واشنطن ترفع «مناطيدها» في الأنبار وتجهز رئيساً انتقالياً للإقليم السني
اقترن انسحاب الجيش الأميركي من العراق في نهاية 2011 باختفاء مناطيد المراقبة العملاقة التي كانت تحيط كبريات المدن، وتتولى المراقبة وتوفر معلومات استخبارية مهمة، وأثير يومها جدل واسع حول ذلك، ما اضطر واشنطن إلى إصدار توضيح يقول: إن الجيش العراقي رفض شراء المناطيد! ويستذكر شهود عيان ذلك وهم يتحدثون اليوم عن "عودة المناطيد الأميركية" التي ارتفعت ثانية قرب معسكرات الجيش على مشارف الأنبار، حيث توجد قوات مشتركة من الجيش العراقي وآلاف الضباط الأميركان، مع آلاف المتطوعين من العشائر السنية، وبعض قوات الحشد الشعبي الشيعي، انتظاراً لهجوم متأخر يهدف إلى استعادة المدينة من تنظيم "داعش" الذي اجتاحها بداية الصيف.
وجزء من هذه الحكاية ينطوي على قناعة شعبية بأن الأميركان "عادوا" لا إلى العراق، بل إلى الأنبار، معقل التمرد السابق المضاد لواشنطن، الذي أصبح اليوم ينحاز لأميركا ويطلب عودتها. يضيف الشهود "هناك شعور عام داخل الأنبار، بأن مناطيد أميركا ستهزم داعش، فحركتهم صارت مراقبة ومقيدة". وبالنسبة للمراقبين السياسيين فإن رمزية هذه الخطوة تتصاعد كل ساعة، فعلى وقع الوجود الروسي في سورية، وتنسيق موسكو مع بغداد، يمتلك البنتاغون دوافع جديدة لا لتعزيز وجوده العسكري وحسب، بل لإنجاح مخطط "الحرس الوطني" الذي تعرقله قوى شيعية في البرلمان، لمنع ظهور قوة دفاع ذاتي سنية تحرر الأنبار ونينوى ثم تصبح بمثابة "جيش سني" يحمي إقليما شبه مستقل، على غرار إقليم كردستان الشمالي.ويقول نواب سنة، إن هناك مشاورات متواصلة في المحيط الإقليمي بشأن تشكيل الحرس الوطني حتى لو لم يصدر تشريع نيابي بهذا الخصوص، خاصة أن الحشد الشعبي الشيعي لم يكن بحاجة الى تشريع وجرى تأسيسه "بمقتضى الضرورة". وهناك ضرورة اليوم لظهور قوة متطوعين سنة يطردون "داعش" من مناطقهم، بعد عجز الجيش العراقي، وعجز القوات الموالية لإيران من تحقيق اختراق يذكر عدا عمليات تكريت الربيع الماضي.وإذ يدعم الأميركان هذا المسار بوضوح، فإنهم يدعمون مستوى تنسيق أكثر حساسية، فالمقربون إلى القوى السنية يتحدثون عن "تقدم كبير" في الحوارات بشأن اعلان الإقليم السني، سواء وافقت بغداد أم رفضت، ويقول هؤلاء إن المحادثات التي تحظى برعاية دولية وعربية، وصلت الى مرحلة اختيار "رئيس انتقالي" لإقليم السُّنة، حيث رشح وزير المالية السابق رافع العيساوي، واسماء أخرى لهذا المنصب.وإذ يثير هذا الكلام غضبا عند أكثر من طرف، فإن الولايات المتحدة تتعامل معه "كعلاج حاسم" لمشكلة "داعش"، مستندة الى ضرورة تأسيس "منطقة سنية آمنة" في العراق، لإعادة مليون نازح في المرحلة الأولى، الى منازلهم، وتخفيف الضغط عن إقليم كردستان الذي بدأ يختنق بمليوني نازح، وكذلك عن تركيا والاتحاد الأوروبي الذي يستقبل واحدة من أكبر موجات اللجوء.