لقاء مؤثر للعائلات التي فرقتها الحرب في الكوريتين
دخل نحو 400 من الكوريين الجنوبيين المسنين الى كوريا الشمالية الثلاثاء وهم يحملون الهدايا في بداية لقاء مؤثر اتسم بالعناق والدموع مع اقاربهم للمرة الاولى منذ اكثر من 60 عاما في مناسبة اجتماع نادر للعائلات التي فرقتها الحرب.وعبرت اربع حافلات ترفع اعلام الصليب الاحمر وتقل الكوريين الجنوبيين ومعظمهم من المسنين الحدود التي تقسم شبه الجزيرة الكورية وشعبها منذ الحرب.
وبعد اجتياز المعبر الحدودي غوسيونغ، وصل الموكب بعد الظهر الى منتجع كومغانغ الكوري الشمالي لعقد هذا اللقاء الذي يستمر ثلاثة ايام والمؤثر جدا.وعانق الاشقاء والشقيقات والاعمام والعمات بعضهم البعض خلال اللقاء المؤثر.وقابلت لي جيونغ سوك (68 عاما) والدها ري جونغ هونغ (88 عاما) وجها لوجه لاول مرة منذ ان كان عمرها عامين.ووصل الرجل المسن على كرسي نقال الى غرفة الاجتماعات وانهمرت الدموع من عينيه عندما شاهد شقيقته الصغيرة عمة لي، التي هتفت "شقيقي".وقالت له "هذه ابنتك. هذه ابنتك" مشيرة الى لي.وهز ري الذي غلبته المشاعر براسه، وشد على يد ابنته وسألها عن مصير باقي افراد العائلة، فردت ابنته "كلهم تقريبا قتلوا في الحرب".وقد فرقت الفوضى والدمار خلال الحرب الاشقاء والشقيقات والاهل والاطفال والازواج والزوجات.وكان اكبر الكوريين الجنوبيين المشاركين في اللقاء سنا هو كيم نام-كيو (96 عاما) الذي كان يسير بمساندة ابنتيه اثناء لقائه شقيقته لاول مرة منذ اكثر من ستين عاما.وفي البداية جلسا في صمت وهما يمسكان بيد بعضهما البعض، وبعد ذلك اخرجت شقيقة كيم صورا لعائلاتها في الشمال.وهذا الحدث، الثاني من نوعه في خلال خمسة اعوام، تقرر في نهاية آب/اغسطس في اطار اتفاق سمح بوقف التصعيد الخطير للتوتر بين البلدين.وفرقت الحرب بين الكوريتين (1950-1953) التي ادت الى تقسيم شبه الجزيرة، ملايين الاشخاص. وانتهى النزاع بهدنة وليس باتفاق سلام مما يجعل الكوريتين تقنيا في حالة حرب بينما تحظر الاتصالات عبر الحدود والرسائل والاتصالات الهاتفية.وتوفي معظم افراد العائلات التي قسمت بدون ان يتمكنوا من لقاء اقربائهم.وفي خضم الحرب تفرقت عائلات باكملها من الاهل والاطفال الى الاخوة وصولا الى الازواج.وهناك اكثر من 65 الف كوري جنوبي على لائحة الانتظار لعقد مثل هذا اللقاء. وعملية انتقاء المشاركين مضنية ويتم اختيار قلة خلالها. واختارت كل من بيونغ يانغ وسيول نحو مئة شخص يطلبون بعد ذلك مقابلة واحد او اكثر من اقربائهم.وقال لي جو-كوك (82 عاما) "لم اتمكن من النوم طوال الليل" وهو يحمل بطاقة كتب عليه اسمه وسنه وكذلك اسم شقيقه الاكبر الذي ينتظره في جبل كومغانغ.واضاف "عائلتنا كانت متأكدة انه توفي. حتى كنا نحيي سنويا ذكرى رحيله". وتابع "ثم علمت انه لا يزال على قيد الحياة ويريد رؤيتنا".وكان لقاء العائلات بدأ فعليا بعد قمة تاريخية بين الشمال والجنوب في العام 2000.وفي البداية كان يعقد لقاء واحد سنويا لكن توتر الاوضاع الذي تشهده شبه الجزيرة من حين لآخر عرقل مواصلتها بهذه الوتيرة. والغت كوريا الشمالية عددا من هذه الاجتماعات في اللحظة الاخيرة.وترافق الموكب سيارتا اسعاف بسبب تقدم معظم المشاركين في هذا اللقاء بالسن وهناك بينهم حوالى عشرين شخصا على كراسي نقالة.وبين المشاركين كيم اوك-جا (72 عاما) التي لا يمكنها الكلام، وهي ذاهبة لرؤية شقيها الاكبر الذي جند في الجيش الكوري الشمالي عام 1951 كما يقول زوجها الذي يرافقها.وقال "كنا نظن انه توفي، ونعلم انها فرصتنا الوحيدة والاخيرة لعقد هذا اللقاء".وعلى مدى ثلاثة ايام سيتمكن هؤلاء الكوريون الجنوبيون من رؤية اقاربهم في الشمال ست مرات، في اجتماعات خاصة وعلنية.ولن يستمر كل اجتماع سوى ساعتين ما يعني انه سيكون امامهم 12 ساعة لمحاولة تجاوز آلام اكثر من 60 عاما من الفراق.ويدرك المسنون منهم الذين تتراوح اعمارهم بين ثمانين وتسعين عاما ان لقاءهم مع اقربائهم الخميس قد يكون اللقاء الاخير على الاطلاق.والجمعة سيكون دور الكوريين الجنوبيين المئة الذين تم اختيارهم للتوجه الى سوكشو للقاء اقرباء كوريين شماليين قاموا باختيارهم، في المرحلة الثانية من هذا الحدث.وما يدل على التفاوت الاقتصادي بين الكوريتين، حملت كل العائلات من كوريا الجنوبية العديد من الهدايا وملابس الشتاء ومستحضرات تجميل وحتى الاف الدولارات نقدا.لكن السلطات الكورية الجنوبية حذرتهم من ان سلطات الشمال ستاخذ قسما كبيرا من هذا المال.وخلال الاجتماع الاخير الذي عقد في شباط/فبراير 2012 اشتكى الكوريون الجنوبيون من ان اقرباءهم الشماليين شعروا بانهم مجبرون على القاء خطب سياسية تكرر الدعاية الرسمية.وقال آخرون ان الكوريين الشماليين اهتموا بالهدايا اكثر من الاجتماع بحد ذاته او من تاريخ عائلتهم.