دارين حمزة: جمال سليمان ممثل محترف ومثقف
شاركت الممثلة اللبنانية دارين حمزة في ثلاثة مسلسلات رمضانية، فكسبت تعاطف الجمهور مع شخصية {رحيل} الطيّبة والقديّسة في {أحمد وكريستينا} (كتابة كلوديا مرشليان، إخراج سمير حبشي، إنتاج مروى غروب)، ولاقت استحساناً في دور{جومانة} العاشقة في {العراب نادي الشرق} للمخرج حاتم علي وإنتاج أبو ظبي، كذلك شاركت في بطولة {بيروت واو} للكاتب والمخرج فادي ناصر الدين، إنتاج {آرتريب}.عن أعمالها الرمضانية ونجاحها السينمائي تحدثت إلى {الجريدة}.
أي من شخصياتك الثلاث الأكثر تأثيراً لدى الجمهور؟شخصية «رحيل»، لأنني تلقيت تعليقات إيجابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فرغم أنها إمرأة بسيطة إلا أن موقعها جميل، كونها وديعة وخلوقة، ما أكسبها محبّة الجمهور وتعاطفه، هي التي نذرت حياتها لخدمة الكنيسة والعذراء مريم وتضرّعت إليها لتنجب طفلا، فتحققت أمنيتها وحملت.لماذا تفاعل الجمهور معها إلى هذا الحدّ؟لم نعد نرى مثل هذه الشخصيات البسيطة والطيّبة في الأعمال الدرامية الراهنة، لذا تقبّل الجمهور موقفها الرافض لعلاقة كريستينا بأحمد، خصوصاً أنها تمثّل ذهنية المجتمع اللبناني في تلك الفترة من الزمن.قدّمت أدواراً متناقضة في أعمالك الرمضانية، كيف تختارينها؟أختار دائماً أدواراً جديدة لم أقدّمها سابقاً، خصوصاً إذا كنت أؤدي أكثر من دور في الوقت نفسه عبر الشاشة، على عكس ممثلين آخرين، يختارون دائماً أدواراً متشابهة ويقدمون الأداء نفسه، شكلا ومضموناً، فلا نستطيع تمييز شخصياتهم بين عمل وآخر. برأيي عندما نختار المشاركة في عملين متزامنين، يجب أن يكون الدوران متناقضين وإلا نضرب صورتنا المهنية.أديتِ دور «رحيل» امرأة بريئة ودور «جومانة» امرأة جريئة وتميّزت في الاثنين، هل هذا دليل حرفية؟صحيح، لأن الاحتراف هو قدرة الممثل على تجسيد شخصيات مختلفة، ينطلق بها من الصفر ويصقلها حتى يصدّقها الجمهور ويقتنع بها.هل تختبرين، من خلال هذه الشخصيات المتنوعة، ما لا يمكن أن تكونيه في الواقع؟أنجذب أولا إلى الشخصيات التي لم أؤدها سابقاً، وثانياً إلى تلك التي تحمل رسائل هادفة غير سطحية مثل «بتول» في مسلسل الغالبون أو «رحيل» في «أحمد وكريستينا» أو دوري كإمرأة معنّفة في «بيترويت»، إنما يصعب توافر هذا النوع دائماً، للأسف. كذلك أنجذب إلى شخصية بعيدة عنّي في الواقع كونها تشكل تحدياً معيّناً بالنسبة إليّ.ما الذي يحفزّك على قبول دور ليس في موقع البطولة الأولى؟صحيح أنني أؤدي بطولة سينمائية، إلا أنني أغيب عن هذا الموقع درامياً بسبب رفضي أدوار البطولة التي تُعرض عليّ أحياناً، وتكون سخيفة وسطحية وغير مركّبة ولا تحمل رسائل إجتماعية. ثم أفضّل المشاركة في أدوار رمضانية ثانوية بدل التفرّغ لدور بطولة درامية واحد يأتي على حساب بطولة سينمائية. أتمنى أن أجد دوراً درامياً جميلا كامل الأوصاف.كيف تصفين التجربة مع جمال سليمان في «العراب نادي الشرق»؟