فاجأت الصين العالم في الأسبوع الماضي بإعلانها خفض قيمة عملتها اليوان، في خطوة يحتمل أن تحسن صادراتها وتدعم نمو اقتصادها الضعيف، وكانت هذه الخطوة المتعلقة بخفض العملة الاجراء الأكثر دراماتيكية خلال عقدين من الزمن.

Ad

ومن المحتمل أن تفضي هذه الخطوة الى اثارة قلق بالغ بعد أن أعرب قادة سياسيون، وخاصة في الولايات المتحدة، عن استيائهم لأن الصين تجعل عملتها عند مستويات متدنية من أجل تحسين صناعاتها المحلية.

وقد عملت الصين خلال السنوات الأخيرة على رفع قيمة عملتها، اليوان، ولكن الاعلان الأخير من قبل البنك المركزي الصيني سوف يشعل بالتأكيد الجدل حول ما إذا كانت بكين تقدم لشركاتها وأعمالها التجارية ميزة غير عادلة.

ويقول ستيفن روتش من جامعة ييل الذي عمل رئيساً غير تنفيذي لبنك مورغان ستانلي في آسيا إن هذه الخطوة من جانب الصين أثارت "امكانية حدوث مناوشات جديدة من شأنها زعزعة الاستقرار بصورة متزايدة في حرب العملات العالمية المتوسعة".

وقد تباطأ الاقتصاد الصيني الى 7 في المئة، محسوباً على أساس سنوي للنمو في الربع الأول من هذه السنة – وهي الوتيرة الأكثر بطئاً خلال ست سنوات – بينما هبطت الصادرات الى 8.3 في المئة محسوبة على أساس سنوي في شهر يوليو الماضي، وذلك بحسب معلومات صدرت في نهاية الأسبوع.

أهداف «المركزي» الصيني

ولكن البنك المركزي الصيني قال في الأسبوع الفائت إن أهدافه تتجاوز تحفيز الصادرات والنمو، وأشار إلى أن التغير في قيمة العملة الصينية يمثل عملية لمرة واحدة تهدف الى جعل أسعار الصرف تتماشى مع ممارسات السوق الحرة. وقد وافق على هذه النظرة العديد من المحللين.

ومثل العديد من الأشياء في الاقتصاد الصيني تخضع العملة إلى مزيج من قوى السوق وإلى قانون حكومي. وتقوم بكين في صباح كل يوم بتحديد هدف لتداول اليوان في مقابل الدولار ثم تسمح للمستثمرين ببيع وشراء العملة مع هامش من 2 في المئة زيادة أو نقصاناً.

وقد خفف التغير الذي صدر في الأسبوع الماضي من سيطرة الحكومة على تحديد ذلك المعدل الذي سوف يتقرر الآن عن طريق معدل اغلاق السوق في اليوم السابق.

وبطريقة ما تتبع هذه الخطوة ما أرادته الولايات المتحدة منذ سنوات من توجه الحكومة الصينية نحو معدلات صرف تعتمد على معطيات السوق مع افتراض أن اليوان سوف يخفض. وفي شهر ابريل الماضي أشادت وزارة الخزانة الأميركية بجهود الصين الأخيرة الخاصة بالسماح لليوان بالارتفاع، ولكنها قالت إن العملة الصينية لا تزال "أقل كثيراً قيمتها".

ولكن لا يوافق كل خبراء الاقتصاد على هذا الوضع، ولهذا السبب قد ينطوي قرار الصين الأخير على جانب سلبي في الواقع بالنسبة الى النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، في الأجل القصير على الأقل. وقال صندوق النقد الدولي في شهر مايو الفائت إن العملة الصينية لم تعد أقل من قيمتها الحقيقية.

وقد تتمكن قوى السوق الآن من دفع اليوان إلى الانخفاض، وليس إلى الارتفاع وجعل المنتجات الصينية أرخص، في وقت قال محللون من "سيتي بنك" في الأسبوع الماضي إن الخطوة الصينية الأخيرة قد تمثل بداية هبوط في قيمة اليوان.

وفي الصين، سوف يمثل انخفاض قيمة العملة نعمة بالنسبة الى المصدرين والصناعات الثقيلة، ولكنه سوف ينطوي على أنباء سيئة بالنسبة الى الشركات التي تعتمد على السلع المستوردة. وقد هبطت أسعار أسهم شركات الطيران الصينية كما توقع المحللون أن تؤثر التكلفة الأعلى للنفط بالدولار على أرباحها.

وقد تعني الخطوة الصينية أيضاً زيادة المنافسة بالنسبة إلى جارات الصين، واليوان الأرخص سوف يجعل البضائع الصينية أكثر تنافسية مع الدول المصدرة في المنطقة، وربما يدفعها إلى خفض عملتها.