في لحظات الصفاء مع النفس يراودنا سؤال صغير، لكن الإجابة عنه "كاملاً" قد تكون مستحيلة! لاسيما أننا في زمن التغيرات السريعة والتقنيات العجيبة والكثيرة، التي كنا نظنها في خيالات المبدعين فقط أو في الأساطير وقصص الأطفال التي أردنا منها أن توسع خيالهم لما هو أكبر ليبدعوا، وما خطر في بالنا أننا سنركب قطار الاختراعات الذي يسير بنا بكل طاقته، ونجني الكثير المفيد.
وقف الإنسان قبل قرون قريبة، متأملاً نفس السؤال الذي يواجهنا اليوم في ما وصلنا إليه من اكتشافات في العديد من المجالات العلمية والصناعية والتجارية وأدواتها: إلى أين نحن ذاهبون بعجيب الصنعة والاكتشاف والاختراع، في ظل وجود أدوات متقدمة تساعدنا على تحقيق "الخيال" الساكن في عقولنا وتستأنسه مشاعرنا، لنحوله من حلم وأمنيات إلى واقع معيش يمكن الاستفادة منه في خدمة الإنسانية؟ "وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا"... (صدق الله العظيم)، رغم كل ما اخترعه واكتشفه الإنسان ليختصر الوقت والمسافة بفائدة عظيمة من العلم والمعرفة كانت الطبيعة فيهما ملهمه الأول، إلا أنه مازال حائراً يقف متأملاً بحرَ حياة كبيراً مجهول الأعماق قبل الإبحار فيه ليستخرج لؤلؤه. وما الكون إلا خَلْق "الخالق" الذي لا يصل إلى مداه إنسان مهما أوتي من العلم، لذلك قلنا إن السؤال صغير، لكن الإجابة عنه "كاملاً" قد تكون مستحيلة. فقدرات البشر لها مدى، والعقل له سعة إن اكتظت وفاضت بشطط انفجر وتفتت، وكانت النتائج بعكس المرجو منها، أو أنها ستتفتق عن عجيب أمر يسر الإنسان. تناقلت الأخبار أن "شركة ثوث الكنديّة للتكنولوجيا" حصلت على براءة اختراع أميركيّة من أجل بناء "مصعد" يتيح نقل الروّاد إلى الفضاء دون الحاجة إلى صاروخ، ويأخذ المصعد شكل برج بطول 20 كيلومتراً يتيح أمام الروّاد الوصول أى منصّة إطلاق منصوبة فوق الأرض ينطلقون منها نحو الفضاء.فأي خيال جامح هذا الذي أخذ صاحب تلك "الفكرة العجيبة" كي يصعد بالبشر إلى السماء هذه المسافة غير المسبوقة في تاريخ الاختراعات؟ وأي عقل جبار هذا الذي وضع الأسس التي سيقوم عليها هذا البرج العملاق ليحمل رواد الفضاء في مصعده إلى منصة انطلاق سفينة الفضاء، بدلاً من أن تنطلق بالطريقة التقليدية من سطح الأرض مباشرة؟أستاذ الهندسة الفيزيائيّة في جامعة يورك في تورونتو الكندية "برندان كوين"، هو صاحب الاختراع الذي قال عنه إنّ المصعد يتيح السفر إلى الفضاء بطريقة أكثر فعاليّة، وبكميّات أقلّ من الوقود الضروري لمقاومة الجاذبيّة والاحتكاك الجوّي. ما عاد تصورنا يرفض كل ما يقال عما هو أكبر من التصور في زمن لمسنا فيه خيالاتنا السابقة، ورأيناها تتحقق وتعاملنا معها حتى ألفناها وصارت جزءاً من حياتنا.ولربما، ونحن نكتب هذه المقالة، يكون هناك من يكتشف أو يخترع شيئاً لم يخطر ببالنا، وفي نفس الوقت قد يكون هناك من البشر من يطوع بعضاً مما وصلنا إليه ويطوره لفائدة أكبر وأعم للإنسانية.أصحاب الخيال والإبداع هؤلاء هم المميزون في الأرض، وهم الذين يستحقون منا الثناء، وأن نجعل سيرة حياتهم وما قدموة للإنسانية قدوة لأبنائنا، إن كنا نريد المشاركة فيما ينفع في الأرض!* كاتب فلسطيني - كندا
مقالات - اضافات
انتصار العقل!
05-09-2015