الامم المتحدة تحذر من تجدد القتال في السودان مع تدهور الازمة الانسانية
حذرت الامم المتحدة الاربعاء من تجدد القتال في جنوب السودان بعد اربعة ايام من المعارك الدامية التي اجبرت الالاف على الفرار وادت الى اجلاء المواطنين الاجانب من البلاد.وتتزايد المخاوف من تفاقم الازمة الانسانية مع اعلان منظمات الاغاثة وجود نقص في الغذاء والماء، واضطرارها الى الحد من عملياتها بسبب الوضع الامني.ولكن يبدو ان وقف اطلاق النار لا يزال صامدا في جوبا عاصمة جنوب السودان لليوم الثاني على التوالي الاربعاء بعد الاشتباكات العنيفة التي اثارت مخاوف من عودة البلاد الى الحرب الاهلية الشاملة.
ومع استمرار صمت المدافع، اصدر رئيس جنوب السودان سلفا كير الاربعاء عفوا عن المقاتلين التابعين لنائبه رياك مشار والذين شاركوا في المعارك الاخيرة في العاصمة جوبا، بحسب بيان للرئاسة.وامر كير في البيان الذي حمل توقيعه "بمنح عفو للمتمردين السابقين الذين حملوا السلاح ضد حكومة الوحدة الوطنية بين الثامن والعاشر من تموز/يوليو، وذلك اعتبارا من 13 يوليو".الا ان الوضع لا يزال هشا، بحسب ما صرح هيرفيه لادسو المسؤول عن عمليات حفظ السلام الدولية.وقال "لا نزال نشعر بالقلق الشديد من احتمال استئناف اعمال العنف وانتشارها الى انحاء اخرى من البلاد كما شاهدنا في السابق".يتدافع الالاف من سكان جنوب السودان لعبور الحدود الى اوغندا، فيما قامت المانيا وايطاليا باجلاء مواطنيها وغيرهم من الاجانب.وقالت الامم المتحدة ان نحو 36 الف شخص فروا من منازلهم ولجأوا الى قواعد الامم المتحدة والكنائس ومقار منظمة اغاثة منذ اندلاع العنف الجمعة.وقال بيتر وولش مدير عمليات منظمة "انقذوا الاطفال" في جنوب السودان "الجثث ملقاة في الشوارع، والمتاجر نهبت، والاسواق اغلقت، والناس يصطفون للحصول على الطعام، العائلات تحاول يائسة مغادرة المدينة".وفي نيمولي، اقرب معبر حدودي على بعد 200 كلم جنوب جوبا، قال مسؤول وكالة اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان نحو 20 الف شخص يحاولون الوصول الى اوغندا.وقال الناجون الذين تمكنوا من الوصول الى اوغندا ان جنود جنوب السودان يمنعون الناس من عبور الحدود او ياخذون منهم ممتلكاتهم قبل السماح لهم بالعبور.وقالت ماري مودو (40 عاما) وهي ام لاربعة اطفال "لم يبق معي سوى اواني الطبخ والملابس التي ارتديها مع اطفالي مع غيار واحد لكل منهم، وحقيبة يدي".وتمكنت طائرات تجلي الاجانب من المغادرة من المطار الدولي رغم عدم استئناف الرحلات التجارية بعد. وخرج عدد اكبر من الناس الى شوارع العاصمة الواقعة على ضفاف النيل الابيض، الا ان غالبية السكان آثروا البقاء في منازلهم حفاظا على سلامتهم.وقال احد سكان المدينة طلب عدم الكشف عن اسمه "لم اسمع اي طلقات نارية اليوم. ولم اشاهد اي دبابة او مروحية ولكن هناك الكثير من الجنود ورجال الشرطة في الشوارع".وشكل تجدد اعمال العنف ضربة جديدة للاتفاق الذي ابرم العام الماضي لانهاء العنف الذي اندلع في كانون الاول/ديسمبر 2013 عندما اتهم الرئيس سلفا كير نائبه رياك مشار بمحاولة الانقلاب عليه.وكير هو من قبيلة الدنكا بينما مشار من قبيلة النوير، وادى النزاع الى انقسام البلاد على اسس اتنية.ومهد اتفاق تم التوصل اليه في اغسطس 2015 الطريق لعودة مشار الى العاصمة في اواخر نيسان/ابريل لتولي منصب نائب الرئيس مرة اخرى في ما يسمى بحكومة الوحدة.وسمح لمشار بالعودة مع نحو 1400 جندي من المتمردين السابقين المسلحين باسلحة خفيفة، ومن المقرر ان يحتفظ كير بنحو 3400 مسلح كحد اقصى مع "نزع سلاح" المدينة. الا انه خلال القتال الذي اندلع الاحد والاثنين استخدمت الدبابات والمروحيات القتالية والاسلحة المضادة للطائرات لقصف مواقع مشار.ولا يزال العدد الاجمالي للقتلى غير معروف، الا ان نحو 300 شخص قتلوا خلال ساعات قليلة الجمعة من بينهم اثنان من عناصر قوة حفظ السلام الاممية من الجنسية الصينية.وذكر اداما دينغ مستشار الامم المتحدة الخاص حول منع الابادة، ان بعض المدنيين" استهدفوا بناء على اصولهم الاتنية".واعتبرت رئيسة مفوضية الاتحاد الافريقي نكوسازانا دلاميني زوما الاربعاء ان الوضع في جنوب السودان "غير مقبول اطلاقا"، منددة بشدة بقادة هذا البلد.وتفاقمت النتائج الكارثية للحرب الاهلية على المدنيين بسبب القتال الاخير.والثلاثاء قالت ارثرين كازين، المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي، في عمان خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس ان "ثلاثة ارباع سكان جنوب السودان يحتاجون الى مساعدات انسانية".وحذرت من ان "المواجهات الأخيرة ستدفع الكثير من الاشخاص الى الجوع واليأس".وذكرت وكالات اغاثة في جوبا ان الوضع الانساني يتدهور بسبب نقص المياه والغذاء وارتفاع ثمنهما.بدوره قال يان ايغلاند الامين العام لمنظمة "مجلس اللاجئين النروجي" انه "اذا لم يصمد وقف اطلاق النار فان الوضع الانساني المتدهور حالياً سيصبح اسوأ على الارجح".واضاف "لا يمكننا ان نساعد جنوب السودان اذا لم يكن زعماء البلد مستعدين للعمل معا لبناء بلدهم".