حول تقرير «العفو الدولية»

نشر في 27-12-2015
آخر تحديث 27-12-2015 | 00:01
 مظفّر عبدالله أول العمود:

مليونان و٤٠٠ ألف عامل وعاملة منزلية في دول الخليج العربية بحسب تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وتأتي الكويت في المرتبة الثانية بـ ٥٧٢ ألف نسمة، بعد السعودية بـ٧٧٧ ألفاً.

***

أطلقت منظمة العفو الدولية تقريرها الموسوم "سياسة القبضة الحديدية: تجريم المعارضة السلمية في الكويت"، ليراقب ويرصد أحداث في إطار زمني يشمل أعوام ٢٠١١ إلى ٢٠١٥ في مجملها متصلة بالحراك السياسي، وما تمخض عنه من سجن وملاحقات جنائية للعديد من المواطنين والبدون، وهو تقرير شديد اللهجة، ويؤكد أحد معديه، جيمس لينش، مدير برنامج الشرق الأوسط في المنظمة، في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع زميله الباحث في المنظمة دريوري دايك في مقر الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان صبيحة يوم ١٦ ديسمبر الجاري، أن المنظمة انتظرت منذ مايو ٢٠١٥ رداً من الحكومة الكويتية على تقريرها، إلا أن شيئاً من التوضيح لم يرد على أي مما ذكرته من أجل تحسين معايير حق التعبير السلمي.

 وفي ٢٢ ديسمبر الجاري رد مساعد وزير الخارجية لشؤون المتابعة والتنسيق ناصر الصبيح، في سياق ندوة حول القانون الإنساني ودولة الكويت، على طريقة إعداد التقرير، ولم يتطرق إلى تفاصيله، لكنه وعد بتحقيق ذلك مع المنظمة لاحقا، وقبل ذلك كان وكيل وزارة الإعلام طارق المرزم قد أطلق تصريحاً بثته "كونا" ينفي ما جاء في التقرير ووصفه بعدم الحياد.

وفي ٢٥ ديسمبر الجاري قالت النيابة العامة على لسان مصدر مسؤول إنها ردت على كل ملاحظات المنظمة وسلمت ردودها إلى وزارة الخارجية، ونفت أي ملاحقات سياسية لأي كان، وأن كل الإجراءات تتم وفقاً لقانون الإجراءات ومن خلال المحاكم الجزائية.

في اعتقادي أن التفاعل المطلوب بين الحكومة والمنظمة بشأن التقرير لم يحصل كما كان مؤملاً، وأن ردود الفعل الرسمية أوكلت لمسؤولين غير معنيين بتفاصيل التقرير، هذا عدا أن الوفد لم يلتق أثناء وجوده في الكويت إلا بمستشار في وزارة الخارجية! وبعضو مجلس الأمة عدنان عبدالصمد.

قلنا إن التقرير تطرق لحديث الشارع اليوم: حبس المغردين، وسحب الجنسية، واستقصاد بعض المعارضين السياسيين، وسلسلة القوانين المتضمنة مواد مقيدة للحريات، ففي حين تقول المنظمة بعدم جواز حبس من يعبر عن رأيه سلمياً فإن معظم قضايا الحبس تتم وفقاً للقانون الجنائي، بناء على قضايا تُرفع من أشخاص متضررين أو عبر بلاغات حكومية للنيابة، وهو ما تعبر عنه نقطة عدم التقاء بين الطرفين.

وفي ظني أن حالة الاحتقان السياسي الداخلي والتوتر الإقليمي الذي لم تشهده الكويت من قبل سيزيد المشهد الذي رسمته المنظمة عن حرية التعبير سوءاً، خصوصاً بعد تفعيل قانون الجرائم الإلكترونية في ١٢ يناير ٢٠١٦ وقرب تشريع قانون الإعلام الإلكتروني، ودنو فترة انتخابات مجلس الأمة لعام ٢٠١٧، ومخاضاتها السياسية، مضافا إلى ذلك بالطبع عدم وجود بارقة أمل لحل قضايا الإقليم (سورية والعراق)، وتأثيرات حركة الإرهاب العالمية التي طالت أحد مساجدنا في صيف ٢٠١٥.

ويمكن القول حتى مع قبول بعض التحفظات الحكومية، إن حرية التعبير في الكويت ليست كما كانت في الممارسة العملية قبل ٢٠١١، وهو ما أشار إليه التقرير بالإشادة بالدور التنويري للكويت في المنطقة منذ الستينيات، ولئن كان مشروع قانون الإعلام الإلكتروني سيأتي بصيغته المقيدة بمزيد من التراجع لحرية التعبير في بلد يستخدم ٧٥٪ من سكانه الإنترنت، فمن الجدير الإشارة إلى أن هذا القانون المرتقب ليس إلا ابناً شرعياً لقانوني المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع القائمين منذ عشر سنوات تقريبا، وهو ما يتوجب على المجتمع المدني استخدام رخصة اللجوء للمحكمة الدستورية لنقض مواد في قوانين تنظم الإعلام من التي تحمل شبهة عدم الدستورية.

الخلاصة أن ما ذهبت إليه المنظمة في تقريرها لن يجد طريقه إلى الحل إلا بعد الانتخابات البرلمانية القادمة، وهو دواء مسكن، لكن الحل الأمثل هو في وقف الفساد الكبير في البلاد، وهو في رأينا سبب عدم رضا المواطنين عن الأوضاع العامة التي يحاول كل منهم التعبير عن عدم رضاه عنها بطريقته، فيقع من يقع منهم في فخ هذا القانون أو ذاك.

back to top