الأمثلة على أشكال التعاون كثيرة وتتراوح بين الحديثة والقديمة، من بينها: أصالة و{فرقة وسط البلد» في «أنتيكة» وغيرها من الأغنيات، دنيا سمير غانم و{بوي باند» في «منظرة»، شيرين وجدي و{فرقة جيتارا» في «لفيت بلاد»، محمد محيي مع «بلاك تيما» في «الراوي»، مصطفى قمر مع «جيبسي كنجز» الإسبانية في «عايشين».

Ad

إفادة متبادلة

في تصريح لـ{الجريدة» يوضح الموسيقار حلمي بكر أن الطرفين يستفيدان من هذا التعاون، معتبراً أن للنجم مكانة ونجومية ولا يرغب في أن يتم سحب البساط من تحته، بل عليه أن يصعد أو يبحث عمّا يضمن له الاستمرار في نجوميته.

 يضيف أن هذه الدويتوهات لقيت قبولاً لدى المشاهد قديماً، لكن اليوم لا فائدة منها، لذا لم يحقق بعضها النجاح الذي كان متوقعاً له، من جهة أخرى يسعى فنانون معينون إلى تقديم دويتو مع فرقة أجنبية معتبرين أنهم يحققون بذلك هدفين: الأول التعاون مع فرقة شهيرة، والثاني الوصول إلى العالمية مع أن الأخيرة لا تتحقق بهذا التعاون.

يتابع أن الأهم تقديم أغنية جيدة تتردد على الألسن، «لم يعد ثمة شكل معين للغناء، والسائد ملّ الجمهور منه»، لافتاً إلى أن على الكبار والمشاهير الاهتمام بأغنياتهم التي يقدمونها أكثر من مواكبة العصر مع هذه الفرق.

يعتبر الموسيقار هاني شنودة أن هذا التعاون حتمي بين المطرب والفرقة، «وهو مكسب كبير للمطرب لأنه يمنحه فرصة لغناء لون وطعم آخر غير الذي اعتاد عليه، فضلا عن مساحة مختلفة للظهور تشبه طلّة الفرقة التي تشاركه الدويتو».

يضيف: «تكسب الفرقة الغنائية من وراء هذا التعاون أرضية من مستمعي المطرب الشهير، بعد التعرف على جمهور جديد، وتتميز هذه الدويتوهات بخروجها بشكل غير معتاد لا يتوقعه المستمع، لذا تحقق نسب استماع ومشاهدة».

يتابع: «أي تعاون فني هو مكسب على غرار أفلام الإنتاج المشترك مع دول أخرى، وثمة أفلام منها تشكل جزءًا من تاريخ السينما المصرية ما زلنا نتذكرها»، لافتاً إلى أنه لا يوجد ما يضمن استمرار الأغنية، «كلٌ حي إلى موعد، كذلك الأغنية كائن حي عندما يأتي آخر يعيد توزيعها وتقديمها قد تلقى القبول، وهكذا، وهو ما يسمى بإعادة الحياة، وفي كل مرة تكون أفضل من سابقتها».

فرصة للتجديد

توضح الناقدة الموسيقية د. ياسمين فراج أن المطرب يستفيد من طاقات الفرق الغنائية ويخرج من الصندوق الذي حبس داخله، إلى عالم آخر يعمل فيه بمبدأ «فريق العمل»، بعدما اعتاد الاهتمام بالغناء، فيما ثمة من يقوم بمهمة التلحين والتوزيع وكتابة الكلمات، كذلك يتعرف على جمهور خاص هو جمهور الفرق الغنائية.

تختصر هذا التعاون باعتباره فرصة لتجديد دم المطربين من خلال الشباب، مشيرة إلى أن الفرق تستفيد من نجومية المطرب، وفي النهاية الجمهور هو الذي يمنح النجاح لهذه الدويتوهات أو العكس.

بدوره يوضح الناقد الموسيقي أشرف عبد المنعم أنه بعد ثورة 25 يناير 2011 ظهرت تغيرات من بينها الفرق الغنائية التي ساعدت الشباب في التعبير عن أفكارهم ليس السياسية فحسب، بل الاجتماعية وغيرها، وإيصالها بسهولة.

يضيف: «استمر الوضع على هذا النحو حتى أصبح مطربو ما قبل الثورة يفتقدون إلى شعبيتهم بعدها، واكتشفوا القوة في المطربين الشباب من بينهم «وسط البلد، وبساطة، وبلاك تيما»، وغيرها من الفرق، ولجأ الكبار، بعد انخفاض نسبة الاستماع إليهم، إلى التعاون مع إحدى هذه الفرق».

يتابع أن المطربين الكبار أمثال أصالة وأنغام ومدحت صالح أغلقوا سوق الغناء عليهم وحدهم حتى قامت الثورة وحركت المياه الراكدة وظهرت الفرق الغنائية، عندها اكتشف المطربون أن نجم الفرق يتصاعد فرغبوا في الصعود معهم بعد ضرب سوق الكاسيت والـ «سي دي» بفعل القرصنة، لضمان استمرارية النجومية، إذ يصعب على مطرب كبير مثلهم أن يفقد نجوميته فجأة، بعدما تمتع بها طوال السنين الماضية، لذا كان عليه التفكير في حل سريع وقابل للتنفيذ ويجد قبولاً من متابعيه.

يرى أن من الخطر بمكان سحب النجومية من مطرب تمتع بها فترة طويلة لصالح مجموعة شباب من الجيل الجديد، ومع تأييد الجمهور لهذا الجيل، لا يجد المطرب مفرا من استكمال مسيرته معه، ولكن بعد وضع بصمته عليه، والظهور في إطار جو الفرقة في الوقت نفسه.

يشير إلى أن المشكلة تكمن في أن المطرب يظن أنه صاحب فضل على شباب الفرقة، لكن ذلك ليس حقيقياً، «نجومية هؤلاء الشباب مستمرة ولا تتوقف سواء تعاونوا مع المطرب أم لا، بالعكس هو الذي يحتاجهم ومن دونهم لن يكون حاضراً على الساحة، على الأقل، كما كان قديماً، لذا أراد المطربون ركوب موجة نجاح الفرق الغنائية بهذه الدويتوهات التي تستخدم فيها كلمات ولغة مختلفة عن لغة المطربين الكبار التي انتهى زمنها منذ سنوات، لاسيما أن هؤلاء أصبحوا لا يعبرون عن القوة الشرائية في السوق وهم الشباب}.