الرياضة... وما أدراك ما ملف الرياضة في الكويت، الذي لم يسوّ منذ 30 عاماً، ولم توضع له حلول تحفط مصالح البلد وأبنائه وسمعته، وهيبة الدولة طوال تلك الفترة الطويلة، وتحولت الرياضة التي كانت تقدم الكويت وشبابها وأهلها بشكل حضاري، وتعكس نهضة المواطن الكويتي وعزيمته إلى مشهد مخزٍ حالياً يعكس التناحر على الساحة الكويتية، وعلو "الأنا" على المصلحة الوطنية ومصلحة أهل البلد جميعاً.

Ad

منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وتحديداً منذ الندوة الشهيرة للزميلة جريدة القبس، عندما كان يترأس تحريرها النائب السابق الناشر محمد الصقر في 1985، حول مشاكل الرياضة الكويتية، وجرها إلى صراعات الساحة السياسية وتنافسات الأسرة وعمليات الفساد المالي، وما كان لتلك الندوة المشهودة بسبب جرأتها وطرحها لحقيقة الوضع الرياضي من تداعيات، ومواجهات مع الشهيد الشيخ فهد الأحمد استمرت سنوات، وكان لتلك المواجهات أبلغ الأثر في تدهور مستوى الرياضة الكويتية ذات السمعة والنتائج الممتازة في تلك الحقبة الزمنية.

وحتى لا نغرق في تفاصيل مملة يعرفها الكويتيون وحتى جيراننا الخليجيون والعرب عن حالنا الرياضي وممارسات رواده، فإن الرياضة الكويتية وقرارات اللجنة الأولمبية والاتحادات الدولية  المتكررة ضدنا بإيقاف مشاركاتنا الرياضية العالمية والقارية والإقليمية هي مسلسل هزلي، لا يمكن لأي دولة تحترم سيادتها وسمعتها وكرامة شعبها، وخصوصاً شبابها الرياضيين، أن تقبله أو تسكت عنه، ولا يوجد تقريباً له مثيل إلا في مناسبات محدودة وقليلة لدول لديها مشاكل كبرى سياسية وأمنية واقتصادية.

السلطة في الكويت قبلت أن يمر شبابها الرياضيون بهذه التجارب القاسية، وأن تصبح سمعتنا في المحافل الدولية بهذه الصورة السلبية، لأن نزاع الرياضة من بين أطرافه متنفذون من الأسرة، وغابت إرادتها لتوقف كل متجاوز عند حده، ولكن الوضع حالياً وصل إلى حالة مزرية لا يمكن للبلد أن يستمر عليه، فالأندية الرياضية تتسلم أموالاً من الدولة، ولكن مَن يديرها يتمرد على قوانين الدولة!... فهل هذا معقول ومقبول؟! خاصة أن الوضع في كل الدول المجاورة مشابه، ولكن لا يستطيع أحد لديهم أن يفعل ما يفعله مَن يديرون الأندية والاتحادات الرياضية عندنا.

صحيح أن لدينا في الكويت تراثاً وأنظمة ديمقراطية في إدارة مؤسسات النفع العام مثل الأندية والنقابات والجمعيات الأهلية، ولكن كل تلك الجهات لا تنقلب على قوانين الدولة وترفض تنفيذها كما يفعل أهل الرياضة، بل تعترض عليها إذا خالفت مواثيقها وأهدافها بالسبل القانونية والمحاكم، خاصة أننا نعلم أن الأندية والاتحادات الرياضية نتائجها ضعيفة وفي تراجع مستمر منذ ثلاثة عقود، ومع ذلك تتسلم الأموال من الدولة، وتستخدم مرافق عامة لأملاك الدولة.

 واليوم بعد أن "شرشح" القائمون على الرياضة، وخاصة في اللجنة الأولمبية الكويتية "اسم الكويت"، عبر الشكاوى إلى الجهات الدولية، ورفض قوانين البلد و"مرمرة" أهل الكويت وحسرتهم على رياضتهم، أعتقد أن الدولة مطالبة بموقف يعكس سيادتها وهيبتها، يتمثل في قرارات صارمة تبدأ بوقف جميع أنواع الدعم المالي للأندية والاتحادات الرياضية، وحل كل مجالس إدارات الأندية الرياضية، ووقف الأنشطة الرياضية عاماً، تقوم خلاله بإعادة صياغة جميع الأنظمة الرياضية وما يتطلبه ذلك من تعديل قوانين التصويت في الأندية والانتخاب، أو الشروع فوراً في "خصخصة" الأندية الرياضية، على أن تمتلك الدولة ستة أندية فقط، بواقع نادٍ لكل محافظة، عبر الهيئة العامة للاستثمار تدار بشكل تجاري وبدعم حكومي لخدمة الشباب، وبقية الأندية يتم خصخصتها.

وأحد هذين الحلين هو الحل الأمثل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الرياضة الكويتية وحفظ سمعة البلد، وخلال فترة إيقاف النشاط الرياضي وإعادة هيكلة ذلك القطاع يمكن للدولة أن تقدم خدمة الرعاية الرياضية عبر مراكز الشباب، وكذلك من خلال الأندية التي ستديرها هيئة الشباب والرياضة حتى إنجاز الأنظمة الرياضية الجديدة، علما بأن إيقاف النشاط الرياضي فترة محدودة لا يؤدي إلى انهياره، فمصر، على سبيل المثال، بعد نكسة 1967، جمّدت النشاط الرياضي فترة زمنية، ولم تخسر مكانتها في البطولات الرياضية في الألعاب الفردية والجماعية بعد ذلك، وهناك عدة دول أخرى أوقفت النشاط الرياضي فترات محددة في مناسبات مختلفة، أما غير المقبول فهو أن تستمر الرياضة الكويتية بوضعها الحالي وما تعكسه من انتقاص من سيادة الدولة وإرادتها، والتعريض بسمعة الكويتيين.