كيف سقط الأطفال من خارطة الإعلام؟

نشر في 04-01-2016 | 00:01
آخر تحديث 04-01-2016 | 00:01
«ماما نجوى»، «سينما الأطفال»، «عصافير الجنة»، «افتح يا سمسم»، «عروستي»، «البرلمان الصغير» وغيرها من برامج خاصة بالأطفال كانت موجودة بكثرة مع بدايات الإرسال التلفزيوني واستمرت لفترات قريبة، ثم اختفت تدريجياً رغم زيادة القنوات الأرضية أو الفضائية،  فيما لا تزال محفورة في ذاكرتنا.  

السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا تراجعت برامج الأطفال إلى حد الاختفاء؟ وهل تتناسى القنوات التوجه إلى الطفل من خلال برامج تثقيفية، توعوية وترفيهية؟

لا يقتصر اختفاء الأطفال من خارطة الإعلام على البرامج  فحسب، بل يمتد إلى الأوبريتات الموجهة إلى الطفل التي كانت تقدم بكثرة، ولا تزال أصداء نجاحها محفورة في الذاكرة، كذلك الأفلام والأعمال المخصصة له.

ما زالت الذاكرة تحتفظ ببرامج مثل “لعب عيال” الذي انطلق في أوائل التسعينيات مع انتشار القنوات المتخصصة، ولفت الأنظار إلى مقدمه الفنان أحمد حلمي وحقق نجاحاً، كذلك “أحلام العصافير” للإعلامية رجاء إبراهيم التي تؤكد أن الإعلام المصري لا يخطط لتقديم برامج متخصصة للطفل، ومع الوقت بدأ نسيان هؤلاء رغم أنهم وقود المستقبل ولا بد من الاهتمام بهم وتوجيه أفكارهم منذ الصغر، وتضيف: “للأسف اختفت هذه البرامج تدريجاً، مع  أن الأطفال كانوا يلتفون حولها، بسبب الهدف الربحي الذي يسيطر على المنظومة بأكملها”.

تتابع أن المشكلة الكبرى تكمن في محتوى هذه البرامج التي تتعامل مع الطفل على أساس أنه أحمق، ومن دون النظر إلى التطور التكنولوجي الذي يجعل ما كان يقبله طفل الأمس لا يُقنع طفل اليوم، مشيرة إلى أن منظومة الإعلام لا تدرك أن الطفل كالصفحة البيضاء يتعين علينا جميعاً التعامل معه بحذر، ومن خلال معادلة تغذية خياله وتنمية وعيه بما يتوافق والتطور العلمي والتكنولوجي الذي نعيشه.

أثر سلبي

ترى فاتن عدلي، باحثة في المركز القومي للبحوث التربوية، أن اختفاء البرامج التثقيفية والترفيهية للأطفال يعد أمراً خطيراً على عقل الطفل الذي وصفته بأنه «منتج خام» يمكن العبث به بشكل سلبي قد يدمر أخلاقيات أجيال كاملة.

تضيف أن ندرة البرامج الموجهة للطفل، تجبره على اللجوء إلى منابر إعلامية أخرى تقدم له ما يغذي عقله على العنف والأخلاقيات السيئة، لا سيما أن غالبية القنوات المصرية والفضائية تعج بأخبار سياسية تحتوي على كم هائل من العنف والإرهاب والحروب التي تملأ العالم، وتؤثر حتماً على الطفل، اجتماعياً، وتعرضه لاضطرابات نفسية قد تجعله في حالة صدمة من كل ما يحيط به.

تتابع: «بين اختفاء قنوات وبرامج متخصصة للأطفال، ظهرت قنوات فضائية أخرى موجهة للأطفال أثار بعض محتواها جدلاً، نظراً إلى خطورة ما تقدمه وما تتضمنه من سلوكيات وألفاظ يقلدها الطفل، ما يشكل خطراً نفسياً وتربوياً وأخلاقياً عليه».

توجيه سلوكي

يرى  إيهاب عيد، أستاذ سلوكيات الأطفال والمراهقين، أن غياب خطة تنفيذية لوضع برامج متخصصة للطفل، تدل على أن المنظومة الإعلامية تعاني الـ»لافكر» داخل المؤسسة الإعلامية، مضيفاً أن الموقف يستدعي توافر هيكلة واضحة للبرامج ومجلس إعلام متخصص للطفل يقدم خلطة برامجية هدفها توجيهه أخلاقياً وفنياً وعلمياً ودينياً وسياسياً.

يضيف أن العالم يبدأ استثماره في أطفاله ويتنافس لتربية جيل واعٍ مثقف وقوي، لافتاً إلى أنه بسبب غياب برامج الأطفال المتخصصة، يلجأ الطفل إلى مواد إعلامية لا تناسب مرحلته العمرية، بل تؤدي إلى اضطراب في سلوكياته، ما يظهر في شكل تردٍ واضح في الألفاظ والسلوكيات، نتيجة مواد إعلامية لا يستطيع عقله أن يفرزها ليختار الجيد منها من دون السيئ.

تؤكد نجلاء المغربي، مخرجة في الفضائية المصرية، أن «القناة تحتوي على برامج للأطفال تعرض يومياً في الصباح، ورغم ذلك ثمة نقص في الخارطة الإعلامية في ما يتعلق بالبرامج المتخصصة للطفل».

تضيف أن الطفل يعاني تجاهل الدولة لتثقيفه وبث برامج موجهة له وصولا إلى منظومة التعليم التي يتلقاها في مراحله العمرية المختلفة.

ترجع نجلاء قلة برامج الأطفال إلى نقص في الإمكانات المادية التي يتطلبها إنتاج هذا النوع من البرامج، إلى جانب تركيز خريطة العمل التلفزيوني على السياسة والمسلسلات والبرامج التي تعتبر مصدر الربح الأكبر للمنظومة الإعلامية.

back to top