قراءة في قانون الرياضة 34 لعام 2016

«الصوت الواحد» يرسخ لشق الصف وتمزيق المجتمع

نشر في 14-07-2016
آخر تحديث 14-07-2016 | 00:09
No Image Caption
اعتمد قانون الرياضة الجديد ونُشِر في الجريدة الرسمية، و«الجريدة» تقوم بدورها بقراءة بعض المواد المعيبة فيه، وفي مقدمتها المادة 10 مكرر «الصوت الواحد» وهي المادة التي شُرِّعت تصفيةً للحسابات بسبب الخلافات بين أبناء الأسرة.
من المؤكد أن لجميع القوانين، سواء في الكويت أو غيرها من دول العالم، إيجابياتها وسلبياتها، ونادراً ما يكون لقانونٍ ما مواد كلها إيجابي أو كلها سلبي.

"الجريدة" بدورها تلقي الضوء على بعض مواد القانون رقم 34 لعام 2016 المعدل لبعض مواد القانون 42 لعام 1978 بشأن الهيئات الرياضية، والذي نُشِر في الجريدة الرسمية أمس الأول بعد اعتماده من مجلس الوزراء، وأثارت بعض مواده جدلاً واسعاً في الشارع الرياضي، حيث وجه إليها البعض مبكراً أصابع النقد، بينما أشاد بها آخرون.

ومن نافلة القول تأكيد أن إعادة بسط يد الدولة على الرياضة كانت واجباً وأن التنازل السابق الذي تم بناء على الضغوطات الدولية والخضوع لإرادة الهيئات الرياضية الراعية للفساد، وعلى رأسها اللجنة الأولمبية الدولية من خلال القانون 26 لسنة 2012 السيئ الذكر، كان خطأ يجب أن يصحح، لاسيما أن هذه الهيئات تغض الطرف عن الكثير مما تدعيه من تعارض وتجاوز على اللوائح من الدول الأخرى.

ورغم الاعتراف بحق الدولة في الإشراف على إدارة الرياضة فيجب ألا يكون ذلك عذراً للزج بتعديلات ومواد ضررها أكبر من فوائدها، والبداية ستكون بالمادة "10 مكرر" من القانون الخاصة بإجراء انتخابات الأندية وفقاً لـ"الصوت الواحد"، فهناك مبدأ يتفق عليه الجميع، وهو أن القوانين لا يجوز تعديلها وفقاً للمزاجية ومحاولات الاستقطاب والخلافات بين أبناء الأسرة الحاكمة أو غيرهم، ومن ثم استخدامها لتصفية الحسابات، لا يمكن قبول أن يكون المواطنون بصفة عامة والرياضيون بشكل خاص وقوداً لمعركة حامية الوطيس لا ناقة لهم فيها ولا جمل، بل إنهم ليسوا طرفاً فيها من الأساس، فالقوانين يتم تشريعها لخدمة المجتمع والمواطنين والرياضيين، لا للانتقام من الآخرين أو استخدامها لسيطرة طرف على حساب آخر.

كما أن قانون "الصوت الواحد" يرسخ لمبدأ شق الصف وشق وحدة المجتمع، فضلاً عن اثارته لـ"النعرات" الطبقية والطائفية بين الجميع، وبالتالي لا يمكننا إلا تأكيد أن سلبياته أكثر بكثير من إيجابياته، وليس أدل على ذلك مما يعانيه مجلس الأمة بالإضافة إلى الجمعيات التعاونية، من مشاكل تعصف بها بسبب هذا القانون.

كان الأولى بالمشرعين والحكومة، على حد سواء، دراسة آثار تجربة "الصوت الواحد" التي لم تكتمل حتى الآن في مجلس الأمة قبل تعميمها.

أما القول بأن هذا القانون سيجلب إلى الرياضة الكفاءات فأمر مردود عليه بأنه لم ولن يضمن جلب الكفاءات، بل قد يجلب الأقل كفاءة والذين يمتلكون عدداً معيناً من الأصوات في الجمعية العمومية، تضمن لهم اجتياز الانتخابات بنجاح، مقابل الإطاحة بالكفاءات التي تحتاج إليها الرياضة بشدة.

وقانون "الصوت الواحد" تحديداً أثار جدلاً واسعاً فيما يخص استقرار واستمرار مجالس الإدارات وعملها على الرقي بالأندية والدفع بها إلى الأمام، خصوصا أن مجالس الإدارات الحالية شهدت خلافات وانشقاقات وانقسامات عديدة فيما بينها، رغم أن أغلب أعضاء هذه المجالس نجحوا في الانتخابات السابقة بعد ترشحهم على قائمة واحدة، وفي المقابل فإن نادياً مثل التضامن بلغت الخلافات فيه أشدها، وبالتالي لم يكن هناك بد من حل مجلس إدارته بعد نجاح 6 أعضاء من قائمة و5 من أخرى!

