المرأة نافذة الشيطان!
يقال إن المرأة تُختبر بالذهب، والرجل يُختبر بالمرأة، وأعتقد أن الجزء الثاني من العبارة من أبلغ العبارات التي سمعتها وأكثرها دقة وأعمقها معنى!الرجل يختبر بالمرأة، هذه العبارة ليست مجرد خلاصة خبرة حياتية تحولت إلى قول مأثور في كتاب الحِكَم والأمثال، إنها اختصار مكثف لرجولة الرجل وغوص عميق في إنسانيته، وهي الغربلة الحقيقية لجوهره وما يختبئ في الدهاليز الخلفية لذاته.
إنها الثقب الذي يمكن النفاذ من خلاله إلى أعتم بقعة في ذات الرجل أو ربما أكثرها نوراً، وهي الشيفرة السرية التي تفتح الأبواب المغلقة بإحكام للخزانة التي يخبئ الرجل فيها خريطته النفسية، وتسقط كل الأقنعة المزيفة التي يخفي بها وجه طباعه الأصيلة.قل لي كيف تتعامل مع المرأة أقل لك أي رجلٍ أنت! بعض الرجال يتّخذ من تلك العبارة خريطة طريق لممارسة جبروته على المرأة وسلطته الذكورية التي حصل عليها ليس بالضرورة عن جدارة واستحقاق وإنما هِبَة مجانية من تراث اجتماعي موغل في القدم، فيقوم عقله بترجمة هذه العبارة ترجمة خاطئة مبنيّة على أساس ذلك الإرث الاجتماعي.ويفهم أن هذه العبارة تعني أن المرأة هي نافذة الشيطان التي يتسلل من خلالها ليرمي به في قاع الجحيم، فهو إذن لا بدّ أن يغلق هذه النافذة بمتاريس الحديد ويجنّد ما استطاع من حواسه لحراسة تلك النافذة، حتى لا يكاد يغمض له طرف ولا يرفّ له جفن خوف الغفلة التي قد تودي به إلى التهلكة!أتذكّر أن أحد الأصدقاء قديماً قال مسدياً لي النصح بزعمه: إن المرأة كالزنبرك، طالما أنت واضع قدمك عليه بكل ثقلك فهو تحت سيطرتك، فإذا ما أزاحت قليلاً قدمك عنه تأكد أنه سيفلت منطلقاً في وجهك مخلفاً أقسى الجروح وأبشعها، فانتبه لئلا تزيح قدمك عن المرأة ولو مقدار إصبع!هذه النصيحة الموجعة والوحشية من ذلك الصديق هي اختصار لتلك النظرة المتوارثة من قبل الرجل بشكل عام للمرأة، وقلّما نجد الاستثناءات لذلك، وأعتقد - وهذا هو بيت القصيد- أنه قليلاً ما خالفت هذه النظرية الواقع مما جعلها تتأصّل في وجدان الرجل وفكره، إلاّ أن ما يغيب عن ذهن الرجل ربما عن جهل أو ربما بسوء قصد هو أن هذا السلوك «الشيطاني» للمرأة ليس لطبعٍ متجذّر فيها، وإنما هو ردّ فعل طبيعي للسلوك الرجولي المهين لها، فكل فعل له ردّ فعل مساوٍ له في القوة ومعاكس له في الاتجاه، تلك أولى الأبجديات التي حفظناها على مقاعد الدراسة، وتلك أولى الحجج التي نسوقها في تبرير تصرفاتنا الخرقاء أحياناً، فلماذا تغيب تلك البديهية عند تفسير السلوك الأعوج للمرأة ضدّ الرجل؟!الأهمّ من ذلك كله أن التقييم الحقيقي لإنسانية إنسان ما رجلاً كان أو امرأة هو في طريقة تعامله مع مَن يظنه أضعف منه لا مع مَن يساويه في القوة أو أقوى، فإن كان كريم خلق مع الضعيف كان ذلك جوهره، وإن كان دنيئاً كانت تلك حقيقته، لذلك قيل إن الرجل يختبر بالمرأة!