• ما الدور المنوط بمؤسسات الإفتاء في العالم العربي لمواجهة الفكر التكفيري؟
- هناك دور كبير يقع على عاتق دور الإفتاء في عالمنا العربي والإسلامي لتصحيح الفتاوى المغلوطة والتكفيرية والشاذة التي تبثها الفصائل المتطرفة لخدمة أهدافها ومخططاتها، ونحن في أمس الحاجة لتنسيق الجهود بين المؤسسات الدينية، لاسيما دور الإفتاء في نشر الردود على فتاوى التكفير والذبح وإراقة الدماء التي تطلقها جماعات مثل "داعش" و"أنصار بيت المقدس" وغيرهما من التيارات الإرهابية. • ماذا قدمت دار الإفتاء المصرية في هذا الصدد؟ - الدار أنشأت "مرصد التكفير" لرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية، وأصدرنا قرابة ١٥ تقريرا لتفنيد الأفكار التكفيرية والأسانيد التي يعتمد عليها "داعش" و"أنصار بيت المقدس" وغيرهما من الفصائل الإرهابية في الممارسات الإجرامية، كما رصدنا أكثر من ٢٠٠ فتوى ضالة صادرة عن تلك الجماعات. • الغرب يلصق تهمة الإرهاب بالإسلام، فما دوركم حيال ذلك؟ - لابد من تكاتف جهود كل المجامع الفقهية والمجالس الإفتائية في الدول العربية بمعاونة الجاليات المسلمة في الخارج، لتصويب المفاهيم الخاطئة، والتأكيد على سماحة ووسطية الإسلام، مع ضرورة وضع خطط مشتركة للرد على الإساءات التي توجه للإسلام وأتباعه، وتبرئة الدين من ممارسات "داعش" وأمثاله، وفي هذا الصدد نظمت دار الإفتاء المصرية حملة في بعض الدول الأوروبية وأميركا عن "محمد نبي الرحمة"، وفضيلة المفتي أجرى جولة أوروبية والتقى مسؤولين، وأكد براءة الإسلام من أفعال التيارات الإرهابية، وأن الإرهاب لا دين له، كما أنني قدمت ملف الدار لوزير الخارجية الأميركي جون كيري عن دورنا في مواجهة الفكر التكفيري، وتفنيد الحجج والأباطيل التي تستند إليها تلك الجماعات الضالة التي تجتزئ النصوص من سياقها. • لكن "داعش" يستند في عمليات الذبح والحرق على بعض النصوص؟ - لم يرد عن الرسول (ص) وأصحابه أنهم قاموا بذبح الأسرى أو إساءة معاملتهم، كما أن سيدنا أبوبكر الصديق لم يثبت أنه أمر بحرق الفجاءة، وكل ما يستند إليه "داعش" ومن على شاكلته أحاديث ضعيفة وروايات باطلة ومدسوسة. • ما الأسلوب الأمثل لتصحيح صورة الإسلام والمسلمين في الخارج؟ - لابد من تكاتف كل المؤسسات الدينية الإسلامية في العالم العربي والخارج، لوضع استراتيجية موحدة لتصحيح المفاهيم المغلوطة، ومخاطبة الغرب بلغاته وثقافته، بالإضافة إلى التواصل مع وسائل الإعلام الغربية العالمية، فالمفتي كتب مقالات وأجرى حوارات مع عدد من أكبر الصحف والقنوات العالمية، في إطار تحسين صورة الإسلام والمسلمين. • بعد تعدد زياراتك لواشنطن ما انطباع الشعب الأميركي عن المنطقة العربية؟ - للأسف مازال هناك انطباع مشوش عن دول المنطقة لاسيما دول الربيع العربي ومصر، نظراً لسيطرة التيارات المتشددة على أكبر الجاليات المسلمة والعربية في أميركا، بالإضافة إلى استقاء الشعب الأميركي معلوماته عما يحدث في بلادنا من قناة CNN و"الجزيرة" الناطقة بالإنكليزية، ونحن مازالنا غير قادرين على مخاطبة الغرب أو التواصل معه بشكل جيد، فلا توجد قناة عربية تخاطب الشعب الأميركي والغرب وتدافع عن قضايانا العادلة. • ماذا عن الشكوك والطعون المثارة عن السنة النبوية؟ - نحن مستعدون لفتح باب النقاش والحوار مع الجميع، والرد على أية محاولات تشكيك بالعقل والمنطق والأسانيد الشريعة، حيث تجرأ غير المتخصصين على علوم الدين بغير علم، بالإضافة إلى أن البعض يحاول خدمة أفكاره ومخططاته بنزع الآيات والأحاديث من سياقها وتطويعها لخدمة أهدافه. • ما الهدف من ظهور المتطاولين على الدين في الإعلام؟ - للأسف هؤلاء يسعون إلى الشهرة، والمتاجرة بأمور الدين على الفضائيات، وللأسف ينساق الإعلام وراء تلك النوعية المسيئة للإسلام. • ما حكم الشرع فيمن يطلقون الفتاوى التكفيرية؟ - من يطلق تلك الفتاوى آثم، ولو استمر في إطلاقها فهو فاسق. • هل يجوز إطلاق فتوى دون الإلمام بكل جوانبها؟ - لا يجوز التصدي للفتوى بغير علم ولا تأهيل، حيث يقول الله تعالى: "وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ" (النحل: 116)، بالإضافة إلى حديث النبي (ص): "مَنْ أُفْتِيَ بِفُتْيَا غَيْرَ ثَبْتٍ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِي أَفْتَاهُ". • ابتكرتم مؤخراً فكرة المجالس الإفتائية، ما الهدف منها؟ - نرى أن الشباب هم جزء من الحل وليسوا هم المشكلة، وبالتالي قررنا عقد مجالس إفتائية أسبوعية بكل مراكز الشباب في مصر للتفاعل معهم والرد على استفساراتهم، في محاولة لتحصين الشباب من أي فكر شاذ، لأن الفتوى تحقق الأمن المجتمعي، علاوة على أننا نقترب أكثر من قضايا المجتمع والشباب ومواجهة ظاهرة الإلحاد. • عقب نشر رسوم مسيئة للرسول (ص) في الغرب، تنطلق التظاهرات الغاضبة في العالم الإسلامي، فهل تؤيد هذا الرد؟ - للأسف الغرب يحاول تصويرنا على أننا همجيون ومتشددون حتى في ردنا على الإساءة للرسول (ص)، وبالتالي مسألة التظاهر وحرق أعلام الدول غير مجدية، وأفضل رد يكون بالتأسي بالرسول الكريم وأخلاقه وصفاته، وحب الرسول لابد أن يترجم من خلال التحلي بأخلاقه وقيمه وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام التي تتزايد بصورة كبيرة في الوقت الحاضر.
توابل - دين ودنيا
مستشار مفتي مصر إبراهيم نجم لـ الجريدة.:
21-06-2015