وجهت النيابة العامة تهماً خطيرة إلى ما يطلق عليها إعلاميا "خلية العبدلي"، من ضمنها "ارتكاب أفعال من شأنها المساس بوحدة وسلامة أراضي دولة الكويت، والسعي والتخابر مع جمهورية إيران الإسلامية، ومع جماعة "حزب الله" للقيام بأعمال عدائية ضد دولة الكويت من خلال جلب، وتجميع، وحيازة مفرقعات، ومدافع رشاشة، وأسلحة نارية، وذخائر، وأجهزة تنصت بغير ترخيص وبقصد ارتكاب الجرائم بواسطتها، فضلا عن تلقي تدريبات وتمرينات على حمل واستخدام المفرقعات، والأسلحة، والذخائر بقصد الاستعانة بها في تحقيق أغراض غير مشروعة...".

Ad

 تأكيد التهم أو نفيها، وتحديد نوع العقوبة الجنائية المناسبة ستقررهما المحكمة بما يتوافر أمامها من أدلة، وبراهين، وقرائن، ولكن القضية لا تنحصر في الشق الجنائي فقط، فهناك شق سياسي مهم أيضا ينبغي على الحكومة وجميع العناصر والجماعات السياسية التوقف أمامه وبحثه، واتخاذ قرار وموقف تجاهه، خصوصا أن كمية الأسلحة المضبوطة مع الخلية ونوعيتها تؤكدان أنها تريد الإضرار بأمن الوطن وسلامة مواطنيه.

 أضف إلى ذلك أن إشادة السفير الإيراني بقرار النائب العام عندما حظر الخوض في القضية أثناء تحقيقات النيابة العامة، ثم بيان السفارة الإيرانية، الخارج عن الأصول الدبلوماسية، الذي صدر بعد بيان النيابة العامة وردّت عليه وزارة الخارجية، يعتبران تدخلا إيرانيا سافرا في الشأن الداخلي، ويثيران الشكوك القوية بأن إيران وحزب الله لهما علاقة مع خلية العبدلي!

وفي السياق السياسي ذاته فإنه يتعين على الجميع شجب ما قامت به خلية العبدلي الإرهابية واستنكاره ورفضه، وتوجيه ذلك إلى عناصرها، وإلى من يؤيدها ويدافع عنها، فالطائفة الشيعية عموما ليست محل اتهام كي تدافع عن نفسها، وولاؤها الوطني ليس محل شك إطلاقا إلا في أذهان السفهاء، والمعتوهين، والطائفيين المتطرفين، ومنظومة الفساد المؤسسي والإفساد العام التي تريد خلط الأوراق وإشغال المواطنين في قضايا هامشية.

بكلمات أخرى فإن الموقف السياسي المُستحق الذي يستنكر ويرفض وجود خلية العبدلي، وما كانت تنوي القيام به من جرائم وأعمال إرهابية، أو الذي يدين التدخل الإيراني في شأننا الداخلي وارتباط الخلية تنظيميا وسياسيا بإيران و"حزب الله" ينبغي أن ينطلق، كما كان الموقف الشعبي الرائع أثناء تفجير مسجد الصادق، من حسّ وطني صادق مع الابتعاد كليا عن التعميم واللمز والغمز الطائفيين؛ لأن ذلك ليس إلا تكسبا سياسيا وانتخابيا رخيصاً، لن ينتج عنه سوى استقطابات طائفية حادة، ومدمّرة  للوطن، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه للتماسك الوطني الداخلي، فالأوضاع الإقليمية والدولية ملتهبة وغير مستقرة.

وكما ذكرنا بعد جريمة "داعش" النكراء في مسجد الصادق، فإن إرهاب الفاشية الدينية "سنيّة وشيعية" يستهدف وجودنا جميعا، دولةً ونظاماً وشعباً، والمسألة لم تعد تحتمل الطمطمة والنفاق وأنصاف الحلول، لذا من المفروض أن تقوم الحكومة، من دون تردد وإبطاء، بكشف الحقائق كاملة أمام الشعب، وإعادة النظر في النهج السياسي الحالي والسياسات السيئة المتبعة.