باختصار شديدة، من الصعوبة بمكان ضمان استمرار مجلس إدارة حتى انتهاء مدته القانونية وفقا لنظام الصوت الواحد، الذي سيجلب أعضاء غير متفاهمين أو متجانسين على الأرجح.

6 أشهر كافية

أما المادة 12 التي تمنح الجمعيات العمومية والوزير المختص حق إقالة مجالس إدارات الأندية والاتحادات بقرار مسبب إذا ما حدثت أخطاء جسيمة، فكان من المستحسن لها أن تغير مدة تعيين الإدارات المؤقتة من سنة مقسمة على فترتين، كل منهما 6 أشهر، إلى 6 أشهر مقسمة على فترتين، بواقع 3 أشهر لكل منهما.

فالأصل في القوانين تشجيع المبادئ الديمقراطية، وعلى رأسها جلب مجالس إدارات للأندية والاتحادات وفقا للانتخابات لا التعيين، أما التعيين فيكون لتصحيح الأوضاع في حال ارتكاب المجلس المنتخب أخطاء مالية وإدارية، وتصحيح الأخطاء وإعادة الأمور إلى نصابها لا يحتاجان إلى أكثر من 3 أشهر أو حتى 6 على الأكثر، بينما استمرار المجالس المعينة مدة قد تصل إلى عام فأمر غير مستحسن.

وهذا بالتأكيد لا يعني رفض التعيين بشكل كامل، خصوصاً أنه متبع في كثير من الدول، إلا أن ذلك لا يعني اعتماده كمبدأ، فالأصل هو الانتخابات والاختيار العام، أما التعيين والاختيار وفق الرؤى الخاصة فيجب أن يتم في اضيق الحدود.

المادة 30 وقانون الزنزانة

في المقابل، وجه البعض انتقادات بالجملة إلى المادة 30 من القانون بحجة إصدار عقوبات للمخالفين تصل إلى السجن والغرامة المالية أو كليهما معا، ووصل الأمر إلى تسمية هذا القانون بـ"قانون الزنزانة" نظراً لوجود هذه المادة، غير أن تلك الانتقادات ليست منطقية بالمرة، لاسيما أن العقوبات توقع على مخالفي القانون، لا من يطبقونه، كما أنه من البدهي تطبيق مبدأ الثواب والعقاب في كل مناحي الحياة، فمن يخطئ لابد أن يعاقب، وأي قانون في العالم يتضمن مواد رادعة للمخالفين!

الغريب في الأمر أن القانون 26 لعام 2012 الذي تم تشريعه تحت إشراف الشيخ أحمد الفهد تضمن نفس المادة بنفس العقوبات دون تغيير يذكر سوى إضافة تعديلات في بعض المخالفات، ومع ذلك لم توجه إليه انتقادات ولم يصفه أحد بـ"قانون الزنزانة"، كما هو الحال راهناً، وهو ما يؤكد سعي البعض إلى تشريع قوانين تتماشى مع مصالحهم الشخصية، بل قد يصل الأمر إلى تفصيل قوانين وفقاً لهواهم وحالتهم النفسية!

المادة 29 ما زالت معيبة

ورغم تدارك بعض أعضاء مجلس الأمة خطأ جسيماً في نص المادة 29، يتمثل في صفة نهائية قرارات الوزير المختص، وهو ما يعني منع حق التقاضي، واضعين حق اللجوء إلى الجهات القضائية كشرط واجب، فإن هذه المادة في مجملها محل عيب وينبغي إعادة النظر فيها، لاسيما أنه ليس منطقياً أن يمنح الوزير المختص، والذي يحل مجلس إدارة الهيئة محله، حق الفصل في الخلافات، خصوصا أن الوزير يترأس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة، كما يرشح لمجلس الوزراء أعضاء مجلس الإدارة المعينين من غير ممثلي الهيئات الحكومية، وهو ما يضع هؤلاء تحت ضغوط تمرير رغبات الوزير، ليصبح من البدهي تحكمه في مقاليد الأمور وإصدار ما يريد من قرارات أياً كانت!

البعض وصف المادة 30 بأنها «قانون الزنزانة» رغم وجودها بنفس الصيغة والعقوبات في القانون 26 لعام 2012 الذي أشرف عليه أحمد الفهد
back to top