المتحدثون في جلسات دورة مؤسسة البابطين: العالم يتقلص... ولا بد أن نكون قاطرة الانتقال إلى المستقبل

حملت أولى جلسات الدورة عنوان "اللاجئون والمؤسسات الدولية"، وابتدرها وزير المياه والري الأردني د. حازم الناصر بالحديث عن أزمة توافد اللاجئين السوريين، التي أدت إلى ارتفاع الطلب على المياه في البلاد، والحلول التي قدمت لمعالجة هذه المعضلة دعماً للاجئين ووضعهم السياسي والاجتماعي.

وشرح الناصر مظاهر هذه الأزمة، مستنداً إلى معطياتها المشهودة ضمن مسؤوليته في حلها التي تولاها في المملكة الأردنية، مقترحاً بعض الحلول من واقع التجربة الأردنية التي نجح من خلالها في إقامة الكثير من مشاريع المياه الإقليمية الاستراتيجية مثل مشروع البحر الأحمر، البحر الميت، تحويل المياه ومشاريع وادي عربة لإمدادات المياه.

أنظمة استبدادية

من جهته، أكد رئيس مجلس الوزراء اللبناني الأسبق فؤاد السنيورة أن الوضع السوري لا يمكن حله من خلال الحوار مع بشار الأسد.

وأضاف أن هناك توجهاً لإقناع العالم بأن بشار الأسد أقل شراً من "داعش"، ولكن هذا الوضع مزيف، مشيراً إلى أن التدخل الروسي لا يعني تنظيم الدولة بالتحديد، ولكن الرغبة في التخلص منه ليست حقيقية، مدللاً على ذلك بأن 80 في المئة من الغارات تستهدف المعارضة لا "داعش".

وأكد السنيورة أن الشعب السوري لا يريد التطرف، وعلى استعداد أن يخاطر بحياته لمحاربة التطرف، ولا يريد في الوقت ذاته أن يعيش في ظل دولة مستبدة، ووجه اتهامه إلى النظام السوري وجعله مسؤولاً عن ولادة الإرهاب، وأنه متعاون مع الإرهاب والتطرف.

 جاء ذلك رداً على مداخلة السفير البريطاني السابق في سورية بيتر فورد، الذي قال إنه على السنيورة أن يعي أن هناك مخاوف بأن انهيار النظام السوري سيطلق موجة المجاهدين حول العالم.

وفي تركيز على قضية الهجرات واللجوء الإنساني في العالم، ربط رئيس اللجنة الاستشارية العليا للعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية د. خالد المذكور بينها وهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، ومفرقاً عنها بالقول: "هجرة الرسول كانت لظروف اقتصادية، لكن اللجوء في حياتنا يعني كارثة تتعلق بالحياة كما حدث في سورية، وعلينا أن نبحث عن الأسباب التي أدت إلى هذا اللجوء، ونبحث لماذا قصر العالم ودول أوروبا بصفة خاصة في هذه القضية، وأن نعي أن هناك مخططا لبلاد الشرق الأوسط لتقسيمها كما حدث في العراق واليمن وغيرهما".

 وأضاف "يتساءل البعض عن دول العالم ومكانها مما يحدث! ونرى أن روسيا دخلت للتقسيم مع هؤلاء، فما الحل الآن؟... لابد أن نتكلم عن الحل لضمان الأمن والاستقرار".

الجلسة الثانية

أما الجلسة الثانية التي حملت عنوان "البيئة والتنمية البشرية" التي رأسها البروفيسور تشارلز غودفراي فتحدثت فيها بداية وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا ريما خلف، متناولة قضايا التنمية والبيئة، وتأثير كل منهما على الآخر، وركزت على الدول العربية والعلاقة بينها وبين البيئة، وبينت أن هناك دولاً مستوردة للنفط تواجه قلقاً من انخفاض أسعاره، وقالت إن الماء في المنطقة العربية أقل مورداً، حيث بلغ 700م الفائض في العالم، وهذا منخفض كبير بشكل كبير.

وحول استغلال الموارد الطبيعية للإسرائيليين أشارت إلى أنه "رغم القانون الدولي والإدانة المستمرة لإسرائيل تم تحويل المياه الإقليمية إلى الإسرائيليين، وحرمان الفلسطينيين من الحصول عليها، حيث في عام 2020 لن يجدوا مياها، الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار الأوضاع الصحية للناس"، والدمار الذي سببه الإسرائيليون لهم، كما أنهم يرمون من المخلفات حوالي 4 ملايين طن، وهناك الكثير من الأمراض المسببة للسرطان، فضلا عن أخطار على الشعوب المسحوقة التي تحارب لمواجهة الحياة.

أما الخبيرة في اقتصادات التنمية والاقتصاد الدولي التطبيقي في الشرق الأوسط د. جين هاريغان، فقالت عن الأمن الغذائي، إن "المناطق العربية تعتمد على 30 في المئة إلى 40 في المئة من الطعام المستورد، وهناك الكثير من الارتفاع في الأسعار، والتحدي الأول كيفية التعامل معها.

