أقدم مسلحون الأربعاء على خطف 18 موظفاً وعاملاً تركيا من موقع بناء ملعب لكرة القدم في شرق بغداد، في عملية لم يتضح منفذوها أو دوافعهم.

Ad

وهي المرة الثالثة يتعرض مواطنون أتراك للخطف في العراق خلال الأشهر الـ 18 الأخيرةـ، وفي حين كانت عمليتا الخطف السابقتين في مناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية، وقعت عملية الأربعاء في منطقة تتمتع فيها الفصائل الشيعية المسلحة الموالية للحكومة، بنفوذ واسع.

وقال ضابط في الشرطة العراقية برتبة عقيد لوكالة فرانس برس أن مسلحين مجهولين يرتدون ملابس سوداء ويستقلون شاحنات صغيرة من نوع "بيك اب"، قاموا صباح اليوم بخطف العمال الأتراك من موقع لبناء ملعب لكرة القدم تتولاه شركة تركية، في حي الحبيبية بمدينة الصدر في شمال بغداد.

وأكد نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتلموش للصحافيين على أن "18 من مواطنينا خطفوا صباح اليوم في بغداد ونحن على تعاون وثيق مع السلطات في هذا الشأن"، معرباً عن أمله بانتهاء القضية "بشكل ايجابي".

وأوضح الناطق باسم وزارة الخارجية التركية تانجو بيلغيتش في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الأناضول التركية، "أبلغنا بأن العمال الأتراك فصلوا عن الذين يحملون جنسيات أخرى عند الخطف واستهدفوا بالتحديد".

وأشار إلى أن المخطوفين هم 14 عاملاً وثلاثة مهندسين ومحاسب، يعملون لصالح مجموعة نورول التركية التي تتولى بناء الملعب.

ورداً على سؤال لفرانس برس، أكدت المجموعة على أنها لم تتلق أي طلب فدية، وقال مسؤول فيها فضل عدم كشف اسمه "لم نتلق أي طلب بأي شكل".

ونورول مجموعة صناعية تعمل خصوصاً في قطاع البناء والأشغال العامة، وكذلك في الطاقة والسياحة، وبحسب موقعها الالكتروني، فازت الشركة مطلع العام 2012 بعقد بناء ملعب تتسع مدرجاته لنحو 30 ألف مشجع، إضافة إلى فندق وميادين للتدريب.

ولم تحدد المصادر التركية أو العراقية هوية المسلحين أو دوافع الخطف.

وتنتشر على نطاق عريض عمليات الخطف في بغداد ومناطق عراقية أخرى، وقد تكون لطلب المال والفدية، أو لخلفيات سياسية أو طائفية.

وتعد مدينة الصدر معقلاً أساسياً لفصائل شيعية مسلحة تقاتل إلى جانب القوات الأمنية ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على مساحات واسعة من شمال العراق وغربه منذ هجوم كاسح في يونيو 2014.

وتتهم أنقرة بالتساهل عن أعمال التنظيم الذي يسيطر كذلك على مساحات واسعة في سورية، إلا أن الحكومة التركية أعطت مؤخراً الدول المشاركة في الائتلاف الدولي بقيادة واشنطن، الضوء الأخضر لاستخدام قاعدة انجرليك الجوية في جنوب تركيا، لاستهداف الجهاديين في سورية.

وأعلنت الخارجية التركية أن سلاح الجو التركي شن الجمعة أول غارة في إطار الائتلاف، على مواقع للتنظيم في سورية، كما شن الطيران التركي في الأسابيع الماضية، ضربات جوية مكثفة ضد مواقع في شمال العراق لحزب العمال الكردستاني الذي تعده أنقرة "ارهابياً".

وتعد عملية الخطف التي وقعت في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، الثالثة التي يتعرض لها مواطنون أتراك في العراق خلال عام ونصف العام.

فقد خطف 46 تركياُ من قنصلية بلادهم في مدينة الموصل "شمال" في يونيو 2014، بعيد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على المدينة، كما تعرض 30 سائق شاحنة تركياً على الأقل للخطف خلال الفترة نفسها.

وأفرج عن جميع المخطوفين بعد أشهر من ذلك.

وتعد تركيا شريكاً تجارياً رئيسياً للعراق، خصوصاً في مجال تصدير النفط من اقليم كردستان، وهو ما تنظر إليه الحكومة العراقية بتحفظ.

وشهدت العلاقات بين أنقرة وبغداد توتراً في الأعوام الماضية، لا سيما في عهد رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي (2006-2014)، خصوصاً بسبب علاقة أنقرة بإقليم كردستان، والموقف من النزاع السوري.

إلا أن العلاقات شهدت بعض التحسن منذ تسلم رئيس الوزراء حيدر العبادي منصبه الصيف الماضي، وتبادل مسؤولون الزيارات خلال الأشهر الماضية، وأبرزها زيارة العبادي لتركيا وزيارة نظيره أحمد داوود اوغلو بغداد.

وأعرب المسؤولون الأتراك خلال الزيارات عن دعمهم للعراق وقواته الأمنية في مواجهة الجهاديين الذين لا يزالون يسيطرون على مساحات واسعة.

ولجأت بغداد بشكل مكثف إلى الفصائل المسلحة لدعم قواتها في المعارك، بعد انهيار العديد من قطعات الجيش والشرطة في وجه هجوم العام الماضي، إلا أن تزايد نفوذ الفصائل يثير حفيظة أطراف عدة منها واشنطن ومنظمات حقوقية دولية تتهم بعض هذه الفصائل بالتورط في عمليات خطف وسرقة وأخرى ذات طبيعية مذهبية، والبقاء دون محاسبة.