في إطار الانعطاف المفاجئ للموقف التركي، والتحولات الكبرى في السياسة الخارجية بعد استئناف العلاقات مع روسيا وإسرائيل، أعاد رئيس الوزراء بن علي يلدريم أمس تأكيد ضرورة تطوير "علاقات طيبة" مع دمشق، التي وافقت تحت ضغط موسكو على تشكيل حكومة موسعة برئاسة وزير الدفاع السابق العماد علي حبيب، نواتها ضباط الجيش الموالين والمنشقين عن الرئيس بشار الأسد.وفي تصريحات بثها التلفزيون الرسمي مباشرة، قال يلدريم: "سنوسع دائرة الصداقة. بدأنا في ذلك وطبّعنا العلاقات مع إسرائيل وروسيا. الآن أنا متأكد أننا سنطبّع العلاقات مع سورية. نحن في حاجة إلى ذلك"، مضيفاً أن كلاً من العراق وسورية في حاجة إلى "الاستقرار ليتسنى إنجاح جهود مكافحة الإرهاب، وأتوقع من القوى الأخرى في المنطقة وضع المنافسة جانباً، والتوقف عن تجاهل الإنسانية التي يجري تدميرها".
وشدد يلديريم، الذي لم يذكر جرائم الأسد ولم يجدد إصراره السابق على ضرورة رحيله قبل استعادة العلاقات الطبيعية، على أنه "لابد من إرساء الاستقرار في سورية والعراق، وهدف بناء علاقات جيدة معهم يعد ملحاً وضرورياً".
حكومة عسكرية
وفي وقت سابق، اعتبر يلدريم، خلال اجتماع لحزب العدالة والتنمية في أنقرة أمس الأول، أنه "ليست هناك أسباب كثيرة" للدخول في خلاف مع أي من الدول في محيط تركيا، بما في ذلك سورية ومصر، لكنّ هناك أسبابا كثيرة لدفع العلاقات قدماً إلى الأمام، متعهداً بأن أنقرة "ستعمل من الآن فصاعدا على تعزيز الصداقة مع كل الدول في محيط البحر الأوسط والمتوسط، وستحاول تقليل الخلافات".وفي تطور لافت، نقل "أورينت نت" عن مصادر عربية أمس عن بدء وزير الدفاع السوري السابق العماد علي حبيب، الذي حظي باستقبال رسمي لدى وصوله إلى أنقرة قبل يومين قادماً من باريس، مشاورات مع القيادة العسكرية التركية، لتشكيل حكومة عسكرية موسعة برئاسته وبمشاركة عدد كبير من ضباط النظام والضباط المنشقين، بالإضافة إلى إنشاء نواة موسعة لجيش وطني، يتألف من عشرة آلاف فرد كمرحلة أولى يتم تدريبها في معسكرات تحظى بحراسة شديدة في الأردن وتركيا.ثمار المصالحة
وبحسب الخطة، التي تعتبر أولى ثمار المصالحة بين موسكو وأنقرة، ستنضم إلى "الجيش الوطني" فصائل عسكرية تابعة للجيش الحر، ليس كمنظمات، ولكن كأفراد يجري استيعابهم في إطار الجيش الوطني.وكشفت المصادر أن روسيا كلفت مصر بمتابعة ملف "الحكومة العسكرية"، حيث انعقد بالفعل مؤتمر موسع في القاهرة في شهر ديسمبر الماضي حضره أكثر من 40 ضابطاً من رتب عالية، بدون حبيب العلوي، الذي يحظى بثقة واشنطن منذ عملية تحرير الكويت عام 1991 رغم هامشية دور دمشق فيها، ولكن المصالحة مع تركيا نجحت في نقل الملف إلى أنقرة.حصار طويل
وعلى الأرض، أكد رئيس المجلس المحلي لمدينة حلب بريتا حج حسن أن مناطق المعارضة في حلب قامت بتخزين إمدادات أساسية من الطحين والقمح والوقود والسكر والأرز تكفي لأشهر، مع تقدم قوات النظام بدعم من حلفائها في "حزب الله" والغارات الروسية، لتصبح على بعد مئات من الأمتار من طريق الكاستيلو المنفذ الوحيد لمئات الآلاف إلى العالم الخارجي.أوضح حسن أن سلطات المعارضة تسعى في ظل الارتفاع الكبير في الأسعار لترشيد الاستهلاك، ومنع اكتناز السلع وضبط الأسعار لمنع التجار من زيادتها، مشيراً إلى أنها تتحرك أيضاً لفتح "طرق بديلة" إلى مناطق سيطرتها في المدينة، التي أكدت الأمم المتحدة أمس أنها ومنظمات إغاثة أخرى وضعت لديها ما يكفي لإطعام 145 ألف شخص مدة شهر واحد.وبعد محاولتين فاشلتين لفتح الكاستيلو، استعادت فصائل حلب فجر أمس مواقع في منطقة الملاح، ودمرت مدفع فوزديكا ودبابة في المنطقة الصناعية الأولى، ودبابة على أطراف تلة المياسات، وتدمير جرافة في الشيخ سعيد بعد استهدافها بصاروخ "فاكوت".وفي إدلب، أفاد المرصد السوري بمقتل 11 مدنياً على الأقل بينهم ثلاثة أطفال أمس من جراء غارات نفذتها طائرات لم يتضح إذا كانت سورية أم روسية، على مدينة أريحا.انتقام وتنسيق
وفي حين فضّل عدم الحديث عن "عملية الانتقام" لإسقاط مروحيته القتالية قرب تدمر ومقتل طاقمها، أكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أمس أن غارات قاذفات "تو-22 إم3"، التي عادت من جديد للقصف بعد قرار سحبها واستهدفت أمس الأول مواقع لتنظيم "داعش" ودمرت معسكراً ميدانياً كبيراً و3 مخازن أسلحة وذخائر، "تأتي في إطار العملية المستمرة في سورية".وأشار بيسكوف إلى أن الرئيس فلاديمير بوتين سيستقبل وزير الخارجية الأميركي جون كيري بعد ظهر اليوم، وستركز محادثاتهما على أزمتي سورية وأوكرانيا، مبيناً أن وزير الخارجية سيرغي لافروف سيحضر اللقاء أيضاً، إذ سيطلع الوزيران الرئيس الروسي على نتائج محادثاتهما الثنائية التي ستجري قبل ذلك.ووفق صحيفة "واشنطن بوست" فإن كيري سيقترح على موسكو تبادل المعلومات الاستخباراتية والعملياتية حول سورية، وسيطالبها بالضغط على دمشق لتتخلى عن قصف مواقع تابعة للمعارضة وإجراء عمليات إنسانية وعمليات إجلاء.