توتر غير مسبوق بين الشيعة والأكراد في العراق
«عقلاء النجف» طلبوا التهدئة... وحلفاء سليماني غاضبون على أربيل
لم يحتفل التيار الشيعي المتشدد في العراق بالنصر الرمزي الكبير الذي حققه الأكراد في بلدة سنجار مؤخراً غربي نينوى، وهو نصر يعرقل خطوط الإمداد بين الموصل والرقة، مدينتي «داعش» الرئيستين. فسنجار أول مدينة خارج كردستان العراق لم يحررها الحشد الشعبي الموالي لطهران، بل حررتها البيشمركة الكردية بدعم أميركي واضح. وفي أول تصريح له من البلدة التي ارتبطت بسبي النساء الأيزيديات، قال رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني إنه سيرفض رفع أي راية سوى علم الإقليم.
وبالنسبة للخبراء في الصراع الكردي الداخلي، فإنه كان يقصد رفضاً قاطعاً لرفع راية حزب العمال الكردستاني التركي الذي دخل المدينة من جهة الحدود السورية، وكان هذا يعني أن البرزاني رفض رفع راية موالية لجنرال حرس الثورة الإيراني قاسم سليماني، ما أدى في بغداد إلى غضب حلفاء سليماني وحلفاء نوري المالكي.وعبثاً حاول الأكراد أن يثبتوا أن البرزاني لم يقصد منع رفع علم العراق في البلدة المتنازع عليها بين العرب والأكراد، لأن الدعاية وخطاب التصعيد ملأا وسائل الإعلام طوال الأسبوع الماضي، بل شهدت بلدة تركمانية مهمة تقع جنوب كركوك وهي طوزخورماتو، أول اشتباك جدي بالأسلحة بين قوات شيعية وكردية منذ إطاحة صدام حسين عام 2003. ولوحظ أن التوتر بلغ حداً جعل المرجعية الدينية تطلق تحذيرها بشأنه. والمثير أن التصادم لم يحصل مع قوات البرزاني الذي يعارض سياسات إيران تقليدياً، بل مع قوات الاتحاد الوطني بزعامة جلال الطالباني المقرب تقليدياً من إيران والحريص على علاقات ودية جداً مع الشيعة.وبدا للحظة أن هناك خطة منسقة لتأجيج الأجواء بين الأكراد والشيعة؛ ففي وقت واحد تداولت وسائل الإعلام فيديوهات تظهر أكراداً يحرقون علم العراق، وعرباً يحرقون العلم الكردستاني، وبينما انطلقت دعوات تهدئة من رئيس الجمهورية العراقي فؤاد معصوم وهو كردي، ومرجعية النجف العليا وحلفائها الذين يمثلون الاتجاه المعتدل، ظلت محطات التلفزة الموالية للميليشيات الشيعية المتشددة تعيد ذكر البرزاني بوصفه أحد أعداء العراق، مع أن الاشتباكات مع الحشد الشعبي خاضتها قوات الطالباني لا البرزاني، في بلدة طوزخورماتو ذات الأغلبية التركمانية الشيعية.ويذكر خبراء في الشأن الشيعي أن حكومة حيدر العبادي غير راضية عن سلوك البيشمركة الكردية والحشد الشيعي جنوب كركوك، إلا أنها كانت أضعف من أن تتدخل لفض النزاع، ولذلك فإن مفاوضات التهدئة جرت بين المسلحين أنفسهم لا الجهات السياسية الحكومية!ويقول هؤلاء إن آخر ما يريده حزب الطالباني هو الاشتباك مع الشيعة، كما أن القيادات الشيعية لن تتورط في نزاع مكلف كهذا، وفي أرضٍ بعيدة نسبياً عن مناطق نفوذها الكبرى جنوب بغداد، إلا أن الجماعات المسلحة الموالية لطهران هي التي تتحرك بحماس ضد الأكراد، وبنحو يوحي بوجود صلة مع غضب طهران بسبب استيلاء أربيل وواشنطن على بلدة سنجار الحيوية جغرافياً، ما يؤشر إلى أن طهران لن تسكت عن محاولات الولايات المتحدة منع الحشد الشيعي من دخول المناطق السنية والمختلطة على طول الحدود السورية من الموصل شمالاً حتى الأنبار المحاذية للنجف.