يحكى أن ابنة عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه دخلت عليه تبكي، وكانت طفلة صغيرة آنذاك وكان يوم عيد المسلمين فسألها ماذا يبكيك؟ قالت: كل الأطفال يرتدون ثياباً جديدة وأنا ابنة أمير المؤمنين أرتدي ثوباً قديماً، فتأثر عمر لبكائها وذهب إلى خازن بيت المال، وقال له: أتاذن لي أن أصرف راتبي عن الشهر القادم؟

Ad

قال الخازن: لا مانع لكن بشرط.

قال عمر: وما الشرط؟

قال الخازن: أن تضمن لي أن تبقى حياً حتى الشهر القادم لتعمل بالأجر الذي تريد صرفه مسبقاً، فتركه عمر وعاد إلى بيته، فسأله أبناؤه ماذا فعلت يا أبانا؟

قال عمر: أتصبرون وندخل جميعا الجنة إن شاء لله تعالى، أم لا تصبرون ويدخل أبوكم النار؟

قالوا: بل نصبر يا أبانا.

أمير المؤمنين حاكم البلاد لا يستطيع شراء ثوب جديد لابنته الصغيرة لإدخال السرور إلى قلبها، وهي تلعب مع الأطفال في العيد.

قد يسأل سائل: معقولة أمير المؤمنين حاكم البلاد لا يملك مبلغا بسيطا لشراء ثوب لابنته؟ أين أمواله ومجوهراته وعقاراته؟

لا تستغرب عزيزي القارئ إذ كانت رواتب الحكام محدودة، فهم يأخذون من بيت مال المسلمين ما يكفيهم فقط، ويروى أن أبا بكر الصديق- رضي الله عنه- لما تولى الخلافة كان تاجراً فترك تجارته وجعل لنفسه راتباً من بيت المال مقابل تفرغه لمصلحة المسلمين، وكان يتقاضى ستة آلاف درهم سنويا يعني 500 درهم شهريا.