أعادت اليابان الثلاثاء تشغيل مفاعل نووي واضعة حداً لإغلاق جميع منشآت الطاقة النووية الذي استمر عامين وتقرر إثر حادث فوكوشيما في 2011، الكارثة النووية الاسوأ منذ العام 1986.

Ad

وعند الساعة الـ10,30 صباحاً (01,30 تغ) شغلت محطة "يوتيليتي كيوشو" للطاقة الكهربائية أحد مفاعلات محطة سنداي على بعد حوالي ألف كيلومتر جنوب غرب العاصمة طوكيو.

ويتوقع أن يحقق المفاعل وعمره 31 عاماً طاقة تشغيله الكاملة عند الساعة 23,00 الثلاثاء على أن يبدأ بانتاج الطاقة يوم الجمعة، وجرى تشغيل المفاعل اليوم في ظل قيود مشددة فرضت على قطاع الطاقة النووية الياباني بعد حادث فوكوشيما.

ومن المفترض أن تبدأ العمليات التجارية بداية الشهر المقبل، وفق ما قال متحدث باسم إحدى الشركات.

ويستأنف العمل في منشآت الطاقة النووية بعد أربع سنوات على زلزال وتسونامي ضربا محطة فوكوشيما، ما أدى إلى وقف العمل في المنشآت اليابانية والبدء في البحث عن مستقبل أفضل لاستخدام الطاقة النووية.

وأسفر الحادث وقتها عن إطلاق اشعاعات فوق منطقة واسعة وأجبر عشرات الآلاف على مغادرة منازلهم، والكثير منهم لن يتمكن من العودة أبداً.

ويتوقع أن يحتاج تفكيك منشآت فوكوشيما عقوداً من الزمن مع ما يترتب من تكاليف التعويضات التي تخطت اليوم 57 مليار دولار، فضلاً عن تكاليف تنظيف الموقع.

ولا يزال الرأي العام الياباني معارضاً بشدة للطاقة النووية ونقلت محطات تلفزيونية مشاهد متظاهرين يتصادمون مع الشرطة أمام محطة سنداي.

وبحسب الإعلام المحلي، فإن حوالي 200 متظاهر تجمعوا في الموقع من بينهم رئيس الحكومة السابق ناوتو كان الذي أصبح من أهم الناشطين في الحراك المعارض للطاقة النووية.

واضطرت اليابان، التي كانت تعتمد على الطاقة النووية لانتاج ربع حاجتها من الكهرباء لضعف مواردها الطبيعية، إلى إعادة تشغيل مفاعلين بشكل مؤقت لتأمين حاجتها بعد حادثة فوكوشيما، إلا أنه تم وقف العمل بهما في سبتمبر 2013 لتتحول اليابان بالنتيجة إلى دولة خالية من الطاقة النووية لحوالي عامين.

وفرضت طوكيو قيوداً جديدة قاسية لتفادي تكرار حادث فوكوشيما، من بينها إجراءات وقاية اضافية وجدران مدعمة مضادة للتسونامي في بعض المناطق.

وقال وزير الصناعة يوشي ميازاوا للصحافيين "من المهم إعادة تشغيل المفاعلات النووية كل لوحده من منظور أمن الطاقة فضلاً عن الاقتصاد والإجراءات المتخذة ضد الاحتباس الحراري، ولكن السلامة تبقى الأولوية".

وتابع أنه في حال وقوع حادث آخر، فإن الحكومة "ستتعامل معه بمسؤولية".

ويعتمد رئيس الحكومة الياباني شينزو آبي على إجراءات السلامة المشددة لإعادة تشغيل عشرات المفاعلات، إذ أن سياسة طوكيو في مجال الطاقة تسعى للتوصل إلى تأمين القطاع النووي 22 في المئة من حاجة اليابان من الطاقة بحلول العام 2030.

وتتطلع شركات الطاقة التي تمتلك المفاعلات النووية لإعادة تشغيلها بعد سنوات اضطرت خلالها للتعويض عن خسارتها عبر اللجوء إلى الوقود الأحفوري المكلف جداً.

وارتفعت كلفة انتاج الطاقة في اليابان بشكل كبير لدى سعي طوكيو للتعويض عن وقف تشغيل المفاعلات النووية، ما أدخل البلاد في عجز تجاري.

وما ضاعف أزمة التكاليف المرتفعة تراجع قيمة الين الياباني، ما زاد كلفة واردات الطاقة التي كانت تدفع بالعملات الأجنبية، غالباً الدولار الأميركي.

وحصلت منشآت نووية عدة على الضوء الأخضر لإعادة تشغيلها إلا أن الحكومة اليابانية تواجه معارضة من الجماعات المحلية الرافضة لاستئناف العمل بالطاقة النووية.

وفي هذا الصدد، انتقد تكاشي كاتو الاستاذ المتقاعد من جامعة سيكي في طوكيو إعادة تشغيل مفاعل سنداي الثلاثاء، معتبراً أن آبي يضع علاقاته التجارية قبل هواجس السلامة.

وقال كاتو أن "آبي لا يستمع إلى صوت الشعب بل يتصرف وكأنه يمتلك كامل الصلاحيات".

وقال أن "الشركات الكبرى، وليس الرأي العام، هي التي تطالب بامدادات مستقرة من الطاقة من خلال إعادة تشغيل المفاعلات النووية".

وأكد مسؤولون في مجال السلامة على أن أي عملية إعادة تشغيل ستجري في إطار قيود مشددة جداً مقارنة بتلك التي كانت سارية قبل حادث فوكوشيما، اسوأ كارثة نووية منذ كارثة تشيرنوبيل عام 1986.

وقال رئيس إدارة تنظيم القطاع النووي شونيشي تناكا أن كارثة من هذا النوع لن تتكرر في مفاعل فوكوشيما دايشي النووي في ظل القيود الجديدة.

ولكنه أقر في مقابلة مع صحيفة نيكي نشرت نهاية الأسبوع الماضي أنه "ليس هناك سلامة مطلقة"، أما شعب اليابان فيشكك في ضرورة العودة إلى الطاقة النووية إذ أن ذكريات حادث فوكوشيما لا تزال حية في أذهانهم.