العقار ومواد البناء: غياب «كود البناء» خلق تشوهات في عملية إنشاء العقارات في البلاد
المخالفات أدت إلى ركود عقاري… وانتهاء العمر الافتراضي للمباني فاقم الأزمة
رأى العقاريون أن هناك تساهلاً في تطبيق اشتراطات الأمن والسلامة من الجهات المعنية في البلاد والتي تكتفي بالمخالفة، مما أدى إلى ارتفاع نسب المخالفات وتخطيها 75 في المئة من العقارات الاستثمارية وكذلك التجارية.
تعبّر العقارات في مختلف دول العالم عن ثقافة الشعوب وتطلعاتها، وتعد المباني وناطحات السحاب من مظاهر التقدم والتحضر في الدولة، في وقت يعتبر البعض الفن المعماري مرآة لحضارة الشعوب، ولتتميز الدولة في نظامها المعماري عليها أن تضع نظاماً لكل المباني العامة والخاصة، بما يتناسب مع تطلعاتها المستقبلية.ولا يزال السوق العقاري المحلي يفتقد إلى كثير من الضوابط والاشتراطات سواء في بناء الوحدات السكنية الحكومية أو العقارات العامة أو الخاصة، مما أدى إلى تشوهات كبيرة في عملية البناء والإنشاء، فمن المعروف أن حركة البناء في جميع دول العام تكون مقيدة بتعليمات واشتراطات ومعايير خاصة بنظم البناء لأنها تعتبر بناء للمستقبل وللأجيال المقبلة. ويتعمد البعض عدم تطبيق الاشتراطات والضوابط بهدف تقليل التكاليف ورفع الأسعار، بما لا يتناسب مع جودة المنتج العقاري، إضافة إلى أن هناك ضعفاً في الرقابة ونقص في التشريع، حيث إن ما يشهده السوق العقاري المحلي من تلاعب في حركة البناء والتعمير في ظل غياب الرقابة من قبل الجهات المسئولة وعلى رأسها بلدية الكويت، أصبحت عادة وعرفاً لدى جزء كبيرة ممن يشيدون العقارات والأبراج. ويشهد السوق المحلي غياب تطبيق نظام "كود البناء" المعمول به في مختلف دول العالم تقريباً، إذ يمكن تعريف كود البناء بأنه مجموعة الاشتراطات والمتطلبات، والنظم الفنية والعلمية والإدارية، وما يتبعها من أنظمة ولوائح تنفيذية وملاحق متعلقة بالبناء والتشييد لضمان السلامة والصحة العامة، بالإضافة إلى أنه يضع الهوية المعمارية الوطنية الثابتة للدولة.في موازاة ذلك يطالب العقاريون بالتطبيق الفعلي على أرض الواقع للكودات والاشتراطات الهندسية، في كل المباني العامة والخاصة، بهدف تحقيق السلامة والصحة العامة من خلال متانة واستقرار وثبات المباني والمنشآت، وسبل الوصول إليها، وتوفير البيئة الصحية والإضاءة والتهوية الكافية، وترشيد المياه وحماية الأرواح والممتلكات من أخطار الحريق وغيره من المخاطر المرتبطة بالمباني.ويرى العقاريون أن الاشتراطات والمتطلبات تعد وحدة متكاملة وتعطى أولوية التطبيق للاشتراطات، ثم المتطلبات، ويطبق الشرط الأكثر تقييداً والأكثر تحديداً في حال وجود اختلافات بين بنود الكود، ويطبق الكود على جميع أعمال البناء والتشييد، بما في ذلك التصميم والتنفيذ والتشغيل والصيانة والهدم والتعديل وإعادة التأهيل للمباني والمنشآت.تحديات القطاعوأضاف العقاريون أن من أبرز التحديات التي تواجه السوق العقاري المحلي في الوقت الحالي هو غياب كود البناء وعدم تطبيقه على أرض الواقع، حيث إن الوحدات السكنية الحكومية افتقدت إلى الجودة المطلوبة لعدم وجود كود البناء وقلة خبرة بعض المطورين العقاريين التي تتعامل الحكومة معهم في بناء الوحدات السكنية الحكومية، إذ إن هناك أخطاء فادحة ظهرت بعد الانتهاء من عملية البناء.ولفتوا إلى أن هناك تساهلاً في تطبيق اشتراطات الأمن والسلامة من الجهات المعنية التي تكتفي بالمخالفة مما أدى إلى ارتفاع نسب المخالفات لتتخطى 75 في المئة من العقارات الاستثمارية وكذلك التجارية، مطالبين الجهات المسؤولة بتطبيق الاشتراطات ومعايير الأمن والسلامة، ليتم تفادي وقوع الكوارث. ولفتوا إلى وجوب تشديد الرقابة بشأن موضوع تطبيق الاشتراطات وكواد البناء، باعتبار أن الوضع الحالي يهدد بكارثة في ظل انتشار المخازن والمستودعات غير المرخصة في العمارات السكنية، والتساهل في تطبيق شروط الأمن والسلامة خصوصاً في العمارات الحديثة التي تفتقد أبسط وسائل منع انتشار الحرائق وامتدادها وتحديد وسائل الإنذار المبكر واختيار أنظمة إطفاء الحريق المناسبة في كل منشأة.