أكدت محكمة التمييز، في حكم بارز لها، أن عقود التورق التي تبرمها بعض الشركات الإسلامية، التي تحمل بيع سلع ومعادن، يجب أن يكون البيع حقيقيا، وليس صوريا، لافتة إلى أنه لا يمكن إلزام الأشخاص بسداد ما تتضمنه تلك العقود إن كانت صورية.

Ad

وألغت المحكمة، برئاسة المستشار يونس الياسين، حكم محكمة أول درجة، ومن بعدها الاستئناف بإلزام أحد الأشخاص، بسداد 1545055 دينارا، وقضت برفض الدعوى المقامة ضده من إحدى الشركات، بعدما انتهى تقرير إدارة الخبراء إلى أن عقد التورق المبرم مع الشركة، الذي نتج عنه السند الصادر بالمديونية صوري، ولم يكن حقيقيا، وفي ما يلي حيثيات الحكم:

من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع الأخذ بتقرير الخبير المنتدب، متى اطمأنت إليه، واقتنعت بصحة أسبابه، باعتباره عنصرا من عناصر الإثبات في الدعوى، إلا أن شرط ذلك، أن تكون أسبابه مؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها، وتصلح ردا على ما يثيره الخصوم من دفوع وأوجه دفاع جوهرية.

عقود صورية

وقالت المحكمة: «لما كان الحكم المطعون فيه قضى بإلزام الطاعن المواطن، بأن يؤدي للشركة المطعون ضدها قيمة السند الإذني، البالغ قدره 1545055 دينارا، مما خلص إليه من أنه يمثل قيمة بيع الأسهم المحرر عنها عقد البيع المؤرخ 10/ 1/ 2006، وعقدا التورق في 21/ 3/ 2007، 10/ 2/ 2008، وما انتهى إليه تقرير لجنة الخبراء، من صحة تلك العقود، في حين أنه تمسَّك في دفاعه أمام محكمة الموضوع، بدرجتيها، بصورية تلك العقود المبرمة بين طرفيها، وأنها لا تمثل بيعا حقيقيا، وأن الأسهم والسلع والمعادن محل تلك العقود لم يثبت نقل ملكيتها للطاعن على الحقيقة والواقع، وإذ التفت عن ذلك كله، وأخذ بتقرير لجنة الخبراء، الذي لم يتضمن ما يواجه هذا الدفاع الجوهري أو يصلح ردا عليه، فإنه يكون معيبا، بما يوجب تمييزه».

لجنة خبراء

وأضافت إنها قررت بتمييز الحكم المطعون فيه، وقبل الفصل في موضوع الاستئناف، بندب لجنة خبراء ثلاثية، لأداء المأمورية المبينة بمنطوق ذلك الحكم.

 وقد باشرت اللجنة أعمالها، وأودعت تقريرها، الذي انتهت فيه إلى نتيجة مؤادها..

(1) علاقة الطرفين بموجب عقدي تورق عند بضاعة (معادن) اشتراها المستأنف من الشركة المستأنف ضدها، لقاء المبلغ محل المطالبة.

(2) حرر عن تلك العلاقة السند الإذني المطالب بقيمته، وبجلسة المرافعة الأخيرة مثل طرفي التداعي كل بوكيل عنه (محاميه)، وقدم الحاضر عن المستأنف مذكرة بدفاعه، وعليه قررت المحكمة حجز الاستئناف للحكم لجلسة اليوم.

وقائع وأدلة

وقالت «التمييز» في حكمها إنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى، وتعرف حقيقتها من الوقائع والأدلة المعروضة عليها، وبحث ما يقدم فيها من الدلائل والموازنة بينها، والأخذ بما تطمئن إليه منها، وطرح ما عداه، واستخلاص ما تراه متفقا مع واقع الدعوى، من دون معقب، طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها.

الاطمئنان للتقرير

وأوضحت أن لها الأخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى، متى اطمأنت إليه، واقتنعت بصحة أسبابه، من دون أن تكون ملزمة بالرد، استقلالا على الطعون التي وجهت إليه، لأن في أخذها بهذا التقرير محمولا على أسبابه، ما يفيد بأنها لم تجد في تلك المطاعن ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير، كما أنها غير ملزمة بإعادة المأمورية إلى الخبير، متى رأت في تقريره ما يكفي، لتكون عقيدتها.

وبينت أنه لما كان ذلك، وكان تقرير لجنة الخبراء، سالف الإشارة، قد انتهى في تقريره إلى أن علاقة الطرفين، بموجب عقدي تورق، مقابل بضاعة اشتراها المستأنف (معادن)، حرر عنها السند الإذني المطالب بقيمته لم يتم تنفيذه، إذ إن الشركة البائغة لم تسلم المشتري (المستأنف) تلك البضاعة محل الاتفاق، وأنه غير مدين بالسند الإذني موضوع التداعي، فضلا عن أن الثابت في تقرير اللجنة، أن الأسهم التي تدعي الشركة المستأنف ضدها انتقال ملكيتها إلى المستأنف مرهونة لمصلحتها، وكانت المحكمة تطمئن إلى ما انتهى إليه تقرير لجنة الخبراء، لكفاية أبحاثه، وسلامة الأسس التي بُني عليها، والتي تؤدي إلى ما انتهى إليه، فإن المحكمة تأخذ بما انتهى إليه التقرير، من عدم مديونية المستأنف للشركة المستأنفة عليها، بالمبالغ محل المطالبة، باعتبار أن السند الإذني، ما هو إلا ضمان لعقد التورق.

وإذا خالف هذا الحكم المستأنف هذا النظر، وقضى بإلزام المستأنف إعادة الاستئناف للمرافعة، لعدم جديته، بأن يؤدي للمستأنف ضدها مبلغ 1545055 دينارا، قيمة السند الإذني، فإنه يكون معيبا، بما يتعيَّن إلغاؤه، والقضاء برفض الدعوى.