اقرت روسيا الاثنين للمرة الاولى باحتمال وجود "عمل ارهابي" وراء اسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء المصرية اواخر الشهر الماضي، في حين يواصل السياح الروس والبريطانيون مغادرة شرم الشيخ.

Ad

وقال رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف في مقابلة مع صحيفة روسيسكايا غازيتا نشرت مقتطفات منها مساء اليوم "هناك احتمال وجود عمل ارهابي كسبب لما حدث".

وترجح لندن وواشنطن وعدد من المحققين الدوليين فرضية ان تكون قنبلة قد اسقطت الطائرة الروسية في الحادي والثلاثين من اكتوبر الماضي في سيناء وعلى متنها 224 شخصا غالبيتهم الساحقة من الروس.

وتدعم اسرائيل، التي تمتلك قدرات استخبراتية في شبه جزيرة سيناء المجاورة، ايضا نظرية ان يكون سقوط الطائرة عملا "ارهابيا".

واوضح وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون خلال لقاء مع الصحافيين "هناك احتمال كبير ان يكون هذا الهجوم ارهابيا"، وتابع "مما نعرفه وما نسمعه، سأكون مندهشا اذا اتضح ان هذا ليس اعتداء".

لكن مصر لا تزال مصممة على عدم القفز الى الاستنتاجات في التحقيقات حول اسباب سقوط الطائرة بعد 23 دقيقة من اقلاعها من مطار شرم الشيخ.

ودخلت شركة ايرباص على الخط الاثنين باعلانها ان تحطم الطائرة الروسية "لم يحدث بسبب خلل فني".

وصرح متحدث باسم مجموعة ايرباص لوكالة فرانس برس ان التحقيق في تحطم الطائرة لم يؤد الى اي اجراء تقني لدى المجموعة، ما يشير الى ان انظمة الامان لا عيب فيها.

وصرح المتحدث "نظرا الى خلاصات التحقيق، لم يرصد اي خلل في اداء (الطائرة) لذلك لم ترسل ايرباص مذكرة انذار" الى زبائنها.

من جانبها، عززت السلطات المصرية الاجراءات الامنية في شرم الشيخ، في حين يواصل السياح الروس والبريطانيون مغادرة هذا المنتجع السياحي الشهير على البحر الاحمر.

وحتى الان لا يسمح للسياح المغادرين سوى بحمل حقائب اليد فقط، فيما تبقى امتعتهم الثقيلة في المطار لتنقلها طائرات شحن حسب ما قال صحافي في فرانس برس في المكان.

وافاد مصدر امني مصري ان مئات السياح، غالبيتهم من الروس، توجهوا صباح الاثنين الى مطار المدينة للعودة الى بلادهم على متن طائرات ارسلت فارغة.

واكد صحافي فرانس برس تعزيز الاجراءات الامنية عند مدخل المطار حيث كان يجري تفتيش دقيق لكل السيارات التي تدخله. وكان عدد عناصر الشرطة في بعض الاحيان يفوق السياح القلائل امام بعض المسابح.

وقال ضابط شرطة كان يقف امام مدخل المركز التجاري الاشهر "نعمة باي" في شرم الشيخ "هناك كاميرات في كل مكان وعناصر شرطة من المدنيين لضمان امن السياح".

ومع مغادرة المزيد من الطائرات المحملة بالسياح تفرغ الفنادق من روادها تدريجيا. الا ان المعلومات المستقاة من السلطات الروسية والبريطانية تفيد انه كان لا يزال الاثنين في شرم الشيخ والمنتجعات البحرية الاخرى على البحر الاحمر نحو 70 الف سائح روسي و15 الف بريطاني.

واعلنت موسكو ان نحو 25 الفا من السياح الروس عادوا الى بلادهم على اكثر من 100 رحلة.

وتتردد القاهرة حتى الان في الاعلان عن ان قنبلة اسقطت الطائرة، مع ان هذا الامر بات مؤكدا تقريبا لدى العواصم الغربية والكثير من الخبراء. وبعد ساعات على الحادث اعلنت "ولاية سيناء" الفرع المصري لتنظيم الدولة الاسلامية مسؤوليتها عن تحطم الطائرة دون ان تفصح عن طريقة تنفيذ ذلك.