الفن المعماريوذكرت تقارير عقارية عديدة أن العاصمة تفتقد إلى الفن المعماري والهوية المعمارية الثابتة التي تميزها عن بقية مناطق الدولة وعن بقية عواصم العالم الأخرى، كما إنها تفتقد إلى الخصوصية الجمالية من حيث أحجام وألوان المباني، مشيرة إلى وجوب وضع التشريعات والقوانين التي تنظم عمليات البناء لاسيما في وسط المدينة، الذي تطمح الدولة إلى تحويله إلى مركز مالي استثماري.وأشارت إلى أن نسبة كبيرة من الأبنية الاستثمارية داخل العاصمة مخالفة لقانون البناء، في حين امتدت المخالفات لتصل إلى العقارات التجارية دون تحرك يذكر من قبل الجهات الرقابية المعنية، مما ينذر بكارثة حقيقية ينتظرها السوق العقاري الكويتي، لاسيما مع تعدد طوابق الأبراج التجارية والتي تتراوح بين 20 و 50 طابقاً.وتقع مسؤولية انتشار المخالفات وتفاقمها على عاتق وزارة الدولة لشؤون البلدية، إذ إن دورها الرقابي جداً ضعيف، وهناك تقاعس واضح في عملية الإشراف على مراحل تنفيذ المباني سواء التجارية أو الاستثمارية، وكانت المخالفات خلال السنوات الماضية تنحصر في عدد معين من العقارات الاستثمارية. ومع هذا التراخي من قبل البلدية، امتدت المخالفات لتصل إلى نسبة تتخطى 70 في المئة من العقارات الاستثمارية، إضافة إلى التجاري، وأيضا السكني الذي تحول إلى عقار استثماري بكثافة سكانية أقل. ويطالب العقاريون البلدية بضرورة القيام بحملات تفتيشية واسعة النطاق على الأبنية والعمارات الاستثمارية والعقارات التجارية دورياً حتى بعد دخول الكهرباء والخدمات إليها، مما سيكون له الأثر الإيجابي على حركة البناء.مميزات «كود البناء» وبشأن خواص ومميزات "كود البناء" فهي عديدة، حيث سيوفر على الدولة الكثير من الأموال ويمكنها من تشغيل المباني مرة ثانية في حال تعرضها إلى حرائق، حيث هناك مواد يتم استخدمها في عمليات البناء والتشييد وخصوصاً في الواجهات تساعد في انتشار الحرائق مثل الفوم والألمنيوم الرقيق. وغيرهما من المواد سريعة الاشتعال.كما أن تطبيق الاشتراطات سوف يلقي بظلاله الإيجابية على المحيط والبيئة، باعتبار العقارات القائمة على ضوابط وأساليب مستدامة تهدف إلى خفض آثارها السلبية على البيئة من خلال ترشيد استخدام الطاقة والموارد، وبالتالي يتم إيجاد إدارة بيئية صحيحة تستند على قوانين وشروط.تجربة ناجحةوكانت المملكة العربية السعودية نجحت في وضع الشروط المناسبة لبناء أي من العقارات سواء السكنية أو الاستثمارية أو التجارية وغيرها، كما أصدرت كتيبات وأنشأت موقعاً إلكترونياً خاصاً بكود البناء السعودي، وتم تقسيمه إلى مجموعة، فوضعت شروطاً ومتطلبات لبناء المنشآت الخرسانية، تختلف عن المنشآت الفولاذية والمنشآت "الطوبية"، كما وضعت متطلبات لترشيد الطاقة والحماية من الحرائق، ومتطلبات التربة والأساسيات وهكذا. وهناك تجربة أكثر نجاحاً هي تجربة الاتحاد الأوروبي الذي استطاع في منتصف سبعينيات القرن الماضي وضع كودات بناء موحدة لتصميم مواد البناء المختلفة وتطبيقه على جميع أنواع المنشآت.الركود العقاريأدت المخالفات العقارية في الكثير من الأبنية والعمارات والأبراج إلى ركود وجمود في التداولات العقارية، إذ إن بيع العقار يحتاج إلى استخراج شهادة أوضاف تبين سلامته من أي مخالفات سواء بسيطة أو جسيمة.وكانت هناك جهات عديدة تقدمت بعدة اقتراحات لحل مشكلة المخالفات، من خلال تجديد شهادة الأوصاف كل شهرين، لكن مثل هذه الاقتراحات ستعطل عمليات التبادل وتجبر الملاك على المراجعة المستمرة في أروقة الوزارات.ومن بين الاقتراحات أيضاً عدم التنسيق مع ملاك المباني القديمة تمهيداً لهدمها، واستبدالها بعقارات جديدة أكثر تطوراً وأقل مخاطر، حيث إن العمر الافتراضي للمباني هو ما بين 35 و 50 سنة تقريباً، لكن أغلب العقارات في الكويت ينتهي عمرها الافتراضي قبل المدة المذكورة، لعدم وجود أعمال صيانة دورية ووقائية.«تاتا للإسكان» الهندية تفتتح مكتباً دولياً في دبينمو حركة بناء المساكن الجديدة في 13 مدينة ألمانيةقطر: السوق العقاري يشهد ظهور مزيد من مقاولي الباطن