الكارثة القادمة حتمية إلا إذا
هناك ارتباط بين الاتجار بالبشر والإرهاب، ومن الواجب تصنيفه كجريمة إرهابية. إلا أن ذلك هو جزء من المشكلة، فالمأساة الإنسانية للاجئين تجاوزت المعايير التاريخية. ولو تخيل أي منا حاله في قارب تائه بالبحر الأبيض المتوسط أو شاحنة أغنام تجوب أوروبا ليموت ببطء فيها هو وأولاده لربما نستطيع أن نقترب من الصورة.لماذا لا تبذل دول الخليج مساعيَ حميدة للتعامل مع مأساة اللاجئين العرب والمسلمين الذين يمثلون النسبة الأغلب منهم؟ ولماذا لا يتم التحرك جدياً لاستقبال واستضافة ودعم جهود الحالة المتدهورة للاجئي المنطقة؟ فالمسألة انتقلت إلى مرحلة تهديد الوجود، وجود الجميع أعني دون استثناء، كيف؟
وحتى لا نخوض في العموميات، فلنقرأ في تقرير أخير لـ"اليونيسيف"، أرقاماً مخيفة. لدينا في هذه اللحظة من خمس دول عربية 13.7 مليون طفل خارج المدارس بسبب الحروب سواء كمشردين داخل بلادهم أو لاجئين في أصقاع الدنيا. فمن سورية 2.7 مليون طفل والعراق 3 ملايين وليبيا 2 مليون والسودان 3.1 واليمن 2.9 مليون، هذا طبعاً دون ذكر الصومال وشقيقاتها المدمرات. وتمثل هذه الأرقام 40 في المئة من إجمالي عدد الطلاب في تلك الدول. ومن المتوقع أن ترتفع إلى 50 في المئة خلال أشهر قليلة إلا إذا تم تدارك الأمر. الحالة الإنسانية المزرية غير المسبوقة تاريخياً للاجئين تتطلب ٣ خطوات عاجلة تتمثل في تدخل سريع لإيقاف الحروب والتفاهم السياسي، وإيجاد المناطق الآمنة للاجئين، وإيجاد البرامج التعليمية للأطفال بأسرع وقت ممكن حتى يعودوا إلى ديارهم. أما إن استمرت الأوضاع على ماهي عليه فهناك إمكانية تجنيد هؤلاء الصغار لفرق الموت الإرهابية بسهولة. وتؤكد المصادر أن محاولات التجنيد تلك قد بدأت فعلاً. ولنا أن نتخيل تفاقم المشكلة الأمنية عند تجنيد نسبة بسيطة من هؤلاء الصغار ما يعني مستقبلاً معقداً غير آمن أسوأ وأشد وطأة مما نحن فيه حالياً.مأساة اللاجئين الحالية بين قوارب موت وشاحنات اختناق وقتل فاضح هي مأساة غير مسبوقة واستمرارها لم يعد له بعد إنساني فحسب، ولكنها بداية مستقبل دمار وخراب يتجاوز الخيال ولا حول ولا قوة إلا بالله.