يبدو أن من يصوغ الخطاب الإعلامي الإيراني كان يعمل سابقاً في الدعاية والإعلان، فلا شيء يفسر تناقض الخطاب وحمله لتوأمَي المعاني غير المتطابقة إلا كونه يحمل "ستايل 2 في 1" الذي تعودنا عليه في الدعايات الإعلانية.
التصريحات الإيرانية دوماً تحمل متلازمة "جيكل وهايد"، فمثلاً صورت قنوات الأقمار الصناعية تصريحاً للرئيس روحاني خلال حادثة تدافع "منى" جاء فيه أن "الحادث الذي تعرض له الحجاج في منى كان بسبب سوء الإدارة"، ليخرج بعدها وزير الصحة الإيراني هاشمي بصورة تجمعه مع وزير الصحة السعودي، وهو يثني على جهود المملكة وتعاملها مع الحادث وتقديمها بتفانٍ كل الخدمات الصحية لجميع المصابين! وكذلك غردت عصفورة الإنترنت مرة بأن جعفري قائد الحرس الثوري قال "إن قوات فيلق القدس التي تقوم بتنفيذ العمليات العسكرية والسرية خارج إيران موجودة في سورية"، ليصيح بعدها الديك الفصيح للمتحدِّث باسم الخارجية الإيرانية "رامين مهانبرست" نافياً وجود أي دور عسكري تمارسه بلادُه في المنطقة!وقد حدثنا الريموت كنترول عن أبيه التلفاز عن جده الرسيفر عن الدبلوماسي الإيراني جعفر أكرمي أنه قال "ما تسمونه أنتم (الغربيين) بالربيع العربي بدأ منذ ثلاثين سنة بالثورة الإسلامية في إيران التي أطاحت بالشاه"، ولكن هذا الحديث الإيراني ثبت أنه "موضوع"، فقد أبطل حبره دمع الأيتام والثكالى في سورية واليمن! وكل ثورات شعوب تاقت لحريتها فساند ثوار إيران جلاديها!وأيضا في الكويت نالنا من همّ "2 في 1" جانب، فقد نفى وزير الخارجية الإيراني ظريف الاتهامات الموجهة إلى بلاده في قضية خلية العبدلي، وقال إن أمن الكويت من أمن إيران لتخرج علينا السفارة الإيرانية ببيان في الصحف تصف الاتهامات الموجهة إلى المتهمين بأنها واهية! وهو بيان تستحق عليه السفارة الميدالية الذهبية للوثب العالي بالأولمبياد، لأنها تخطت بوثبة واحدة سيادتنا ووزارة خارجيتنا ونيابتنا وقضاءنا، هذا إن تفهمنا كيف تريدنا إيران أن نحافظ على أمننا الذي هو من أمنها بدون الاستعانة بمؤسساتنا الوطنية كالأمن والقضاء.وقبل الاعتداء على سفارة المملكة وقنصليتها في إيران وبعده، تعملق خطاب "2 في 1" الإيراني وتحول إلى "3 في 1"، فقبل الاعتداء على السفارة دان المتحدث باسم لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني حسين نقوي الإعدامات، وأضاف أن "العالم الإسلامي ستكون له ردود فعل قوية تجاه هذه الخطوة السعودية"، ووصف عضو مجلس خبراء القيادة أحمد خاتمي الإعدامات بأنها "جريمة شنيعة وستكون محركاً يشعل حركة مقدسة ضد النظام في السعودية"، في حين قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية حسين أنصاري إن "السعودية تساند الإرهابيين وتعدم المناهضين للإرهاب"، وبعد الاعتداء ظهر حسين أنصاري نفسه بشحمه ولحمه ليقول "إن إيران لا تتبع سياسات ترمي لخلق توترات مع السعودية"!أخيراً "نطلع فاصل" أم أن ما قرأتموه هنا يكفيكم مؤونة الإعلانات؟
مقالات
خارج السرب: خطاب «2 في 1» الإيراني
09-01-2016