البرودة» الاميركية تجاه ما قام به في سورية اخيرا، ينظر إليها على نطاق واسع بأنها تعكس اطمئنانا اميركيا، لأنها رسالة موجهة الى الداخل الروسي أكثر من كونها موجهة تجاه القضايا الدولية. أوساط اميركية عدة تحدثت عما وصفته بسياسة هروب يمارسها الرئيس الروسي منذ تسلمه قيادة بلاده عبر سلسلة من المغامرات التي كانت تستند في السابق الى شعارات تضمر في حقيقتها دفاعا عن سلطة توتاليتارية اقامها بعد دخوله الكرملين. في سنواته العشر الاولى من الحكم كان يتباهى بالقول إنه قد لا يكون ديمقراطيا، لكنه اقام استقرارا مرفقا مع طفرة اقتصادية قامت بمجملها على بيع النفط. لكن مع انهيار أسعار النفط وفرض عقوبات اقتصادية على بلاده مرفق بفساد سياسي واداري ضخم وتراجع حاد في مداخيل الروس، فالمعادلة السابقة لم تعد صالحة. وها هو يستبدلها بالقول انه قد لا يكون ديمقراطيا، والاقتصاد قد يكون سيئا، لكن روسيا تعيد الاعتبار الى موقعها الدولي، وإن بديل الاستقرار قد يكون الفوضى التي تنتشر في كل مكان.وتقول تلك الاوساط اذا كانت روسيا تستعد للانضمام الى الستاتيكو القائم اليوم في سورية حيث الامور تسير بوتيرتها المملة في ظل احجام القوى الدولية عن وضع مقاربة جدية لإنهاء الأزمة في هذا البلد، فإن الحديث عن تعارضات جوهرية بين واشنطن وموسكو ليس امرا جوهريا في حقيقته، خصوصا أن بوتين لم يفصح إلا عن كلام مكرر بالنسبة الى مستقبل الاسد.فالمخاوف التي يخشى منها بوتين على روسيا من جراء عودة الجماعات الاصولية المقاتلة القادمة من البر الروسي والتي تحارب اليوم في سورية، لا تترك له مجالا كافيا للمناورة في حين أن واشنطن متحللة عمليا من هذه الاخطار، وتراقب ما جرى في افغانستان اخيرا مع تمدد «داعش» شمالا قريبا من الحدود الروسية وغربا بالقرب من الحدود مع ايران. وتختم تلك الاوساط بأن إدارة الرئيس اوباما قد تكشف تباعا عن طبيعة المناقشات التي دارت مع بوتين خلال تسعين دقيقة في نيويورك، خصوصا مع بدء الجولات المكوكية التي سيقودها جون كيري قريبا.