أسطورة الوطن

نشر في 25-07-2015
آخر تحديث 25-07-2015 | 00:01
 علي عبدالعزيز أشكناني ما الوطن؟ فلا نعلم لماذا نحب أوطاننا بتعصب، وإن كنا نضع الأسباب أحيانا بعد علامة الاستفهام، فنعتقد أنه غريزة ولدت فينا، وأنه دَين يجب تسديده، وفي بعض المرات نظن أنه من العادات والتقاليد، وفي مرات أخرى نؤمن أنه واجب شرعي. فإن كان الوطن قطعة الأرض التي نعيش عليها فلماذا نتحين الفرص كي نطير بعيداً عنها؟ وإن كان هو الهواء فلماذا نغيره كلما استطعنا؟ وإن كان غريزة موجودة فينا فكيف بنا نعاند غرائزنا؟ طائراتنا في كل العطلات القصيرة والطويلة تمتلئ بنا وتطير في كل أنحاء العالم، من آلاسكا إلى نيوزلندا، فقد مر الكويتيون- على قلة عددهم الذي تجاوز المليون وبضعة آلاف قبل سنوات- على أغلب بقاع الأرض، وتركوا بصمة في كل مكان، وأكدت هذه البصمات أن حب الوطن لا يكون للكيان المادي الذي يمثله وهو الأرض والهواء والموقع.

فهل الوطن هو حكومات الأوطان أو ممثلوها من السياسيين؟ لا أعتقد فهي أكثر من يتعرض للانتقاد أو الكراهية، وأسوأ من يمثل الوطن بذاته، ولو كان الوطن هو التاريخ الذي ربطنا بهذه الأرض لكان ولاؤنا لجيراننا الذين انحدر أغلب سكان الكويت منهم قبل أن تصبح كويتا.

إن مفهوم الوطن مفهوم شائك، تحاول كل فئة أن تربطه بنقطة قوتها، والسور، والأولوية، والصمود أو الهجرة أثناء الغزو العراقي، والولاء أو المعارضة للحكومة، وفي المقابل تقوم هذه الفئات نفسها بكل ما سبق من ترك للوطن في كل فرصة وحين، ورمي قاذوراته المادية في كل مكان، وقاذوراته غير المحسوسة بآرائهم المسمومة وتعليقاتهم السخيفة على من يعيش على أرض هذا الوطن.

أعتقد أن الوطن فينا ونحن فيه، نحب أوطاننا لأننا نحب أنفسنا، ويكره الناس أوطانهم لأنهم يكرهون بعضهم، قال لي صديق ساخط ذات مرة "وطني اللي يعزني مو اللي يذلني"... ليس الوطن بالكلمات الرنانة التي نسمعها، ومختصر الحديث جلّ الناس لا يفهمون معنى الوطن لكنهم يتبجحون بتوزيع صكوكه على مقاييسهم السخيفة، فتباً لكم وافهموها كما تريدون.

back to top