والاثنين، اعلنت الشرطة المصرية مقتل قيادي كبير في الفرع المصري لتنظيم الدولة الاسلامية متورط في عدد من الهجمات ابرزها مقتل كرواتي واميركي والهجوم على القنصلية الايطالية.

وذكرت وزارة الداخلية ان "الارهابى أشرف علي علي حسنين الغرابلي أحد أخطر العناصر الإرهابية الهاربة" قتل في تبادل لاطلاق النار بعدما حاولت الشرطة القبض عليه في القاهرة.

واذا صح ادعاء تنظيم الدولة الاسلامية اسقاطه الطائرة، ستكون هذه اول مرة يتمكن فيها التنظيم الجهادي الذي يسيطر على مساحات واسعة في سوريا والعراق من ذلك.

ولم تكتف موسكو بوقف الرحلات الجوية الروسية الى شرم الشيخ بل ايضا الى القاهرة وكل مصر.

وكانت روسيا باتت هدفا لتنظيم الدولة الاسلامية بعد ان بدأ الطيران العسكري الروسي في مطلع اكتوبر قصف مواقع هذا التنظيم في سوريا لدعم نظام الرئيس السوري بشار الاسد.

وتعتبر القاهرة ان السلطات البريطانية والاميركية تسرعت في استنتاجاتها واستبقت نتائج التحقيق ما قد يلحق ضررا كبيرا بالموسم السياحي.

وتندد وسائل الاعلام المصرية العامة والخاصة بالمعلومات التي "تسربت" من التحقيق الى وسائل الاعلام الدولية، وتعمد الى بث تحقيقات من شرم الشيخ تظهر سياحا يؤكدون انهم يريدون البقاء لانهاء اجازاتهم.

وواصلت الصحف المصرية حملاتها التي تدعو المصريين للسفر لشرم الشيخ لتعويض الخسائر المتوقعة جراء قرارات الدول الاجنبية اعادة رعاياها. واذاعت قنوات مصرية فضائية عدة برامجها الحوارية على الهواء من شرم الشيخ بدءا من ليل الاحد.

ووجهت الكارثة الجوية الروسية ضربة قاسية جدا للسياحة المصرية التي كانت تأثرت اصلا بفترة الفوضى التي عمت البلاد منذ سقوط نظام حسني مبارك في مطلع العام 2011.

ووصل عدد السياح عام 2014 الى نحو عشرة ملايين في حين انه كان 15 مليونا عام 2010. وتتركز السياحة في شرم الشيخ ومنتجعات البحر الاحمر والمواقع الاثرية في الاقصر في جنوب البلاد.

ويفيد المسؤولون في القطاع السياحي الروسي ان خمس السياح الروس يتوجهون الى مصر، الا ان هذه النسبة انخفضت مننذ العام 2013.

من جهة ثانية اعلن رئيس جمعية شركات السفر المستقلة البريطانية ديريك مور ان البريطانيين قد يتوقفون "في الوقت الحاضر" عن التوجه الى مصر، مضيفا "هناك مخاوف من احتمال حصول اعتداء اخر يستهدف طائرة اخرى، وبان لا تكون الاجراءات الامنية في مطار شرم الشيخ كافية".

واضاف "بما ان الوجهات السياحية المصرية الاخرى كانت اقل ارتيادا من شرم الشيخ، فان البريطانيين قد يمتنعون عن زيارة مصر على الاقل حتى العام 2016".

وعلى غرار عواصم غربية اخرى نصحت باريس رعاياها بعدم التوجه الى شرم الشيخ في الوقت الحاضر بانتظار نتائج التحقيقات في حادث تحطم الطائرة.

وكانت شرم الشيخ استهدفت باعتداءات دامية عام 2005 اوقعت 70 قتيلا وخفضت عدد السياح الذين يقصدونها، قبل ان تستعيد الحركة العادية تدريجيا بعد ذلك.

ومنذ 2011، يقاطع السياح الغربيون المزارات السياحية لمصر الفرعونية، وبقيت منتجعات البحر الاحمر، وعلى رأسها شرم الشيخ، من اخر الاماكن التي يرتادها لاجانب في مصر.

وتراجعت ايرادات السياحة احد اهم مصادر الدخل القومي لمصر بشكل حاد منذ ذلك الوقت.