 أما التحدي الثاني فهو نسبة النمو في الزراعة في الشرق الأوسط بشكل سلبي، وسيكون هناك عجز في الغذاء، أما التحدي الثالث فهو ان المنطقة لا تتمتع بأمن غذائي كما في اليمن والعراق وفلسطين.

التركيز على المعونات

وضمن سبل الحلول؛ أشار أستاذ الفيزياء في جامعة الكويت د. عدنان شهاب الدين قائلا: "على الحكومة التركيز على المعونات أكثر من الزراعة، ودولد الخليج تقدم الدعم الغذائي لهذه الدول، وفي استطاعتها أن تجعل الناس يشترون ما يريدون، كما نجد فيها اعتمادا أكبر على الواردات، وهناك دول تستثمر في الأراضي خارج الحدود، وهذا يسبب مشاكل تتعلق بالأمن الغذائي مثل اثيوبيا والسودان وباكستان، علما بأن متوسط استخدام المياه للفرد في الوطن العربي يقل عما كان من خمسين عاما بكثير، ما يحتم الاهتمام بكيفية استخدام وتصريف المياه"، اضافة إلى تسعيرها بشكل أفضل للزراعة.

 وأكد أن التحدي الأكبر للدول العربية هو احتياجنا إلى تنمية الموارد المائية وتحليتها واستثمارها.

اليوم الثاني

في اليوم الثاني حملت الجلسة الثالثة عنوان "وسائل الإعلام الجديد" وابتدرها وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي، للحديث مقارنا بين الإعلام والإرهاب وتأثيرهما المتبادل، وركز في مجمل كلمته على أن انتشار الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر أسهمت في دعمها وزيادة عددها، وأنه قبل هذه الفترة كانت المواقع الإلكترونية للجماعات الإسلامية المتطرفة 100 موقع لا أكثر، لكن بعد هذا الحادث الإرهابي نمت هذه المواقع ووصل عددها الى 5000، بمعنى ان الموقع أصبح اكثر ارهابا في وسائل التواصل الاجتماعي، وبين كيفية توظيف هذه الوسيلة الاجتماعية بشكل يخدم اطراف المجتمع، وأهمية الحد من استغلالها من قبل الإرهابيين في العالم.

وشنّت أستاذة العلوم السياسية في جامعة موسكو د. ثريا الفرا حرباً على وسائل التواصل الاجتماعية، وفي هجوم عنيف رأت أن تقنين تلك المواقع هو الحل الأفضل لكي لا تكون بيد غير المؤهلين لها، ووجهت مجموعة كبيرة من الاتهامات الى الغرب، لأنه من الوسائل الأساسية لتدمير العقول في العالم العربي.

 وقالت: "أين الدول من حماية المواطن والإعلام البديل والتفاعل؟"، وذكرت ان الإعلام الجديد حتى الحكام والملوك والرؤساء يشاركون فيه، وما نراه على وسائل التواصل الاجتماعي توير وفيسبوك وانستغرام خير دليل على ذلك. وأضافت ان هناك العديد من السلبيات التي خلفتها مواقع التواصل الاجتماعي على الثورات العربية في سورية ومصر وتونس، وأيضا ما يدور في اليمن.

  وذكرت ان من السلبيات التي خلفتها وسائل التواصل الاجتماعي انعدام التواصل بين الأسرة، وشددت على ضرورة مراقبة الأطفال، لأنهم على حد وصفها عماد الواقع المستقبلي.

أما مدير برنامج الماجستير في الفن المعاصر في لندن د. أنتوني داوني، فتناول مصطلح السرد الثوري وقال إن وسائل التواصل الاجتماعي هي الثورة في حد ذاتها، وذكر ان وسائل التواصل الاجتماعي لاشك لها علاقة وثيقة بمجال التكنولوجيا، وهي التي تؤثر على الأفراد وتخدم التحولات التي حدثت في العالم العربي، مضيفا ان "الثورات في مصر وسورية تعكس هذه الصور".

مدير أكاديمية لندن الدبلوماسية د. جوزيف ميفسود تناول موضوع الإعلام الرقمي، وتناول قضية الإدراك الاجتماعي، وقال إن وسائل التواصل الاجتماعي ليست إلا شركات قوية كلما زادت من إيهام الناس بالأخطاء وعرضت المزيد من المآسي.

واستكملت الجلستان الرابعة والخامسة في المؤتمر موضوعات التحديات المشتركة بعنوانين هما: الشباب والتحديات العالمية الجديدة"، وأدارها د. خالد العزب، وتحدث فيها الأكاديميون د. جون غارنر، د.خوان كول، سارة أبوشعر، عبدالحق عزوزي.

أما جلسة "المدن وأهم الملفات الني تواجهها" التي أدارتها د. ليلى فينيال فتضمت أوراق العمل للمتخصصين د. كيللي هوتزل، محمد القباج، د. موسى شتيوي، ود. ناصر رباط.

واختتمت الفعاليات بحفل غنائي للفنانة غادة شبير على مسرح "شيلدونين" في جامعة أكسفورد.