بذلت الحكومة المصرية، في أعقاب ثورة يناير 2011، جهوداً كبيرة، لتحفيز الجماهير على الإدلاء بأصواتهم في الاستحقاقات الانتخابية، سواء في الاستفتاء على الدستور أو خلال الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية، حيث تم استخدام أسلوب الترهيب من المقاطعة، عبر إعلان غرامة مالية كورقة ضغط لدفع الجماهير إلى صناديق الاقتراع، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل، إذا ما قرر المصريون مقاطعة استحقاق انتخابي.

Ad

وبينما لم تكن الاستحقاقات السابقة، مثل انتخابات الرئاسة الأخيرة، مايو 2014، والاستفتاء على الدستور، ديسمبر 2013، بحاجة إلى إعلان الغرامة، نظرا لكبر حجم المشاركة، كان المستشار أيمن عباس رئيس اللجنة العُليا للانتخابات البرلمانية، التي تجرى جولة الإعادة فيها الاثنين المقبل، مضطراً إلى إعلان أن المادة 57 من قانون مباشرة الحقوق السياسية، تنص على أنه يعاقب بغرامة مالية لا تتجاوز 500 جنيه، من كان اسمه مقيداً في قاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في الانتخابات.

وبات واضحاً فشل ورقة الغرامة في تحقيق غايتها، بعد أن بلغت نسبة مشاركة الناخبين في المرحلة الأولى في مجلس النواب، التي جرت يومي 18 و19 أكتوبر الجاري في 14 محافظة 26.5 في المئة من إجمالي من يحق لهم التصويت والمقدر عددهم بأكثر من 27 مليون ناخب، وهي نسبة اعتبرها مراقبون "ضعيفة"، مقارنة بالانتخابات البرلمانية السابقة العام 2012 التي وصلت نسبة المشاركة فيها 64 في المئة.

الإعلان عن استخدام الغرامة وسيلة ضغط على الناخبين، بدأ منذ الاستفتاء على التعديلات الدستورية، التي جرت في مارس 2012، مروراً بالانتخابات الرئاسية، 2014، التي حققت نسب مشاركة مرتفعة.

أستاذ القانون الدستوري رمضان بطيخ، قال لـ"الجريدة" إن غرامة عدم تصويت الناخبين منصوص عليها في قانون مباشرة الحقوق السياسية، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنها تصطدم مع الدستور الذي يكفل للمواطن حرية الرأي والتعبير.

من جانبه، اعتبر عضو مجلس نقابة المحامين إيهاب البُلك، أن الدولة من حقها استخدام الوسائل التحفيزية التي تراها لدفع الناخبين إلى التصويت، في إطار تدعيم المشاركة الإيجابية والفعالة، لافتاً إلى أن ذلك لا يتعارض مع القانون، لكنه قال إن المشكلة الأساسية التي ستواجه الحكومة هي صعوبة تطبيق الغرامة عملياً، فمن المستحيل تحرير محاضر لملايين الناخبين الذين لم يدلوا بأصواتهم.