تكشف أنباء وصول طلائع قوات إيرانية إلى سورية لبدء عملية برية مشتركة مع عناصر «حزب الله» وميليشيات عراقية وقوات تابعة لنظام الأسد بغطاء جوي روسي، لاستعادة مناطق سهل الغاب في محافظة إدلب التي سيطرت عليها قوات المعارضة السورية أخيراً وهددت عملياً معقل الأسد في اللاذقية، تكشف، على الأرجح، طبيعة الهدف الرئيس لهذا التورط الروسي في «المستنقع» السوري.

Ad

هذا ما ألمحت إليه أوساط أميركية في ظل تشكيك رسمي للبيت الأبيض على لسان المتحدث باسمه جوش ايرنست: «إنه لا تأكيدات حاسمة بعد حول هذا الموضوع»، في حين ترى مصادر أخرى فيه بداية حرب إعلامية أيضاً، بعضها للرد على النجاحات العسكرية التي حققها التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن في كل من سد مأرب وباب المندب!

وتقول أوساط عسكرية مطلعة، إن التورط الروسي في سورية دخل عملياً نقطة اللاعودة في ظل مراقبة دقيقة لتداعياته المرتقبة، ليس على مجريات الحرب الدائرة في هذا البلد فحسب، بل على مجمل دول المنطقة.

فالأمور تزحف لتتحول إلى نفق لا تبدو نهاياته واضحة، بعدما بات من المحسوم أن الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لن تُقدم على مغامرة مديدة، بينما هندسة التوريط وتلزيم «الحروب الصغيرة» سيتحولان إلى سياسة لطالما استخدمت في الاقتصاد عبر تلزيم بعض الصناعات التحويلية لمراكز ناهضة تأنف القوى الكبرى من التورط فيها لعدم مردوديتها وكلفتها المرتفعة.

وتجزم تلك الأوساط بأن سورية قادرة على هزم كل اللاعبين مهما علا شأنهم، في ظل الاستقطاب شديد التعقيد الذي يتوقع له أن يتكثف بشكل متصاعد، مع دخول أعداء جدد وبدء عملية فرز إقليمية، ما لم تطرأ تعديلات جوهرية على الأهداف التي يطمح إلى تحقيقها اللاعبون المباشرون، وعلى رأسهم موسكو.

فالتهديدات المباشرة وغير المباشرة، سواء تلك التي صدرت من وزير الخارجية جون كيري ومن وزير الدفاع اشتون كارتر وقادة البنتاغون، وصولاً إلى تهديدات تركيا برفض فرض أمر واقع على حدودها الجنوبية، والتهديدات العربية بقلب مسار الحرب الجوية، تشير إلى أن الأمور قد تتجه إلى تصعيد خطير، في حين أن استهداف قوات المعارضة السورية المعتدلة من دون المساس بـ»داعش»، قد يعطي ذريعة كافية لرفض سياسة الإملاء التي يسعى الرئيس الروسي إلى فرضها في المنطقة على الأطراف الأخرى.

وتلفت تلك الأوساط إلى ضرورة مراقبة حجم التجييش الذي تنفذه السلطات الروسية داخلياً دعماً لتدخلها العسكري الأكبر منذ عقود خارج ما يعرف بالجغرافيا المباشرة لروسيا، للتأكد من حجم المأزق الذي قد تجد موسكو نفسها فيه، إن فشلت في تحقيق مكاسب فورية تتناسب مع حجم التضحيات التي تنتظرها.

وعلى رغم ذلك فالرئيس الروسي لا يستبعد من حساباته الاكتفاء بما يمكن اعتباره «سورية المفيدة»، إذا تعذر عليه إعادة عقارب الساعة إلى الوراء والسيطرة على كل سورية.

وتختم تلك الأوساط بالقول، إنه إذا صحت تلك التوقعات فإن الحديث عن معركة استعادة سهل الغاب وتحصين خط دمشق حمص وساحل اللاذقية، يصبح مفهوماً سياسياً وعسكرياً، خصوصاً أن الأطراف الأخرى لديها بدائل تستطيع تحصينها بعيداً من «دويلتي» بشار الأسد والخليفة البغدادي على السواء.     

روسيا تضرب «داعش» لأول مرة... وغاراتها مستمرة 4 أشهر