بعد اغتيال قائد جيش الإسلام زهران علوش، بهذه الطريقة وفي هذا التوقيت، فإنه لم يبق هناك أدنى شك في أن روسيا "متآمرة" منذ البدايات منذ عام 2011، وربما قبل ذلك، على الشعب السوري، وأنها بالتالي هي التي تتحمل مسؤولية كل ما حلّ بسورية من مآسٍ وويلات، بما في ذلك قتل مئات الألوف من السوريين، وتهجير الملايين من بيوتهم ومدنهم وقراهم، ونثرهم في أربع رياح الأرض كمشردين ابتلعت الكثير منهم بحور الظلمات.
لقد ثبت أن روسيا التي، غدت تحتل سورية احتلالاً مباشراً لا يقل وطأة عن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، هي التي تبنت تنظيم "داعش" الإرهابي، وهي التي استخدمته كمبرر للإبقاء على نظام بشار الأسد ولذبح المعارضة الوطنية السورية المعتدلة، والدليل على ذلك أنها في اليوم الذي اغتالت فيه زهران علوش ومعه بعض قادة جيش الإسلام كانت تعد لنقل الألوف من منتسبي هذا التنظيم وعائلاتهم وإيصالهم "غانمين سالمين" إلى مدينة الرقة، ربما لينضموا إلى المدافعين عنها ضد تحالف سورية الديمقراطية الذي بات يسيطر على سد تشرين على نهر الفرات. إن هدف اغتيال علوش ومن معه الآن، في هذه المرحلة الحرجة جداً، يدل على أن الروس عازمون على التخلص من المعارضة الوطنية المسلحة (المعتدلة) من أجل الإبقاء على نظام الأسد للأبد... وفي الحقيقة من أجل إفشال مؤتمر الرياض ومؤتمر نيويورك الأخير، وأيضاً لتدمير كل محاولات الحل السلمي السابقة على أساس: "جنيف 1" الذي يبدو أنه أصبح نسياً منسياً. كان البعض يعتبر اتهام روسيا باحتضان تنظيم "داعش" تجنياً على حقائق الأمور، والآن يفترض أنه حتى أعمى البصر والبصيرة بات يدرك هذه الحقائق، وإلا فما معنى أن يتواصل استهداف الروس، قبل احتلالهم المعلن لسورية وبعد ذلك، للمعارضة الوطنية المسلحة وغير المسلحة وفسْح المجال لمن يسمي نفسه الدولة الإسلامية ليسرح ويمرح ويسلب وينهب ويفعل ما يريده في كل مكان في هذا البلد العربي، الذي غدا محتلاً احتلالاً مباشراً بكل معنى الكلمة. لقد بات واضحاً أن الروس ماضون في مخطط القضاء على الثورة السورية التي بدأت بأحداث درعا المعروفة عام 2011، وأنهم مصممون على إعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل نحو خمسة أعوام، والإبقاء على بشار الأسد إلى الأبد مكافأةً له على فتح أبواب سورية على مصاريعها لاحتلالهم الذي لم يعد هناك، ولو أدنى شك، أنه سيصبح بلا نهاية طالما أن أقدام فلاديمير بوتين قد وصلت إلى المياه الدافئة التي كان الوصول إليها حلماً راود القياصرة وراود "الرفاق" من قادة الاتحاد السوفياتي الذي كانت نهايته التورط في المستنقعات الأفغانية. إنه لم يعد خافياً على كل صاحب بصر وبصيرة أنه ثبت أن الروس جاؤوا إلى سورية كقتلة، وأنهم يفعلون الآن في هذا البلد العربي ما فعله المستعمرون الفرنسيون في الجزائر خلال احتلال استمر مئة واثنين وثلاثين عاماً، وهنا فإنه لم تعد هناك إمكانية لتبرئة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما من التواطؤ المقصود مع هذا الاحتلال الروسي لهذه الدولة العربية، والتواطؤ لذبح المعارضة الوطنية السورية (المعتدلة)، ونسف "جنيف 1" و"فيينا 1" و"فيينا 2"، ونسف حتى مؤتمر نيويورك وقرارات مجلس الأمن الدولي الأخيرة التي رغم رداءتها إلا أنها لا تتلاءم مع تطلعات ومخططات بوتين التي باتت واضحة ومكشوفة.
أخر كلام
«القتلة»!
28-12-2015