لا يحتاج إلى شهادتي لأنه ممثل محترف ونجم مثقف، لذا تكون المشاركة معه ممتعة. بصراحة كلما خبرنا العمل مع ممثلين محترفين سوريين ومصريين اكتشفنا مدى تواضعهم واحترامهم للآخرين. عندما شاركت في «خطوط حمراء» مع أحمد السقا لمست هذا التواضع والاحترام المتبادل أيضاً ما يفرحني كثيراً. أحياناً نتعرّف على أشخاص نحبهم أساساً فنكتشف أنهم متكبّرون، فيما نفاجأ بآخرين لا نتوقّع أن يكونوا متواضعين ومتصالحين مع نفسهم، فنحبّهم أكثر.هل هي المشاركة الأولى أمام عدسة المخرج حاتم علي؟تواصلنا هاتفياً سابقاً لكنني أقف للمرة الأولى أمام عدسته. كانت تجربة جميلة جداً لأنه هادئ ودقيق ومحترف ما يشعر الممثل براحة في العمل.ما الإضافة التي حقتتها في «بيروت واو»؟أحببت هذا المسلسل لأن كاتبه فادي ناصر الدين ومخرجه قدّم عملا درامياً لبنانياً جديداً من نوعه، يحكي قصة حبّ تجمع بين شخصين في بيروت التي تشهد حرق دواليب وتظاهرات. فنرى من خلال هذا العمل فوضى الحياة فيها وشوارعها وناسها، وواقعية الحياة في وطننا، بدلا من السيارات الفخمة والفيلات التي تُصوّر في الأعمال الراهنة والبعيدة عن طبيعة مجتمعنا وحقيقته. نجح السوريون والمصريون وسبقونا في نوعية أعمالهم، لأنهم صوّروا واقعهم على عكسنا. للأسف لم يُعرض على أي محطة محلية بل عبر «العربي» فحسب.ثمة فارق شاسع بين إنتاجي «أحمد وكريستينا» و{العراب نادي الشرق»، كيف ينعكس ذلك على أدائكم وحضوركم؟من الطبيعي أن يشعر الممثل براحة أكبر عندما يكون الإنتاج أضخم، إلا أن ذلك لا يحول دون استعدادي التام لدوري، بغض النظر عما إذا كان إنتاجاً محلياً أو عربياً، لأنني أحترم الشخصية التي أؤديها، وما كنت لأختارها لو لم أحبّها. صحيح أن الظروف كانت أصعب في «أحمد وكريستينا»، إلا أنني حين أشارك في عمل لبناني أعرف سلفاً مستوى إنتاجه، لكنني من خلال هذه المشاركة أدعم الدراما اللبنانية.ما الذي حفّزك على المشاركة في «أحمد وكريستينا» إضافة إلى نوعية دورك؟ توّلي سمير حبشي إخراجه، فهو مهني جداً ومحترف ويستطيع تحويل الحجر إلى مشهدية خلاّقة، ومعه أتأكد من نتيجة العمل. برأيي ليس كل من صرف أموالا طائلة على إنتاجه نجح هذا العام، والدليل منافسة «أحمد وكريستينا» رغم تواضعه الإنتاجي أمام الأعمال الضخمة.ما عناصر القوة في «أحمد وكريستينا» التي جعلته يتميّز عن سواه؟تميّز أولا بإبداع المخرج سمير حبشي، فضلا عن نوعيّة الكاست الأساس في العمل، موضوعه الذي ينقل الواقع الطائفي السائد في لبنان، لكنه يُظهر أيضاً أن الحبّ يوّحد في ظل التطرّف الذي نشهده في العالم العربي. إلى ذلك يفتقد الجمهور في المسلسلات الراهنة الطبيعة اللبنانية الحقيقية والجميلة والمساحات الواسعة الخضراء في قرانا، والتراث القديم والتقاليد الاجتماعية الجميلة التي رآها في «أحمد وكريستينا». برأيي مل الجمهور الخلطات العربية غير المنطقية لأم مصرية وأب سوري وابن لبناني.لكن هذه الخلطات حققت نجاحاً في إنطلاقتها.أعتقد أنها فقدت جماهيريتها إذ لم يعد الجمهور يصدّق خلطتها، والدليل نجاح الأعمال المحلية الصرف هذا العام على حساب الأعمال المشتركة التي لم تلق رواجاً.تركزين اهتمامك على المشاركة المحلية رغم انتشارك في سورية ومصر.أنا لبنانية لذا يهمني أن تقوى الدراما اللبنانية وتتطوّر، خصوصاً في الوقت الراهن لأنها أمام فرصة ذهبية يجب الاستفادة منها وأن نساهم نحن في ذلك.