كلمة للقارئ!

نشر في 25-07-2015
آخر تحديث 25-07-2015 | 00:01
 د.نجم عبدالكريم هناك من ناكفني معتبراً أن ما كتبته في رمضان من أساطير قديمة، ثم نُسبت إلى نبي العقل والرحمة، مدعياً أنها منحازة إلى مذهب على حساب مذهب آخر!

وهذا النوع من المناكفات يندرج تحت أشكال السذاجة الطائفية القائمة على البغضاء الموروثة تاريخياً! والتي لا تستحق أن يُلتفت إليها أو يُرد عليها، فعندما أكتب عن الأسطورة التي تأخذ شكل المقدس، أستند فيها إلى قراءات فلسفية، وبحوث تاريخية.

الفلسفة العقلانية -رينيه ديكارت-، والفلسفة الوضعية -أوغست كونت- وغيرهما ممن حللوا الأسطورة القائمة على المخيلة ما هي إلا طور من أطوار السذاجة البشرية تأخذ طريقها للتداول بين أجيال تلو أجيال كي توضع على لسان رموز للعقائد السماوية، فهذا الجهد لا علاقة له بمذهب من المذاهب. لأنني قبل أن أدفع بالمقال إلى النشر أمحصه، وأدقق فيه كي أقف على آراء الكثير مما قيل حوله.

والأساطير التي أوردتها الكتب التراثية العربية ونسبتها (عنعنياً) إلى رموز الإسلام لتأخذ شكلاً مقدساً، لا يجوز أن أدفع بها للقراء دون التأكد مما قاله كثير من الفلاسفة والمفكرين مثل كانط، وهيغل، وبرغسون، وهايدجر، وغيرهم، مستخلصاً منهم ما ذهبوا إليه وهم يناقشون تلك الطاقة الخيالية التي تتولد عنها العناصر الأولى للأسطورة والخرافة، واضعين تصوراتهم عما إذا كانت انعكاساً لفكر معين مرة خلال الأزمنة التي ظهرت فيها تاريخياً!

فلا مجال هنا للخوض في هذا المذهب أو ذاك، لأننا أمام دراسة انثروبولوجية تبحث في الأساطير التي تم تطويعها لتغدو -بكل أسف- على ألسنة المسلمين، وكأنها جزء من العقيدة الإسلامية، وهذا الأمر الذي استفزني لكتابة هذه السلسلة من المقالات أخاطب فيها العقول التي اطمأنت للخرافة، وألغت التفكير المنطقي في عقيدتها!

***

• وبناء على ما تقدم، دعوني اليوم أقف معكم على خرافة لا يمكن أن تصدق بها أكثر العقول سذاجة، تتعلق بالكواكب!

• جاء في "قصص الأنبياء" للثعالبي صفحة 15: "أنه يُجاء بالشمس والقمر يوم القيامة كأنهما ثوران عقيران فيقذفان في النار".

أهذا كلام يُعقل؟! ويُنسب إلى كبار رموز العقيدة الإسلامية؟

ليس هذا فحسب، إليكم أغرب قصة تُنسب إلى نبي الأمة، صلى الله عليه وسلم، عن كوكبي الزهرة وسُهيل، حيث ورد في مصادر كثيرة: تفسير الطبري لسورة البقرة (آية 109 صفحة 170 -177)، و"التفسير الكبير" للرازي صفحة 129، والآلوسي في "روح المعاني" صفحة 340، و"قصص الأنبياء" للنيسابوري صفحة 44، وغير ذلك كثير، إذ جاء: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى سهيلاً قال: لعن الله سهيلاً إنه كان عشاراً باليمن، ولعن الله الزهرة فإنها فتنت ملكين، هاروت وماروت"!

• مع أن الآية: "وما أُنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت" (102/ البقرة)، ليس فيها ذكر لكوكب الزهرة!

إلا أن الأسطورة تقول: "جاء عن علي بن أبي طالب: كانت الزهرة امرأة جميلة من أهل فارس، وأنها اختصمت إلى الملكين هاروت وماروت، فراوداها عن نفسها فأبت إلا أن يعلماها الكلام الذي إذا تُكلّم به يعرج به إلى السماء، فعلماها فتكلمت به فعرجت إلى السماء فمُسخت كوكباً"!

• تجدون ذلك "الهراء" في تفسير الطبري الجزء الثاني صفحة 429، وابن كثير صفحة 234!

ولست أدري ماذا يكون رأي علماء الفلك المعاصرين في مثل هذا الذي رويت لكم... وللحديث بقية.

back to top