والله حرام... فرصة ثمينة أهدرناها!
ردة الفعل العفوية من سمو أمير البلاد، بالتوجه إلى مكان التفجير في مسجد الإمام الصادق، وحزنه للمصاب الذي ألمَّ بأبنائه، كما سماهم، أثارت إعجاب الجميع، حتى الخصوم.فقد كانت بمنزلة "ضربة معلم"، لتنفيس الشحن الطائفي المدمر، الذي اجتاح المنطقة، وأصابنا منه الكثير.
هذه المبادرة من سموه تجاوب معها الشعب الكويتي كله، بمشاركة الألوف في مراسم الدفن بمقبرة الصليبيخات، وقد أدخلتنا في مرحلة جديدة من وحدة الصف، كنا في أمسّ الحاجة إليها.وكنا، أيضاً، بحاجة إلى إنجاز تاريخي آخر يعزز هذا الانتصار، ويعلن دخولنا في مرحلة جديدة تنهي الاحتقان السياسي، فتهدأ النفوس، ويسود العقل والتعقل. سجلنا هدفاً، وكان علينا تسديد هدف ثان، لتعزيز الانتصار، كما يقول "الكرويون"، حيث كانت مناسبة عيد الفطر المبارك فرصة لتحقيق ذلك، من خلال إطلاق سراح سجناء الرأي وعودة المشردين، فهم أولاده أيضاً، ليسعد أهاليهم بفرحة العيد، وتنتهي مرحلة ابتلينا بها جميعاً، بفقداننا البوصلة، التي كانت دائماً ترشدنا إلى طريق النجاة في أوقات الأزمات، ألا وهي دستورنا، الذي تعاهدنا جميعاً على العمل به واحترامه.إن كل المحاولات لتحقيق هذا الإنجاز الآخر فشلت، مع الأسف الشديد، بسبب عقلية تريد الانتقام غير مدركة خطورة ذلك، وهي عقلية الأولين، التي فرخت حروباً عدة، كحرب البسوس وداحس والغبراء، ويا ليتنا نتعلم كيف نميّز بين الغث والسمين من القول، وبين ما يقبل أو يستهجن من الناس، فهذه أمور لا تخفى على أحد، كما أن الترفع موقف يجد كل الاحترام والتقدير، والمبالغة في الخصومة ترتد على أصحابها، ومصالح البلد العليا يجب ألا تغيب عن البال في كل الأحوال.فرصة ثمينة أهدرناها، فها نحن صرنا نشاهد تراجعاً عن خطوات متواضعة اتُخذت لمعالجة الخلل، الذي جعل البلد مرتعاً للتطرف المدمر، فنعود إلى المربع الأول عندما تعاونت قوى التخلف المعادية للدستور لهدم كل تراث كويتي مميز جعلها غير الآخرين.ها هم فرسان الطائفية وجدوا الجو المناسب لاستئناف دورهم المدمر، وعجزنا عن التصرف بحكمة، وفوتنا الفرصة.والله حرام!