نشاطك الدرامي المحلي الأخير ملفت.أحاول ألا أغيب خصوصاً إذا أحببت الشخصيات المعروضة عليّ، إنما تبقى السينما الأولوية بالنسبة إليّ. ثم لم أكن غائبة مصرياً وسورياً، لكنني غبت محلياً لأنني ندمت على بعض الأعمال، ما أفقدني حماستي للمشاركة، إنما راهناً يدفعني التطوّر الدرامي إلى المشاركة.هل فرضت الأعمال العربية المشتركة معايير جديدة في اختيار الممثلين؟لم يعرف المنتجون اللبنانيون سابقاً كيفية صناعة النجوم، أسوة بالسوريين والمصريين، إنما تغيّرت المعادلة راهناً وباتوا يدركون كيفية تسويق الأعمال. فضلا عن أن اللبنانيين يستفيدون من توافر نجوم عرب في لبنان كونهم يشاركون في أعمال محلية ما يسهّل التسويق في الخارج، كذلك يستفيد السوريون من تصوير أعمالهم هنا.كيف يحافظ الممثل اللبناني على تميّزه في ظل هذا الخليط العربي؟يجب أن يكون خياره للأدوار صحيحاً وأداؤه محترفاً، لئلا يملّ الجمهور من تكرار أدواره، خصوصاً أن ثمة ممثلين لا يعرفون كيفية الخروج من شخصية معيّنة فيستحضرونها في كل عمل يشاركون فيه.هل تحوّل التنافس بين الممثلين من الإطار المحلي إلى العربي الشامل؟طبعاً، بفضل هذا التشابك والتقاء الممثلين في الأعمال نفسها أو في أعمال متزامنة.حضور في السينما• هل تحضّرين أعمالا سينمائية جديدة؟سيُعرض الفيلم اللبناني «بالحلال» هذا العام، كتابة أسد فولدكار وإخراجه، إنتاج ألماني وإنتاج مشترك لبناني مع شركة الصبّاح، كذلك سيشارك في مهرجانات أوروبية. أؤدي بطولته إلى جانب مجموعة من الممثلين ويتناول مشكلات زوجيّة تواجه ثنائيات ثلاث، فيكون الحل «بالحلال».إلى ذلك ننطلق بعد شهر ونصف الشهر في تصوير فيلم تشاركنا في إعداده طارق شدياق وأنا، ينفذه مخرج فرنسي، أؤدي فيه دور البطولة ويضم ممثلين قديرين، على أن يرى النور العام المقبل.• هل تألقك السينمائي نقطة تميّزك عن سائر الممثلات، خصوصاً أن السينما تفضح الجماهيرية وحرفية الأداء؟بتجرّد، يتم اختياري لأنني متخصصة في السينما والمسرح ولدي خبرة بفضل مشاركتي في أفلام إيرانية ولبنانية. وهذا أمر مهمّ عندما تكون ثمة مشاركة إنتاجية أوروبية في صناعة الفيلم، أو يكون معدّا للعرض في مهرجان سينمائي أوروبي، لأنهم يولون أهمية لسيرة الممثل وخبرته والتنوع الذي حققه في أعماله، وما إذا كان متخصصاً في السينما ويملك ثقافة سينمائية ويفهم تقنياتها. هذه معايير متوافرة لديّ وتشّكل نقاط قوّتي المهنية إضافة إلى الموهبة والشكل.• لكن هذه المعايير مختلفة في لبنان.ثمة فوضى في لبنان ومحسوبيات، يولون أهمية لمن يحمل جوائز معيّنة حتى لو لم يسمع أحد به في الخارج. في حين أن الأوروبيين لا يعترفون أساساً بتلك الجوائز ولا ينظرون إليها كمعيار لحرفيّة الممثل.• هل تلمسين نية فعلية في رفع مستويي الدراما والسينما في لبنان؟طبعاً، فثمة من يسعى إلى تحقيق ذلك فيما لا يزال آخرون يعملون وفق ما يرضي الجمهور فحسب. إنما هذا الواقع سيتغيّر لأن الجمهور يتابع قنوات فضائية ومحلية على حد سواء ويقارن بينها، بالتالي لم يعد ممكناً خداعه مثل السابق.